رعتْ بينَ حاجرَ والنِّعفِ شهرا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
رعتْ بينَ حاجرَ والنِّعفِ شهرا | جميما وعبَّتْ شآبيبَ غزرا |
مراحاً محلَّلة ً عُقلها | ترى الخصبَ أوسعَ منْ أنْ تجرََّّا |
مكرمة ٌ عنْ عصيِّ الرُّعاة ِ | فإنْ كانَ لا بدَّ ردعٌ فزجرا |
ولا ظعنٌ ثمَّ مرحولة ٌ | تجرُّ الجنوبَ ولا ضيفَ يقرى |
إلى أنْ غدا الهضبة َ ابن اللَّبو | نِ فيما ترى العينُ والنَّابُ قصرا |
فكانَ على ذاكَ شمُّ السَّفا | ولسُّ الهشيمِ وإنْ كانَ مرَّا |
وماءٍ تعرمضُ أوشالهُ | ببابلَ أشهى إليها وأمرا |
بلادٌ منابتُ أوبارها | عليها ربت يومَ تنزى وتذرى |
وأفلاؤها ومساقيطها | تقامصُ فيها قلوصا وبكرا |
وتُحمى بأرماحِ فرسانها | إذا شلَّتْ الإبلُ طرداً وطرُّا |
وفيها الكواعبُ والمحصَّنا | تُ منْ مقتنيها عواناً وبكرا |
نجومُ قبيلٍ إذا ما طلعنَ | أغرنَ النُّجومَ وإن كنَّ زهرا |
وكلُّ ثقيلة ِ حملِ الأزارِ | خفيفة ِ ما ضمَّ عنقا وخصرا |
ترى الغصنَ تحسبهُ في النَّسيمِ | أخاها وإن كسيتْ يومَ يعرى |
أمنها وإنْ نامَ ليلُ الوشاة | وعادَ المواقدُ في اللَّيلِ حمرا |
ومرّ يصوِّبُ سرحُ النُّجومِ | خيالٌ ألمَّ ولا حينَ مسرى |
ألمَّ بمعتنقٍ ساعديهِ | يطارحُ منها الأمانيَّ ذكرا |
فما رابهُ منْ صعيدِ الغوي | رِ إلاَّ تحوَّلهُ اللَّيلُ عطرا |
ولمَّا أضاءَ الَّذي حولهُ | تطلَّعَ يحسبُ ظمياءَ بدرا |
فللهِ بابلُ نفَّاثة ٌ | وإنْ ضرَّتْ الحلمَ سحرا وخمرا |
على أنَّها منزلٌ لا يكا | دُ يحملُ في غالبِ الأمرِ حرَّا |
ومزلقة ٌ بالفتى لا تكونُ | لذي حاجة ٍ وابنِ فضلٍ مقرَّا |
إلى كمْ أطامنُ عنقي بها | خمولا وأعركُ جنبيَّ فقرا |
وأتبعُ إلفى وحزمي يقولُ | وراءكَ في غيرِ ذا المصرِ مصرا |
كفى النَّاسُ لؤماً بمثلي يضي | عُ فيهمْ ويطابُ منهمْ مفرَّا |
فلمْ يغرزْ الدَّهرُ حملاً عل | ى َ مالكَ أبعدكَ اللهُ دهرا |
أمنْ أجلِ أنِّي بفضلي وسع | تُ أهلكَ توسعني منكَ شرَّا |
وما زلتُ أحفلُ بالغدرِ منكَ | وأنكرُ جوركَ حتى أستمرَّا |
ولو قدْ وفتْ لعميدِ الكفا | ة ِ أيامهُ لمْ أنلْ منكَ غدرا |
إذنْ لوقتني حصداءُ منهُ | تطيرُ سهامكَ ثلماً وكسرا |
وكنتُ أعزُّ حمى ً أنْ أضامَ | وأمنعَ في حرمِ الأمنِ ظهرا |
وردَّكَ عني ولا الطودُ فلَّ | بكفيكَّ مني ولا اللَّيثُ فرّى |
عوائدُ ما أسلفتني يداهُ | على نائباتكَ غوثا ونصرا |
لئنْ كنتَ أسحلتَ في كفّهِ | من العهدِ حبلاً فتيلاً ممرَّا |
وأصبحتَ تنهدُ بغياً إليهِ | بشهباءَ بيَّتَّها أمسِ مكرا |
فلمْ تنحِ إلاَّ على المكرماتِ | ولا هضَّتَ إلاَّ السَّماحَ المبرَّا |
