صدتْ بنعمانَ على طول الصدى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
صدتْ بنعمانَ على طول الصدى | دعها فليس كلُّ ماءٍ موردا |
لحاجة ٍ أمسَّ من حاجاتها | تخطأتْ أرزاقها تعمدا |
ترى وفي شروعها ضراعة ٌ | حرارة ً على الكبودِ أبردا |
عادة ُ عزًّ جذبتْ بخطمها | و كلُّ ذي عزًّ وما تعودا |
لا حملتْ ظهورها إن حملتْ | رجلا على الضيم تقرُّ أويدا |
إن لم يلقها جانبٌ مقاربٌ | فارم بها الجنبَ العريضَ الأبعدا |
خاطرْ ولو أردى الخطارُ إنه | لا يأمن الذلة َ من خاف الردى |
لا يحرزُ الغاية َ إلا بائعٌ | بغلظة ِ العيش الرقيقَ الرغدا |
يطوى الفلا لا يستضيفُ مؤنسا | و الليلَ لا يسأل نجما مرشدا |
إذا رأى مطعمة ً خافضة ً | عوذَ بالله ومالَ الحيدا |
يعطى جذابَ الشهواتِ عنقاً | شمساءَ لا تعرف إلا الصيدا |
تمارسُ الأيامُ منه كلما | حارنَ أو لجّ غلاما نكدا |
يعزفُ إلا عن فكاهاتِ الهوى | و قد رأى فيه الحبيبَ المسعدا |
أقسمَ بالعفة ِ لا تيمهُ | ظبيٌ رنا أو غصنٌ تأودا |
و لا قرى صبابة ً فؤاده | إلا السلوَّ حاضرا والجلدا |
شأنك يا بنَ الصبواتِ فالتمسْ | غيري أخاً لستُ لهنَّ ولدا |
مولاك من لا يخلقُ الشوقُ له | وجدا ولا طولُ البعاد كمدا |
كأنما يشهدُ من عفافه | على المشيبِ يافعاً وأمردا |
موقرا متعظا شبابهُ | كأنما كان مشيبا أسودا |
تحسبه نزاهة ً وكرماً | و مجدَ نفسٍ بابن أيوبَ اقتدى |
فدى عميدِ الرؤساء مصفرٌ | لو طاب لا يصلحُ إلا للفدى |
يرضى بما ساق إليه غلطُ ال | حظّ ولم يسعَ له مجتهدا |
يعجبُ من جهالة ِ الأيام في | وجدانه ما لم يكن لينشدا |
تحسبه جاء يريد غيره | فضلَّ عن طريقهِ وما اهتدى |
و حاسدٍ فخارهُ معْ نقصهِ | في الناس أن عادى العلا وحسدا |
تلهبُ نارُ الغيظ في ضلوعه | جمراً يقول حرها لا بردا |
زال بنصر مجدهِ غيران ما | نازلَ إلا ظافرا مؤيدا |
مدّ إلى أخذِ العلا فنالها | يدا تبوعُ ساعدا وعضدا |
تقضي له الأقلامُ من حاجاتها | ما استقضت الذابلَ والمهندا |
ما زال يرقى في سماواتِ العلا | بروجها الأسعدَ ثمَّ الأسعدا |
مصاعدا نجومها حتى إذا | تطاولتْ خلفها وصعدا |
رأى المعالي بالمساعي تقتضى | و الشرفَ المحرزَ من كسبِ الندى |
فصاعبَ الأسودَ في أغيالها | صرامة ً وجاودَ الغيثَ جدا |
و كلما قيل له قفْ تسترحْ | جزتَ المدى قال وهل نلتُ المدى |
ناهضَ ثقلَ الدولتين فكفى ال | ملكَ الطريفَ ما كفاه المتلدا |
و كان للأمرين منه جنة ً | مسرودة ً وصارما مجردا |
فاغترسَ القادرُ يومَ نصرهِ | و استثمرَ القائمُ بالأمر غدا |
قام بأمرٍ جامع صلاحهُ | فضمه بنفسه منفردا |
فلستُ أدري ألوحيٍ هابط | أم اختيارا لقباهُ الأوحدا |
وزارة ٌ وفرها لدستهِ | أنَّ أباه قبلُ فيه استندا |
دبرها مستبصرا فلم يكن | مفوصا فيها ولا مقلدا |
يسند عن آبائه أخبارها | صادقة ً إذا اتهمتَ المسندا |
و أعتقُ الناس بها من لم يزل | مكررا في بيتها مرددا |
يا من مخضتُ الناسَ فاستخلصتهُ | بعدَ اجتهادي فاليا منتقدا |
و البازلُ العودُ وقد نبذتهم | بكية ً معرورة ً أو نقدا |
ذللتَ أياميَ واستقربتَ لي | غلبة ً وفاءها المستبعدا |
هونتَ عندي الصعبَ من صروفها | فخلتُ أفعالها الوثوبَ مسدا |
أعديتها بحفظك العهدَ فقد | صارت صديقا بعد أن كانت عدا |
و لم تضيع حرما أحكمها | قديمُ حقيّ فيكمُ وأكدا |
أنتَ كما كنتَ أخاً مخاللاً | بحيثُ قد زدتَ فصرتَ سيدا |
فاسمعْ أقايضك بها قواطنا | سوائرا معقلاتٍ شردا |
عوالقا بكلَّ سمعٍ صلفٍ | يلفظُ أن يقبلَ إلاّ الأجودا |
مما قهرتُ فجعلتُ وعره | مديناً وحره مستعبدا |
مطاربا إذا احتبى الراوي لها | شككتَ هل غنى ً بها أم أنشدا |
تخالُ أرجازا من استقصارها | و قد أطال شاعرٌ وقصدا |
يمضي الفتى المرسومُ في فخارها | صفحا وتبقى عرضه مخلدا |
تحملُ أيامُ التهاني تحفاً | منها إليك بادئاتٍ عودا |
ما دامت الغبراءُ أو ما حملتْ | مدحوة ٌ من الجبال وتدا |
سنينَ تطويهنّ حيا سالما | منورزا في العزّ أو معيدا |
لا الشعرُ تبلى أبدا رسومهُ | فيك ولا تعدمُ أنت سندا |