درَّ لها خلفُ الغمامِ فسقى
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
درَّ لها خلفُ الغمامِ فسقى | ومدَّ منْ ظلٍّ عليها ما رقى |
ورابها ليلُ جمادى أْن ترى | منْ لهبِ الجوزاءِ يوماً محرقا |
فنهضتْ بسوقها ودرجتْ | كهلاً أثيثاً ومعينا غدقا |
حتَّى تخيَّلتُ رباها حوِّلتْ | بالخصبِ غدرا وحصاها ورقا |
لو جاءَ يعطي خبراً عنْ جنَّة ٍ | رائدها راعيها لصدقا |
خضنا بألحاظِ العيونِ طرقا | منها وأخفافُ المطيِّ طرقا |
ملجمة ٌ تركبُ منْ دهماءها | على متاعٍ منْ ضحاها غسقا |
تحبسنا صدورها والحبُّ في | أعجازها يجذبُ منء تعلَّقا |
كلُّ فتى ً يخلفُ وجهَ شمسها | غاربهُ حتَّى يعودَ المشرقا |
إذا المطايا لجأتْ ببوعها | إلى الوريدِ دعدعوها العنقا |
تعسُّفاً حتّى ينقِّي سوقها | طلابها أيَّامها على النَّقا |
تغنَّ بالجرعاءِ يا سائقها | فإنْ ونتْ شيئاً فزدها الأبرقا |
واغنَ عنِ السِّياطِ في أرجوزة ٍ | بحاجرٍ ترى لسِّهامَ المرَّقا |
واستقبلِ الرِّيحَ الصَّبا بخطمها | تجدْ سرى ً ما وجدتْ منطلقا |
إنَّ لها عندي الحمى وأهلهِ | إنْ حملتْ لعقاً وعلقاً |
والجانبِ الممنوع منْ وادي الغضا | هنَّأَ ما نقَّبَ أوْ ما عرَّقا |
كمْ بالغضا يا زفرتي على الغضا | منْ شافعٍ ردَّ وعهدٍ سرقا |
ونظرة ٍ للهِ منها حكمهُ | يومَ تخاصمِ القلوبَ الحدقا |
وطارحٍ للنَّكثِ يثني حبلهُ | حتَّى يكونَ الرُّمَّة َ الممزَّقا |
قدْ حبسوا ظبية َ هلاّ حبسوا | دمعاً إلى ذكرتها مستبقا |
وبردَ الليلُ على ما لفَّقوا | لكنهمْ لا يبردونَ لاحرقا |
أما وكانَ قسما أبرَّهُ | والظَّلمِ ما أشمَّ أو ما ذوَّقا |
والبانِ يحنو هذهِ لهذه | بالجيدِ حتَّى دنيا فاعتنقا |
وما سرى بينَ الغررِ والكرى | طيفٌ لها ردَّ الظَّلامَ قلقا |
خطفِ القلوب ثمَّ طارتْ شعبا | أضغاثهُ عنِّي وطاحتْ شققا |
فقمتُ أجلو لبسَ طرفي ويدي | أنفضُ رحلي وأقصُّ الطُّرقا |
ثمَّ وهمتْ أنْ بدراً زراني | فبتُّ لا أسألُ إلاَّ الأفقا |
لقدْ مشى الواشي على سمعي بها | في ضيّقِ الفجِّ زليقَ المرتقى |
شأنكَ لا يبري الجوى إلاَّ الّذي | أدوى ولا يفري سوى منْ خلقا |
قدْ عوَّذوا وعقدوا تمائمي | وأنقعُ السَّلوة َ راقٍ وسقى |
وما يعودُ الحولُ إلاَّ عادني | منها مسيسٌ لا يحلُّ بالرُّقى |
وليلة ٍ والحيُّ بعدُ لمْ يخفْ | أعينهمْ ولاالغيورَ المشفقا |
واللامزُ المرتابُ سلمٌ صدرهُ | وجارة ُ البيتِ التي لا تتَّقى |
قسمتها شكلانِ منْ وصالها | وعتبها بينَ النَّعيمِ والشقا |
ثمَّ افترقنا ومعي وثيقة ٌ | تقربُ ما بينَ الفراقُُ واللقا |
يا صاحبي وقولة ٍ مصمية ٍ | لا تفتحُ الألسنُ منها مغلقا |
يغني اللهاة َ رفعها وخفضها | حتّى يقالُ غلطاً أو سرِقا |
ترى البليغَ حولها مجمحما | يومَ تراهُ الأشدقَ المنطَّقا |
منْ أمّهاتِ الفضلِ أمّا نثرت | أو نظمتْ كانتْ لجوجا عنقا |
ركبتها أقتحمُ النَّادي بها | جامحة ً تفوتُ بي أنْ ألحقا |
تضحكُ بالمجري معي يريدها | ضحكَ الصِّناعِ بيمينِ أخرقا |
... ... ... ... ...نعيمها | ... ... ... ... ...ظهرها والعنقا |
منِ اللواتي تستصبُّ نحوها | نفسُ الوقورِ أوْ يكونُ الأنزقا |
لو راودتْ أشمطَ وفَّى مائة ً | يشو بقدسٍ وبصيفِ الأبلقا |
يعتجرُ الشَّملة َ حيطاناً إذا | قرَّ ويحتشُّ إذا ما استرزقا |
