تظنُّ ليالينا عودا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تظنُّ ليالينا عودا | على العهد من برقتي ثهمدا |
و هل خبرُ الطيفِ من بعدهم | إذا طاب يصدقك الموعدا |
و يا صاحبي أين وجهُ الصباح | و أين غدٌ صفْ لعيني غدا |
أسدوا مسارحَ ليل العرا | ق أم صبغوا فجره أسودا |
و خلفَ الضلوعِ وفيرٌ أبي | و قد بردَ الليلُ أن يبردا |
خليليَّ لي حاجة ٌ ما أخفَّ | برامة َ لو حملتْ مسعدا |
أريدُ لتكتمَ وابن الأرا | ك يفضحها كلما غردا |
و بالرمل سارقة ُ المقلتي | ن تكحل أجفانها المرودا |
إذا هصرتْ هصرتْ بانة ً | و إن سئلتْ سئلتْ جلمدا |
أحبّ وإن أخصبَ الحاضرون | ببادية ِ الرمل أن أخلدا |
و أهوى الظباءَ لأمّ البنينَ | بما تشبهُ الرشأَ الأغيدا |
و عيناً يردنَ لصابَ الغوير | بأنقعَ من مائه للصدى |
فليت وشيبي بحامِ العذارِ | زمانَ الغضا عاد لي أمردا |
و يا قلبُ قبلك ضلَّ القلو | بُ لو كنت أملك أن تنشدا |
أرى كبدي قسمتْ شقتينْ | مع الشوق غور أو أنجدا |
فبالنعفِ ضائعة ٌ شعبة ٌ | و أخرى بميسانَ ما أبعدا |
و ما خلتُ لي واسطا عقلة ً | تعلم نوميَ أن يشردا |
و لا أنني أستشمّ الجنو | بَ أطيبَ ريحيَ أو بردا |
و أطرحُ منحدرا ناظري | لها أبتغي رفدها المصعدا |
و أحمدُ من نشرها أنه | إذا هبّ مثلَ لي أحمدا |
و لا كنتُ قبلكِ في حاجة ٍ | لتحملَ عنقي لريح يدا |
أسالكَ دجلة َ تجري به | محايدة ً موجها المزبدا |
صهابية ُ اللون قارية ٌ | تخالف صبغتها المولدا |
تحنّ وما سمعتْ في الظلا | م غيرَ غناء النواتي حدا |
لها رسنٌ في يمين الشمال | إذا ضل قائفُ أرضٍ هدى |
تحملْ سلمتَ على المهلكاتِ | و ساقَ لك اللهُ أن ترشدا |
رسائلَ عنيّ تقيم الجموحَ | و تستعطف العنقَ الأصيدا |
أجيراننا أمس جار الفرا | قُ بيني وبينكم واعتدى |
جفا المضجعَ السبطَ جنبي لكم | محافظة ً ونفى المرقدا |
و أوحشتمُ ربعَ أنسي فعاد | يهدم بانيهِ ما شيدا |
و فاجأني بينكمْ بغتة ً | و لم أك للبين مستعددا |
ففي جسدي ليس في جبتي | نوافذُ ما سلَّ أو سددا |
تمتنك عيني وقلبي يراك | بشوقيَ حاشاك أن تفقدا |
كأنيَ سرعة َ ما فتني | عدمتك من قبلِ أن توجدا |
لئن نازعتني يدُ الملك فيك | فلم أستطع بدفاعٍ يدا |
فحظٌّ عساه وإن ساءني | يكون بما سرني أعودا |
دعوك لتعدلَ ميلَ الزمانِ | و يصلحَ رأيك ما أفسدا |
يسومون كفك سبرْ الجراح | و قد أخذتْ في العظام المدى |
سيبصر مستقربا من دعا | ك موضعَ تفريطه مبعدا |
و يعلم كيف انجفالُ الخطوب | إذا سلَّ منك الذي أغمدا |