لغادرَ جهلكَ قلبَ العلا | خفوقاً بها وحشى المجدِ حرّى |
ضممتَ عليهِ جناحَ العقوقِ | فرحتَ بها قدْ تأبَّطتَ شرَّا |
فسلْ عنهُ كيدكَ يادهرُ كيفَ | ثناكَ ثباتاً وأعياكَ صبرا |
وكيفَ حشدتَ لهُ وارتقيتَ | فلمْ تستطعْ طودهُ المشمخرَّا |
وفى ناهضا بكَ حتى رددتَ | صروفكَ عنهُ رذايا وحسرى |
وما كنتَ والأسدُ الوردُ أنتَ | لتعقَ بالحرِّ نابا وظفرا |
ولكنها دولة ٌ أعرضتْ | ودنيا تنقَّلُ مرَّاً ومرَّا |
هو الحظُّ يعقلُ من حيثُ جُ | نَّ والمالَ يرجعُ من حيثُ مرَّا |
وخيرُ بنيكَ الَّذي إنْ نقص | تَ في حالهِ ازدادَ مجداً وفخرا |
وما كنزَ المرءُ خيراً لهُ | من الحمدِ والحسبِ العدِّ ذخرا |
إذا سلمَ العرضُ عرضُ الكريمِ | وعزَّ فلا وفَّر اللهُ وفرا |
لعلَّ مجعجعها أن يطيلَ | لها في الأرمَّة ِ سحباً وجرَّا |
ويتركها وسواءَ الطَّريقِ | تساقُ إلى غايتيها وتجرى |
فتأتى ويا قربها من منى ً | يقولُ لها الدَّهرُ صفحاً وغفرا |
مبيناً بما قدْ جنى تائبا | إليك بسالفِ ما قدْ أصرَّا |
ترى للنَّدامة ِ في صفحتي | هِ سطراً مبيناً وللذُّلِّ سطرا |
لعمري لئنْ صوَّحتْ دوحة ٌ | لقدْ أعقبتْ غصناً منكَ نضرا |
وسيعَ الظِّلالِ على قومهِ | شهيَّ الجنى ناعماً مسبكرَّا |
رباطاً لشملهمُ أنْ يشذَّ | ودعماً لسقفهمُ أنْ يخرَّا |
بكَ انتظمَ العقدُ من بعدِ ما | تهاوى فعُطِّلَ جيداً ونحرا |
ضممتَ قواصيهمْ بعدما | تعاطوا عصا البينِ صدعا وقسرا |
وكنتَ لهمْ كأبيكَ الكريمِ | حنوَّ الرءومِ وعطفاً وبرَّا |
فلمْ يهوِ طودٌ وأنتَ الكثيبُ | ولا ماتَ زيدٌ إذا كنتَ عمرا |
أطافوا بناديكَ واستحلبوكَ | فأحسنتَ حوطاً وأغزرتَ درَّا |
وما ضرَّهمْ أنَّهمْ يعدمو | نَ غيثاً وقدْ وجدوا منكَ أثرى |
مخايلُ كنتُ توسَّمتها | قديماً وعيَّفتها فيكَ زجرا |
وأيقنَ صدري أنَّي أراكَ | لأهلكَ وجهاً وللنَّاسِ صدرا |
بما كنتَ أبعدهمْ همَّة ً | وآمتنهمْ في الملمَّاتِ أسرا |
وأضيقهمْ عذرة ً في السؤالِ | وأوسعهمْ ليلة َ القرِّ قدرا |
وأجلى إذا الشُّبهاتُ اختلط | نَ رأياً وأمضى لساناً وأجرى |
أمورٌ إذا اجتمعتْ للفتى | أرادَ بهِ اللهُ في العزِّ أمرا |
سدُ اليومَ ابناءَ عبدِ الرّحيمِ | فأنتَ غداً سيِّدُ النَّاسِ طرَّا |
وثقْ ببشائرَ تملى عليَّ | فما كذَّبتْ لي في الخير بشرى |
أنا ابنُ الوفاءِ الَّذي تعلمو | نَ لمْ أنوِ نكثاً أو أطوِ غمرا |
قسيمكمُ إذا أساءَ الزَّمانُ | كما كانَ قاسمكمْ حينَ سرَّا |
حليَّا على عطلِ المهرجا | نِ يعصفنَ تاجا ويرصفنَ شذرا |
فإنْ تكُ وقتاً أخلَّتْ بكمْ | فربَّ انقطاعٍ ما كانَ هجرا |
ولولا تلاعبُ أيدي النَّوى | بكمْ ما أغبَّتْ ثناءً وشكرا |