يا دارُ لا أنهجَ القشيبُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا دارُ لا أنهجَ القشيبُ | منكِ ولا صوحَ الرطيبُ |
و لا أخلتْ بكِ الغوادي | تشعبُ ما يصدعُ الجدوبُ |
من كلَّ مخروقة العزالي | تغلبُ أخياطها الثقوبُ |
تعجبُ منها رباكِ حتى | يضحكَ فيها الوجهُ القطوبُ |
و كان عطرا كما عهدنا | مشيُ الصبا فيكِ والهبوبُ |
فربَّ ليلٍ ثراكِ فيه | بين بحور العشاق طيبُ |
عجنا وليلُ المطيَّ ليلٌ | بعدُ وصوتُ الحادي صليبُ |
و ما نقضناهُ من طريقٍ | من حيثُ رحنا عنه قريبُ |
فقال صحبي أضلَّ هادٍ | أم خدعَ الحازمُ الأريبُ |
ليس أوانُ التعريسِ هذا | قلتُ هو الشوق لا اللغوبُ |
يا من رأى باللوى بريقاً | تقدحُ نيرانهُ الجنوبُ |
كلاَ ولا بينما تراهُ | يطلعُ أبصرتهُ يغيبُ |
كأنّ ما لاح منه وهناً | على شبابِ الدجى مشيبُ |
حدثني بالغضا حديثا | سرَّ على أنه خلوبُ |
يقول هيفاءُ لم يحلها | عن عهدك الناقلُ الكذوبُ |
جفونها بعدكم حنوا | ماءٌ وأحشاؤها لهيبُ |
فارض فمن قلبها خفوقي | أعدي ومن طرفها أصوبُ |
لا وليالٍ على المصلي | تسرق في نسكها الذنوبُ |
و ما رأى الجبفُ من هناتٍ | يغفرها المالكُ الوهوبُ |
و خلواتٍ بأمّ سعدٍ | ما بعدها لذة ٌ تطيبُ |
لولا لماها لما شفاني | بزمزمٍ ما سقى القليبُ |
ماذا على محرمٍ بجمعٍ | و سهمهُ من دمى خضيبُ |
و كيف والصيدُ ثمَّ بسلٌّ | تصادُ بالأعين القلوبُ |
يا فتكها نظرة ً خلاسا | سببَ أدواءها الطبيبُ |
ذابت عليها حصاة ُ قلبي | يا من رأى جمرة ً تذوبُ |
قلْ لزماني ما شئت فاضغط | قد دبرَ الجابرُ الجليبُ |
أصبتني بالخطوبِ حتى | لم تبقِ لي مقتلا تصيبُ |
في كل يومٍ جورٌ غريبٌ | عندي عليه صبرٌ غريبُ |
حتى لقد صار عجيبا | منك الذي كله عجيبُ |
و لائمٍ في عزوفِ نفسي | قلتُ له أنتَ والخطوبُ |
عساك خبرا بالناس مثلي | إن ردَّ من حلمك العزيبُ |
ففي قليَ منْ تراكَ تلحى | منهم وفي تركِ منْ تعيبُ |
الله لي إن طرحتُ عرضي | أكلة َ آمالهم حسيبُ |
قد كنتُ أبكي وهم فروقٌ | شتى وأشكو وهم ضروبُ |
فاليوم سوتهم المساوي | عندي وعمتهم العيوبُ |
فما أرى منهمُ بريئا | يخشى افتضاحا به المريبُ |
بلى قد استثنتِ المعالي | بيتاً لها فخرهُ نسيبُ |
بيتاً شموسُ الضحى عمادٌ | له وشهبُ الدجى طنوبُ |
الحسبُ العدُّ من بينهِ | كلُّ نجيبٍ نمى نجيبُ |
من آل عبد الرحيم مردٌ | حولَ رواقِ العلا وشيبُ |
تشابهوا سودداً فأعطى | شاهدهم فضلَ منَ يغيبُ |
كلُّ محيا الجبينِِ طلقٍ | لم يعتسفْ بشره القطوبُ |
راضون أن يشبعوا ويضووا | و العامُ مسحنفزٌ غصوبُ |
تروى عطاشُ الآمالِ فيهم | و هيَ على غيرهم تلوبُ |
لهم أفاويقها إذا ما | أصرمَ ثديُ الحيا الحلوبُ |
دوحة ُ مجدٍ أبو المعالي | غصنُ جناها الغضُّ الرطيبُ |
كان فتاها والرأيُ كهلٌ | و طفلها والحجا لبيبُ |
ليثُ حماها والدارُ حربٌ | و في السلامِ الظبيُ الربيبُ |
لا فرحة ٌ تستقلُّ منه | حلما ولا نوبة ٌ تنوبُ |
تغمزُ فيه أيدي الليالي | و النبعُ مستعصمٌ صليبُ |
إذا كساه الغنى قميصا | فهو بأيدي الندى سليبُ |
و كلُّ سعيٍ له كسوبٍ | تغرمهُ كفه الوهوبُ |
يحمي حماه بنافذاتٍ | خدوشها في العدا ندوبُ |
لا يبلغُ السبرُ ما يفري | معمقا جرحها الرغيبُ |
يبعثها مفصحا لسانٌ | ماضٍ إذا لجلجَ الخطيبُ |
إذا فروجُ الكلامِ ضاقتْ | تمَّ بها باعهُ الرحيبُ |
لا محقتْ بدرك الدآدي | و لا محا شمسك الغروبُ |
و رجع الدهرُ مستقيلا | اليكَ من ذنبهِ ينوبُ |
يقسمُ لا شيمَ وهو سيفٌ | بعدُ ولا شمَّ وهو ذيبُ |
و عاد ظلُّ الدنيا عليكم | يورقُ أو ينمرُ القضيبُ |
حظكمُ صفوها وحظُّ ال | أعداءِ منها المرُّ المشوبُ |
ما كرَّ عوداً شبابُ ليلٍ | يردفهُ من ضحى ً مشيبُ |
و زار يومُ النيروز عامَ ال | خضبِ كما زارك الحبيبُ |
تهدى لكم من ثناي عونٌ | كلُّ ابن سمعٍ لها طروبُ |
قواطنٌ فيكمُ وتمسى | تجولُ في الأرض أو تجوبُ |
في كلَّ يومٍ تغشاك منها | حبيبة ٌ ما لها رقيبُ |
كذاك لا غائبي خبيثٌ | لكم ولا شاهدي مريبُ |
قلبي صحيحُ لكم وودي | ما مرضَ الودُّ والقلوبُ |
أجببتكم قبلَ أن دعوتم | فكيف أدعى فلا أجيبُ |