و إن كان منكبهُ منجبا | درى أيَّ صمصامة ٍ قلدا |
و قبلك لو أثلثَ الفرقدي | ن خابطُ عشوائهم ما اهتدى |
و لما رأوك أمام الرعي | لِ ألقوا إلى عنقك المقودا |
و أدنوا لحمل المهمات من | ك بزلاءَ عجلزة ً جلعدا |
إذا ثقلَ الحملُ قامت به | و إن ظلعتْ نهضتْ أجلدا |
تكون لراكبها ما استقا | م دون خطار الفيافي فدى |
و تضحى على الخمسْ لا تستري | بُ عجرفة ً أن ترى الموردا |
تطيعُ اللسانَ فإن عوسرتْ | أثاروا بها الأسدَ الملبدا |
إذا ما الفتى لم تجدْ نفسه | بهمتها في العلا مصعدا |
سوى غلطِ الحظَّ أو أن يع | ذَ في قومه نسبا قعددا |
فلله أنت ابنُ نفسٍ سمتْ | لغايتها قبلَ أن تولدا |
إذا خيرَّ اختار إحدى اثنتي | ن إما العلاء وإما الردى |
كأني أراك وقد زاحموا | بك الشمسَ إذ عزلوا الفرقدا |
و خاطوا النجومَ قميصا عليك | و لاثوا السحابَ مكانَ الردا |
و صانوك عن خرقٍ في الحلي | فحلوا طليُ خيلك المسجدا |
و إن أخلق الدهرُ ألقابهم | بما كثر منها وما رددا |
رضوا باختياري أن أصطفي | لك اللقبَ الصادقَ المفردا |
فكنيتُ نفسك أمَّ العلاء | و سميتُ كفك قطرَ الندى |
و هل سمعوا في اختلاف اللغات | بلجة بحرٍ تسمى يدا |
منى ً فيك بلتْ يدي منذُ شم | تُ عارضها المبرقَ المرعدا |
فتمَّ فراغُ عهودي فقد | أمنتك من قبلِ أن تعهدا |
فلا ترمينَّ بحقيَّ ورا | ء ظهرِ النسيئة ملقى ً سدى |
و لا يشغلنكَ عزُّ الولا | ة عن حرماتي وبعدُ المدى |
فليس الوفيُّ المراعى القريبَ | و لكنه من رعى الأبعدا |
تحليتُ طعمة َ عيشي المري | ر يومَ لقيتك مسترغدا |
و أيقنتُ أن زماني يص | ير عبديَ مذ صرتَ لي سيدا |
و أصبح من كان يقوى عليَّ | و غايتهُ فيَّ أن يحسدا |
و قد كنتُ أصعبَ من أن أصا | دَ رأسا وأعوزَ أن أوجدا |
إذا استام وديَ أو مدحتي | فتى ً رام أخنسَ مستطردا |
يفالتُ قطعا حبالَ القنيص | يرى كلَّ موطنه مشردا |
فآنستني بمديح الرجال | و ذللتني لقبول الجدا |
و لو راض خلقك لؤمَ الزمان | لعلمه المجدَ والسؤددا |
فما أمكنَ القولُ فاسمع أزرك | قوافيَ بادئة ً عودا |
قواضيَ حقَّ الندى والودا | دمثنيً تؤمك أو موحدا |
إذا أكلَ الدهرُ أعواضها | من المال عمرها سرمدا |
لو اسطاع سامعُ أبياتها | إذا قام راوٍ بها منشدا |
لصيرَّ أبياتها سبحة ً | و مثلَ قرطاسها مسجدا |
مهنئة ً أبدا من علاك | بما استأنفَ الحظُّ أو جددا |
و بالصوم والعيدِ حتى تكو | نَ آخرَ من صام أو عيدا |
و حتى ترى واحدا باقيا | كما كنتَ في دهرنا أوحدا |