تزلُّ الليالي مرة ً وتصيبُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تزلُّ الليالي مرة ً وتصيبُ | و يعزبُ حلمُ الدهرِ ثمَّ يثوبُ |
و تستلقحُ الآمالُ بعدَ حيالها | أواناً وينأى الحظُّ ثم يؤوبُ |
و لولا قفولُ الشمس بعد أفولها | هوتْ معها الأرواحُ حين تغيبُ |
تنظرْ وإن ضاقت بصدرٍ رحابهُ | فروج صلاحٍ ذرعهنّ رحيبُ |
فما كلُّ عينٍ خالجتك مريضة ٌ | و خطفة ِ برقٍ خالستك خلوبُ |
قضتْ ظلماتُ البعدِ فيك قضاءها | فصبحا فهذا الفجرُ منك قريبُ |
بدتْ أوجهُ الأيام غراً ضواحكا | و كنَّ وفي استبشارهنّ قطوبُ |
و طارحنني عذرَ البريءِ وربما | سبقنَ وفي أعذارهنّ ذنوبُ |
أرى كبدى قد أثلجتْ في ضلوعها | و كانت على جمرِ الفراقِ تذوبُ |
و راحت إليها بعدَ طول التياحها | صباً قرة ٌ تندى لها وتطيبُ |
سرى الفضلُ من ميسانَ يشرقُ بعدما | أطال دجى الزوراءِ منه غروبُ |
و هبت رياح الجودِ بشرى بقربهِ | لها سالفٌ من نشرها وجنيبُ |
و ما خلتُ أن البدرَ يطلعُ مصعدا | و لا أنَّ ريحَ المكرماتِ جنوبُ |
تزاحمتِ الأيامُ قبلَ لقائه | بجنبيَّ من ذنب الفراقِ تتوبُ |
و تفسمُ لي أيمانَ صدقٍ بأنْ غداً | تراه وبعضُ المقسمينَ كذوبُ |
و قد زادني شكرا لحسنِ وفائها | بما وعدتْ أنَّ الوفاءَ غريبُ |
كفى البين أني لنتُ تحتَ عراكهِ | و خرتُ وعودي في الخطوبِ صليبُ |
و قاربتُ من خطوى رضاً بقضائهِ | و لي بين أحداثِ الزمانِ وثوبُ |
حملتُ وسوقَ البعدِ فوق أضالع | من الثقلِ عضاتٌ بها وندوبُ |
أخبُّ حذارَ الشامتينَ تجلدا | بهنّ وما تحتَ الخبالِ نجيبُ |
فإن تعقبِ الأيامُ حسنى تسوءها | فللصبرِ أخرى حلوة ٌ وعقيبُ |
سمتْ أعينٌ مغضوضة ٌ وتراجعتْ | إلى أنسها بعد النفور قلوبُ |
و عادت تسرّ الرائدين خميلة ٌ | تعاورها بعدَ الحسين جدوبُ |
فماءُ الندى عذبُ اللصابِ مرقرقٌ | و غصنُ المنى وحفُ النباتِ رطيبُ |
سيلقى عصاهُ وادعاً كلُّ خابطٍ | على الرزقِ يطوى أرضه ويجوبُ |
و هل ينفضُ الجوَّ العريضَ لنجعة ٍ | أريبٌ وأوديه أعمُّ خصيبُ |
أقولُ لآمالي وهنّ رواقدٌ | خذي أهبة َ اليقظانِ حانَ هبوبُ |
إذا الصاحبُ استقبلت غرة َ وجههِ | بدا قمرٌ واف وماسَ قضيبُ |
و لم تفتحي الأجفانَ عن طرف لافتٍ | إلى نائباتِ الدهرِ حين تنوبُ |
سلامٌ وحيا اللهُ والمجدُ سنة ً | لها في دجناتِ الظلامِ ثقوبُ |
و زادت علاءً في الزمان وبسطة ً | يدٌ تصرمُ الأنواءُ وهي حلوب |
لآثارها في كلَّ شهباءَ روضة ٌ | و في كلَّ عمياءِ المياهِ قليبُ |
حمى مجدهُ وافي الحمائل سيفهُ | غيورٌ إذا ما المجدُ صيمَ غضوبُ |
له كلَّ يومٍ نهضة ٌ دون عرضهِ | إذا نام حبا للبقاءِ حسيبُ |
قليلة ُ أنسِ الجفنِ بالغمض عينهُ | و للعارِ مسرى نحوه ودبيبُ |
