كمِ النّوى قدْ جزعَ الصَّابرُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
كمِ النّوى قدْ جزعَ الصَّابرُ | وقنطَ المهجورُ يا هاجرُ |
أأحمدَ البادونَ في عيشهمُ | ما ذمَّ منْ بعدهمُ الحاضرُ |
أمْ كانَ يومُ البينِ حاشاكمُ | أوَّلُ شيءٍ ما لهُ آخرُ |
ما لقلوبٍ جبلتْ لدنة ً | يعطفها العاجمُ والكاسرُ |
قستْ على البعدِ وقدْ ظنَّ بال | وفيِّ منها أنَّهُ الغادرُ |
قدْ آنَ للنّاسينَ أنْ يرعووا | شيئاً فما عذركَ يا ذاكرُ |
أما يهزُّ الشَّوقُ عطفاً ولا | يجذبُ هذا الوطنُ السَّاحرُ |
كمْ يمطلُ الملسوعُ في الوعدِ بالرَّ | اقي وكمْ ينتظرُ النَّاظرُ |
قدْ صدعَ العظمُ وأخلقْ متى | شظيَّ أنْ لا ينفعُ الجابرُ |
لا تتركوا المحصوصَ في أسركمْ | يخلفُ ريشاً إنَّهُ طائرُ |
اللهُ يا فاتلَ أمراسها | أنْ يتولّى أمرها النَّاسرُ |
اقبلْ منَ الباذلِ واقنعْ بما | يعطيكَ منْ باطنهِ الظَّاهرُ |
ولا تكشِّفْ عنْ خفيَّاتِ ما | يخفيهِ عنكَ الهائبُ السَّائرُ |
وشاورِ الإقبالَ منْ قبلِ ما | تشاورُ الرأي وتستامرُ |
وانهضْ بجدٍّ فلكمْ ناهض | بالحزمِ والحزمُ بهِ عاثرُ |
سعدكَ في أمثالها ضامنٌ | أنَّكَ فيها الفائزُ الظَّافرُ |
قدْ أهملَ النَّوامُ في سرحها | ما كانَ يرعى طرفكَ السَّاهرُ |
وحملتْ بعدكَ جهلاتها | وفرَّ منها القامصُ النَّافرُ |
وأدَّبتها لكَ غلطاتها | كمْ قاصدٍ بصَّرهُ جائرُ |
فمنْ لها مجدبة ً أرضها | إنْ لمْ يعنها العارضُ الماطرُ |
أنتَ لها أو رجلٌ منكمُ | والنّاسُ أكَّالٌ ومستاثرُ |
لا تسلموها فهي خطيَّة ٌ | يدعى لها بسطّامَ أو عامرُ |
إمّا هلالٌ منكمُ واضحٌ | يسري لها أو كوكبٌ زاهرُ |
يا راكبَ الدّهماءِ تمطوبهِ | في زافرٍ تيَّارهُ زاخرُ |
ملساءُ تجري منهُ في أملسٍ | يروي صداها نقعهُ الثائرُ |
تطوي السُّرى لمْ يتشذّبْ لها | خفٌّ ولمْ يحفْ لها حافرُ |
سابقة ٌ لا السُّوطُ هبهابهُ | فيهِ ولا الصَّوتُ لها زاجرُ |
إذا سوافي الرّشيحِ شقَّتْ على الرَّ | كبِ سفتها العاصفُ العاصرُ |
يزاحمُ القاطولَ منْ دجلة ٍ | رامٍ إلى البحرِ بها صائرُ |
يرودُ روضَ الجودِ حيثُ استوى ال | ظِّلُّ ورفَّ الورقُ النَّاضرُ |
وحيثُ قامَ الماءُ معْ أنَّهُ | جارٍ وحلَّ القمرُ السَّائرُ |
قلْ لوزيرِ الوزراءِ التظى | بعدكَ ذاكَ الولهُ الفاترُ |
وانتحتِ الأشواقُ قلبي فما | يفوتني القاصدُ والعائرُ |
وأكلتني كلَُ جوفاءَ لا | يشبعها الحالبُ والجازرُ |
تسرطني بلعاً وكانتْ وما | يسيغُ لحمى فمها الفاغرُ |
في كلِّ يومٍ قتبٌ ضاغطٌ | يغمزُ نضوٌ تحتهُ ضامرُ |
أدعو فلانا وفلاناً لهُ | دعاءَ منْ ليسَ لهُ ناصرُ |
أقمتُ أرعى جدبَ دارٍ وفي | أخرى ربيعٌ مائحٌ مائرُ |
فمنْ لظمآنَ بنجدٍ وفي | تهامة ٍ صوبُ الحيا القاطرُ |
يا شرفَ الدِّينِ عسى ميِّتُ ال | فضلِ بأنْ تلحظهُ ناشرُ |
