لنا من الدَّهرِ خَصْمٌ لا نُغالبُه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لنا من الدَّهرِ خَصْمٌ لا نُغالبُه | فما على الدهرِ إنْ وَلَّتْ نوائبُه |
يرتدُّ عنه جريحاً من يُسَالِمُه | فكيفَ يَسْلَمُ منه من يُحارِبُه |
و لو أَمِنْتُ الذي تَجني أراقمُه | عليَّ هانَ الذي تَجني عقاربُه |
تَظلَّم الشِّعرُ من ليْثٍ يُساوِرُه | إذا تبرَّجَأوصِلٍّ يُواثبُه |
و حُجِّبَت دون رائيها بدائِعُه ؛ | و قُيِّدَت دونَ مَسراها غرائبُه |
و كيفَ لا يتحامى سَفْرُها سَنناً | أمسى به أَسَدٌ ضارٍ نوائبُه |
يا غَيْبَة َ الكَرَمِ المفقودِ غائبُه | و خيْبة َ الأدَبِ المجفوِّ صاحبُه |
أَتُستباحُ على قَسْرٍ مَحارِمُه | و تُستَرَقُّ على صُغْرٍ كواعبُه |
أَبَعْد ما انْهَدَّ عُمري في محاسنِه | حتى وَهَى بحُلولِ الشَّيْبِ جائبُه |
و رَقرقَ الطبْعُ فيه ماءَ رَوْنَقِهِ | فجاء كالوَشْيِ مصقولاً سَبائبُه |
و كانَ كالثَّمَرِ استقصَيْتُ غايتَه | خُبْراً فما بيدي إلا أطايبُه |
ضَرْبٌ من السِّحْرِ أجْلوه على نَفَرٍ | سِيَّانِ قائلُه فيهم وجالبُه |
تُضيءُ مثلَ سطورِ البرْقِ أسطُرُه | كأنما ذَهَبُ القُرطاسِ كاتبُه |
تدنَّسَتْ بيديْ غَيري مَطارفُه | و سُوِّدَتْ بسِوى قَوْمي مَناسبُه |
وَشْيٌإذا نَمنَمَتْ منه خواطِرُنا | بُرْداًفلا بُدَّ من كَفٍّ تُجاذِبُه |
نَهْبٌفلو حضَرَتْه النارُ مُضْرَمة ً | جرى إليه يخوضُ النارَ ناهبُه |
بل لو تعلَّقَ بالجَوزاءِ هاربُه | ما فاتَ خَطْفَ أبي عثمانَ هارِبُه |
سَبَىو أبقَتْ بَوادي سَبْيهِ لُمَحاً | معشوقة ً إنْ عفَتْ عنها عَواقبُه |
إذا الكميُّ تَحامَى بعضَ ما ملَكَتْ | رِماحُه من خطيرٍفهو واهبُه |
له على سَرْجِ شِعْري غارة ٌ أبداً | يرتاعُ معقولُه منها وساربُه |
فلا السِّنانُ لها دامٍو قد برقَتْ | فتْكاًو لا السَّيفُ مخضوباً مضاربُه |
إذا تخطَّفَ من أولادِنا ولداً | قامتْ بمِثْلِ قوافيه نوادبُه |
إليكُمُ عن شِهابٍ طارَ طائِرُهُ | قِدْماً يُعَرِّي أديمَ الجوِّ ثاقبُه |
فنَكِّبُوا عن طريقِ السَّيْلِ تمتنعُوا | من قبلِ أن تَتَهاداكُم غَوارِبُه |
فلسْتُ أُهدي إلى قومٍ سَمائِحَه | من بعدِ ما قُسِّمَت فيهم جنائبُه |
و لا تَمُدُّوا إلى العيُّوقِ أيديَكم | جَهْلاًفلن يُدرِكَ العيُّوقَ طالبُه |
هل للغَنِيَّيْنِ عُذْرٌ في اغتصابِهِما | حَلْياًيَبوءُ بأَوْفى اللَّعنِ غاصِبُه |
قلْ للوزير تحرَّجْ إنه سَلَبٌ | غَشْماً تعدَّى على المسلوبِ سالبُه |
لا يُبعدِ اللّهُ دُرّاً حلَّياكَ به | فكَمْ فتى ً عُطِّلَتْ منه تَرائِبُه |
و مرْكبَاً يتحرَّى الصِّدقَ مادِحُه | حُسْناًكما يتحرَّى الإفْكَ عائبُه |
مُدّفَّعاً بأكُفِّ الظُّلمِ رائضُهُ | مُنكَّباً برماحِ الجُودِ راكبُه |
أضحى ابنُ فهْدٍ حَرِيباً من مَحاسنِه | من بعدِ ما بُذِلَتْ فيها حَرائبُه |
و أنتَ لا شكَّ من أفوافِ يُمنَتِه | عارٍكما عُرِّيَت منها مناكبُه |
و كيفَ تسحَبُ وَشْياً قد تداولَه | قومٌ سِواك فقد رَثَّت مساحبُه |
تبرَّجَتْ فيهمُ قِدْماً عرايسُه | و أشرقَتْ فيهمُ دهراً كواكبُه |
لا يُعجِبَنَّكَ دينارُ المديحِو لم | يَضْرِبْهُ باسمِكَ دونَ الناسِ ضارِبُه |
فخيرُ صَيدِكَ ما حلَّت مَصايِدُه ؛ | و خيرُ مالِكَ ما طابَتْ مَكاسِبُه |
و إن أَصَخْتَ لتَغريدِ المديحِفقد | وافَى مُغَرِّدُهُو انحطَّ ناعبُه |