إذا سال وادي اللؤمِ حلتْ بيوتهُ | بأرعنَ لا ترقى إليه عيوبُ |
و قامَ بأمرِ الملك يحسمُ داءهُ | بصيرٌ بأدواءِ الزمانِ طبيبُ |
له مددٌ من سيفهِ ولسانهِ | قؤولٌ إذا ضاقَ المجالُ ضروبُ |
إذا يبستْ أقلامهُ أو تصامتتْ | فصارمهُ رطبُ اللسانِ خطيبُ |
يرى كلَّ يومٍ لابساً دمَ قارنٍ | له جسدٌ فوق الترابِ سليبُ |
و لم أرَ مثلَ السيف عريانَ كاسياً | و لا أمردَ الخدين وهو خضيبُ |
و قد جربوه عاطلاً ومقلدا | و قادوه يعصى حبلهُ ويجيبُ |
فما وجدوا مع طولِ ما اجتهدوا له | فتى ً عنه في جلى َّ تنوبُ ينوبُ |
فعادوا فعاذوا ناهضين بعاجزٍ | حضورهمُ ما أخروه مغيبُ |
أمينٌ على ما ضيعوا من حقوقه | سليمٌ وودّ الغادرين مشوبُ |
من البيضِ إلا أن يحلى وجوههم | إذا هجروا خلفَ الترابِ شحوبُ |
صباحٌ نجومُ العزَّ فوق جباههم | طوالعُ غرٌّ والنجومُ تغيبُ |
عصائبُ تيجان الملوك سماتهم | و يومهمُ تحتَ الرماح عصيبُ |
إذا حيزَ بيتُ الفخرِ حلقَ منهمُ | عليه شبابٌ طيبونَ وشيبُ |
لهم كلُّ مقرورٍ عن الحلمِ ظنهُ | يقينٌ وهافى عزمتيه لبيبُ |
تغيضُ أكف الواجدين وكفهُ | على العدمِ تهمى مرة ً وتصوبُ |
تكادُ من الإشراق جلدة ُ خدهِ | تغصُّ بماءِ البشر وهو مهيبُ |
يقيكَ الردى غمرٌ يجاريك في الندى | فيعقلُ عيٌّ رسغهُ ولغوبُ |
إذا قمتَ في النادي بريئاً من الخنا | تلفتَ من جنبيهِ وهو مريبُ |
تتبعَ يقفو الخيرَ منك بشرهِ | خداعاً كما قصَّ المشمة َ ذيبُ |
تنبهَ مشروفاً بغلطة ِ دهرهِ | و بنتَ بمجدٍ أنتَ فيهِ نسيبُ |
و قد ينهضَ الحظُّ الفتى وهو عاجزٌ | لحاجاتهِ حتى يقالَ نجيبُ |
أنا الحافظُ الذوادُ عنك وبيننا | وشائعُ من بسطِ الفلا وسهوبُ |
شهرتُ لساناً في ودادك جرحهُ | إذا حز في جلد النفاقِ رغيبُ |
لك الجمة ُ الوطفاءُ من ماءِ غربهِ | و عند العدا حرٌّ له ولهيبُ |
يسرك مكتوبا وشخصك نازحٌ | و يرضيك مسموعاً وأنتَ قريبُ |
و كيف تروني قاعداً عن فريضة ٍ | قيامي بها حقٌّ لكم ووجوبُ |
و فيكم نما غصني وطالت أراكتي | و غودرَ عيشي الرثُّ وهو قشيبُ |
شوى كلُّ سهمٍ طاحَ لي في سواكمُ | و لي شعبة ٌ من رأيكم ونصيبُ |
و لي بعدُ فيكم ذروة ٌ ستنالها | يدي ومنى ً في قولها ستصيبُ |
متى تذكروا حقيَّ أبتْ بوفائكم | و ظهرُ العلى العاصي على ركوبُ |
طربتُ وقد جاء البشيرُ بقربكم | و ذو الشوق عند اسم الحبيبِ طروبُ |
و قمتُ إليه راشفاً من ترابهِ | ثرى لك يحلو رشفهُ ويطيبُ |
فلا كانَ يا شمسَ الزمانِ وبدرهُ | لسعدك من بعدِ الطلوعِ مغيبُ |
و لا زلتَ مطلوباً تفوتُ ومدركاً | أواخرَ ما تبغي وأنتَ طلوبُ |
كأنك من حبَّ القلوبِ مصورٌ | فأنتَ إلى كلَّ النفوسِ حبيبُ |