أنّى يعودُ من الصَّبابة ِ مُفْرِقا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أنّى يعودُ من الصَّبابة ِ مُفْرِقا | و لِقاؤُهُم للبَيْنِ غَادَرَهُ لَقَا |
لم تَعتَرِضْ غِزلانُهُم يَومَ النَّقا | إلا لكي يُخْجِلْنَ غِزلانَ النَّقا |
رَفَعُوا القِبابَو فُرِّقَتْ أَظعانُهم | فِرَقاًأَمَرْنَ الصَّبرَ أن يتفرَّقَا |
و وراءَهُم دَمعٌإذا أوطأتُه | يَوْمَ النَّوى عُنْقَ التَّجَلُّدِ أعنَقا |
هُنَّ الحَيا حَرَمَ الغَميمَ غَمامُه | و سَرَتْ بَوارِقُه يَجُدْنَ الأبْرَقا |
لم يَغْنَ من تلكَ المَحاسنِ مَنْزِلٌ | إلا تَقاضاه الفِراقُفأملَقا |
تَرْقا الدُّموعُو لي على آثارهم | دَمْعٌ رَقاه العاذلون فما رَقا |
لا أَحسِبُ الأَجفانَ يَلقَى بَعْضُها | بَعْضاًإذا كانَ الفِراقُ المُلتَقى |
أَشقيقَة َ الجِزْعَيْنِأيَّة ُ لَوْعَة ٍ | عُجْنا عليكِغَداة َ عُجْنا الأينقا |
منحَتْكِ أنفاسُ الصِّبا ما استُودِعَتْ | و سَقاكِ رَقراقُ الحَيا ما رَوَّقا |
أَيشوقُني طَرَبُ الشَّبابِو إنَّما | شَغَفُ الهِلالِ بحيثُ تمَّ وأشرَقا |
و العُودُ ليسَ يُعَدُّ تِرْباً مَوْطِناً | إلاّ إذا ما اهتَزَّ فيه وأَوْرَقا |
و لقَد وَصَلْتُ إلى الجَوادِ مُغَرِّباً | من بعدِ ما خُضْتُ اللِّئامَ مُشَرِّقا |
و زَجَرْتُ أمثالَ الأَهِلَّة ِ بل تَرى | أجرامَهُنَّ من الأَهِلَّة ِ أمحَقا |
و خَلَعْتُ جِلبابَ الظَّلامِ مُمَسَّكاً | و لَبِسْتُ جِلبابَ الصَّباحِ مُخَلَّقا |
فالآنَ ناضَلْتُ الخُطوبَ بصائبٍ | يُصْميو كم ناضلتُهُنَّ بأَفوَقا |
و رأيتُ سيفَ الدولة ِ السيفَ الذي | يَزدادُ في ظُلَمِ الكَريهَة ِ رَوْنَقا |
أوفى فكان مُحَلِّقاًو مضى فكا | نَ مُزَلِّقاًوسَطا فكانَ مُحرِّقا |
مُتَبَسِّمٌ يَنْهَلُّ في استهلالِه | ماءُ الحياة ِفإن تَلَهَّبَ أصعَقا |
نالَتْ يَداهُ أَقاصيَ المجدِ الذي | بَسَطَ الحَسودُ إليه باعاً ضَيِّقا |
أَعَدُوَّههل للسِّماكِ جريرَة ٌ | في أنْ دنَوْتَ من الحضيضِ وحلَّقا |
أَم هل لمُمْتلىء ِ اليَدَيْنِ منَ العُلا | ذَنْبٌإذا ما كنتَ منها مُملِقا |
صَبْراًفلستَ تنالُ أدنَى سَعْيِه | إلاّ إذا نِلْتَ الصَّبيرَ المُبرِقا |
عَذُبَتْ بِصَفْوِ المَكرُماتِ صِفاتُه | فأتى خليقاً بالمكارمِ أخلَقا |
في جمرة ِ الحَسَبِ التي لا تُصطَلى | و ذُؤابَة ِ الشَّرَفِ التي لا تُرتَقى |
يدنو إلى الأملِ البعيدِ بهمَّة ٍ | تغتالُ أبعدَ مِن مَداه وأسحَقا |
فحَذارِ من لَحْظِ الشُّجاعِإذا رَنا؛ | و حَذارِ من عَزَماتِه إن أطرَقا |
ركَزَ الرِّماحَ على الثُّغورِفأصبحَت | سُوراً على تلك الفِجاجِ وخَندَقا |
مستيقظاً لو رُنِّقَتْ أجفانُه | عن مَشربِ الأيامِ عادَ مُرنَّقا |
لم يَسْرِ عارِضُه إلى أعدائِه | إلا ليُمطِرَهم دَماً متدفِّقا |
حَرَقَتْ سَراياه الدُّروبَكأنَّها | بحرٌ تَدافَعَ مَوجُهفتخرَّقا |
حتّى أباحَ حريمَهملا ظالماً | وَ حَنَا على أبكارِهِمْ لا مُشفِقا |
رفعَ القَنا عن حِملِ هامِ ملوكِهِم | فغَدا وراحَ على الخَليجِ مفلِّقا |
في كلِّ أُفقٍ منه سَهْمُ مَنِيَّة ٍ | يَرنُو إلى كَبِدِ العدوِّ مُفوَّقا |
خَيلٌتُمَزِّقُ كلَّ يَوْمٍ مأزِقاً | و ظُباً تُفَلِّقُ كُلَّ يَومٍ فَيلَقا |
إِسْعَدْ بعيدِك والقَ ما تَهوى به | و لْيَلْقَ مَنْ عاداكَ خَطْباً مُوبِقا |
نَحرٌ نَحَرتَ البُدْنَ فيه مُسَدَّداً | و فَتَكْتَ بالأعداءِ فيه مُوفَّقا |
دَمَيانِ ما تاقَ الشُّجاعُ إليهما | إلا إذا خَلَطَ الشَّجاعَة َ بالتُّقى |
حمَّلْتَني نِعَماً شَرُفْتُ بحَملِها | فإذا نَطقْتُ بها نطقْتُ مُصَدَّقا |
لا تَفْصِمُ الأيامُ طوقيإنني | أصبحتُ بالإحسانِ منكَ مُطوَّقا |