يا خيرَ منْ دلَّتْ على بابهِ | حائرة ٌ يركبها حائرُ |
أظلعها التُّطوافُ معْ فرطِ ما | ورَّثها منْ جلدٍ داعرُ |
بقَّى السُّرى منها ومنهُ كما | بقَّى منَ المأطورة ِ الآطرُ |
لمْ يريا قبلكَ بيتاً لهُ | نادٍ ولا ناراً لها سامرُ |
حتّى قضى اللهُ لحظَّيهما | عندكَ قسماً كلُّهُ وافرُ |
فحوِّلا عنْ عطنٍ واسعٍ | يذرعُ فيهِ الأملُ الشَّابرُ |
لمْ يبقَ منْ فوقِ الثُّرى للعلا | غيركَ لا سمعٌ ولا ناظرُ |
قدْ كانتْ الأرضُ ولوداً فمذْ | ولدتَ فهي المقلتُ العاقرُ |
وسلَّمَ الإجماعُ منْ أهلها | أنَّكَ فيها المعجزُ الباهرُ |
إنْ نجمتْ ناجمة ٌ بالظُّبا | أبدعَ فيها سيفكَ الباترُ |
أوْ كانتْ الشُّورى غطاءً على ال | بطئِ جلَّ رأيّكَ الحاضرُ |
وإنْ أخذتَ الدَّستَ والصَّدرَ فال | قضاءُ ناهٍ فيهما آمرُ |
أوْ وردَ النَّاسَ فلمْ يصدروا | عجزاً فأنتَ الواردُ الصَّادرُ |
وكمْ أراكَ اليومُ ما في غدٍ | ما أنتَ منْ أمرِ غدٍ حائرُ |
إنْ تنزع الدَّولة ُ ما ألبستْ | منكَ وأنتَ الملبسُ الفاخرُ |
أو يكفرَ الحقُّ ولا بدَّ أنْ | يحرمَ طيبَ النِّعمة ِ الكافرُ |
فاسئلْ منَ النَّاجي إذا بويعتْ | نفسٌ بنفسٍ ومنِ الخاسرُ |
غداً يرى عندَ اختلافِ القنا | كيفَ غناءُ الدِّرعِ يا حاسرُ |
ويعكفُ النَّادمُ مسترجعاً | عادة َ ما عوَّدهُ الغافرُ |
اللهُ إنْ ترضوا وإنْ تسخطوا | قدَّرَ وهو العالمُ القادرُ |
أنَّ العلا بحبوحة ٌ بيتها ال | مشرقُ هذا الحسبُ الطَّاهرُ |
ناصي بها عبدُ الرَّحيمِ السها | وبعدهُ الكابرُ والكابرُ |
حتَّى انتهى الفخرُ إلى هضبة ٍ | ليسَ لمنْ يصعدها حادرُ |
ساهمَ في المجدِ فعلَّى بهِ | مقادحٌ ليسَ لهُ قامرُ |
قدْ فرضَ اللهُ لتدبيرهِ ال | أمرَ وهذا الفلكُ الدَّائرُ |
فكلَّما ندَّ إلى غيرهِ | فهو إليهِ صاغراً صائرُ |
ياملبسَ النُّعمى التي لمْ يزلْ | عليَّ منها الشَّاملُ الغامرُ |
ومنبعي العذبَ إذا قلَّصَ السَّ | جلُ وأكدي الرَّجلُ الحافرُ |
مضتْ بطرحي أشهرٌ تسعة ٌ | حاشاكَ أنْ يعقبها العاشرُ |
هذا وما قصَّرَ شعرٌ ولا اس | تحالَ عنْ عادتهِ شاكرُ |
وما لخلاَّتي سوى جودكمْ | خبيئة ٌ يذخرها الذَّاخرُ |
قدْأقحطَ الوادي فلا لابنٌ | لطارقِ الحيَّ ولا تامرُ |
فلا ونتْ تطرقكمْ في النَّوى | فتائلٌ أبرمها الضَّافرُ |
زوائرٌ تهدي لأعراضكمْ | ألطفَ ما يحملهُ الزَّائرُ |
يؤثرُ عنها خبرٌ صادقٌ | في مجدكمْ أو مثلٌ سائرُ |
في كلِّ نادٍ نازحٍ غائبٍ | لها حديثٌ بكمُ حاضرُ |
تعرضُ أيَّامَ التَّهاني بها | ما تعرضُ المعشوقة ُ العاطرُ |
تميسُ منها بينَ أيَّامكمْ | خاطرة ً يتبعها الخاطرُ |
لثَّمها التحصينُ عنْ غيركمْ | وهي على أبوابكمْ سافرُ |
شاهدة ٌ أنَّي لكمْ حافظٌ | إذا نبا أو نكثَ الغادرُ |
وكمَّلَ الفخرُ لها أنَّكَ ال | ممدوحُ فيها وأنا الشَّاعرُ |