أهوى لها يأخذُ منْ عاجلها | أوبقه آجلها ما أسترزقا |
حملتُ عنها حرَّة ً كريمة ً | لوْ ألصقُ العارُ بها ما لصقا |
وصاحبٍ كالغلِّ باتَ منكبي | منْ ربقة ِ الودِّ بهِ مطوَقا |
أرمُّ منْ أخلاقهِ ملوَّنا | يصبغُ لي في كلِّ يومٍ خلقا |
تكثَّرتْ بعددٍ منْ أسرتي | نفسي فأصبحتُ المقلَّ المملقا |
وطوَّفتْ تسألُ في قبائلٍ | غريبة ٍ أينَ تكونًُ الأصدقا |
فما رأتْ إلاَّ النِّفاقَ مسدلاً | على المودَّاتِ وإلاَّ الملَّقا |
شمتُ الأنامَ خلَّباً إلا فتى | منَقيصرٍ أمطرَ لمَّا برقا |
أفرقَ رأسُ الدَّهرِ منْ جنوبهِ | بهِ وصحَّ رأيهُ وحقَّقا |
غنيتُ منهُ بأخٍ فداؤهُ | كلُّ أخٍ أصبحتُ منهُ مخفقا |
وملئتُ كفّي بهِ وأفضلتْ | جوهرة ً أمَّ شفوفٍ ونقا |
باعٍ لها الغوَّاصٌ ذاتَ نفسهِ | مغامراً لحبِّها معمِّقا |
يهوي بهِ الفقرُ ومنْ شعارهِ | إمّا الغنى ربَّ وأمَّا الغرقا |
ومجّهُ البحرُ فلو أبصرته | بها مضيَّاً ولها معتنقا |
ترى الحصى والرَّملَ في يمينه | كيفَ انتحى عيناً بها وورقا |
كرهتُ في المختارِ كلَّ حاسدٍ | يحسبُ في اجتماعنا التَّفرُّقا |
وبعتُ خلاَّني بهِ بيعَ فتى ً | يعلمُ أنَّ الرِّبحَ حيثُ صفقا |
عرَّفنيهِ خبرتي بغيرهِ | منْ جرَّبَ النَّاسَ درى وحذقا |
وصحَّ لي بعدَ رجالٍ مرضوا | وكثرة ُ التيهِ تريكِ الطُّرقا |
ظنّ غلوِّي فيكَ قومٌ سرفا | وفرطَ مدحي زخرفا مختلفا |
وزادَ حتَّى لنْ يقولوا حاضرٌ | ودّ فقالوا بدويٌّ عشقا |
ولو رآكَ منْ رآاكَ بنظري | وخبرتي قالََ بليغٌ صدقا |
جاءَ بكَ الدّهرُ على شرائطي | تحفة َ عمدٍ لا على مااتفقا |
رأيا لهُ القرطاسُ والسَّهمُ سوا | وراحة ً في المحلِ تجري دفقا |
وسامراً والنّضارُ قدْ اخمدها | ربُّ المئينِ وجفانا فهُّقا |
وخلقا إذا غضبتَ واسعاً | وعذراً إذا وهبتَ ضيقا |
وجانباً في الودِّ ظلاًّ بارداً | ردَّ إلى الودِّ فؤاداً معتقا |
رشتَ جناحيَّ التحمت معرِقا | زوريَ حتّى طرتَ بي محلِّقا |
فتحتَ عيناً في العلا بصيرة ً | حتَّى رأيتَ غايتي مدقِّقا |
ودلَّكَ المجدُ على فضيلتي | دلالة ً كنتَ لها موفَّقا |
لمْ تكُ في الإيمانِ لي مقلِّدا | ولمْ يكنْ يسركَ بي تخلُّقا |
أنتَ إذا الدَّهرُ رمى شاكلتي | درعي وأنتَ منذري إنْ فوّقا |
ما غمّضتْ عنّي عينُ حاجة س | فارتادها طرفكَ إلّا رمقا |
وقمتَ في أثارها مجلِّياً | بعثَ القنيصِ المضرحيَّ الأزرقا |
فلا تصبني فيكَ عينُ حاسدٍ | يالقذى محدّقا ومطرقا |
ولا تنلكَ الحادثاتُ بيدٍ | حتَى تشلَّ ساعداً ومرفقا |
ونهضتْ عنِّي بما أوليتهُ | رواحلُ الشَّعرِ تجوبُ الأفقا |
ثقائلاً يسوقها خفائفا | على الوجا لا تطمئنُ قلقا |
رافعة ً واضعة ً أعناقها | يوماً ويوماً مغرباً ومشرقا |
إنْ ظمئتْ فالشَّمسُ ولعابها | أو سبغتْ جرتْ تداري الرمقا |
تحملُ كلَّ مستعادٍ ذكرها | عمَّ البلادَ صيتها وطبِّقا |
هي العذارى البيضُ لمْ تلقَ لها | مبتكراً غيري ولا مستطرقا |
إذا أقامت رشفتْ أو ظعنتْ | نفتْ على الأفواهِ نشراً عبقا |
إذا الكلامُ نسبتْ أصولهُ | كانتْ أصولاً والكلامُ أسؤقا |
أو طرحَ الشِّعرُ فماتَ فجأة | بقينَ ماطال وماطابَ البقا |
ينصُّ شيطانَ القريضِ سمعهُ | مرتقيا في جوِّها مسترقا |
لطائمٌ سوائرٌ إذا غدا | ذكركَ في أعجازها معلَّقا |
تعلَّقتْ باسمكَ حتّى خرقتْ | بكَ السَّماءَ طبقاً فطبقا |