أَمِنَ العيونِ ترومُ فَقْدَ عَنائِه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَمِنَ العيونِ ترومُ فَقْدَ عَنائِه | هَيهاتِ ضَنَّ سَقامُها بشِفائِه |
ما كان هذا البينُ أوَّلَ جَمرة ٍ | أذكَتْ لهيبَ الشَّوقِ في أحشائِه |
لولا مساعدة ُ الدموعِ ودَفْعُها | خوفُ الفِراقِ أتى على حَوبائِه |
مفقودَة ٌ شِيَة ُ الجوادِ لنَقْعِهِ | وحُجولُ أربعة ٍ لخَوْضِ دِمائِه |
أوجحفلٌ لعبَتْ صدورُ رِماحِه | فكأنما انقضَّتْ نجومُ سَمائِه |
لَجِبٌ توشَّحَتِ البسيطة ُ سيلَه | وتعمَّمت أعلامُها بعمائِه |
متبسِّمٌ قبلَ النهارِكأنما | زَرَّ النهارُ عليه ثَوبَ ضَحائِه |
ويُريكَ بينَ مُدجَّجٍ ومُدرَّعٍ | خِلَعَ الرَّبيعِ الطَّلْقِ بينَ نِهائِه |
يَثنيه في السَّيْرِ الحثيثِ بلحظِهِ | كالريحِ تَثني الغيمَ في غُلَوائِه |
فكأنَّ أشتاتَ الجِبالِ تجمَّعَتْ | فتعرَّضَتْ من دونِهِ ووَرائِه |
فهناك تَلْقى الموتَفوق قَناتِه | متبرِّجاَ والنصرَ تحتَ لِوائِه |
أَعَدوَّهأوفَى عليكَ مشوَّقاً | بِقِراعِهإذ لستَ من أكفائِه |
ومُشمِّراً قد شُلَّمن إدلاجِه | ليلُ التمامِ وملَّ من إسرائِه |
ودقيقَ معنَى العُرفِ يجعلُ بشرَه | بدرَ العدوِّ وتلك من أكفائِه |
وإذا النَّسيمُ وَشى إليك مصبِّحاً | بمسَرّة ٍفحَذارِ من إمسائِه |
قد قلتُإذ سالَت عَدى أمامَه | سَيْلَ السَّرابِ جرى على بَطحائِه |
ما بالُه مُغرى ً بوَصْلِ عدوِّه | وعدوُّه مُغرى ً بوَصْلِ جَفَائِه |
يا موجِباً حقَّ السَّماحِ بنائلٍ | تتقاصَرُ الأنواءُ عن أنوائِه |
والمبتني بيتَ العَلاءِ ببأسِه | فغدا عَلاءُ النجمِ دونَ علائِه |
وإذا بحارُ المكرُماتِ تدفَّقَت | فجميعُها تمتارُ من أندائِه |
كم مِنَّة ٍ لكَ ألبَسَتْني نِعْمَة ً | تَدَعُ الحسودَ يذوبُ من بُرَحائِه |
صُنتُ الثناءَ عن الملوكِ نزاهة ً | وجعلتُه وَقْفاً على آلائِه |
ألفاظُه كالدُّرِّ في أصدافِهِ | لا بل تَزيدُ عليه في لألائِه |
من كلِّ رَيِّقَة ِ الكلامِكأنما | جادَ الشبابُ لها بِرَيِّقِ مائِه |
فالشِّعرُ بحرٌ نلْتُ أنفَسَ دُرِّه | وتنافسَ الشعراءُ في حَصْبَائِه |
وأنا الفداءُ لمن مَخِيلَة ُ بَرقِه | حظِّي وحظُّ سواي من أنوائِه |
قَمرٌإذا ما الوشيُ حِينَأذالَه | كيما يَصونَ بهاءَه ببهائه |
خَفِرُ الشَّمائلِ لومَلَكتُ عِنَاقَه | يومَ الوَداعِ وهَبْتُهُ لحَيائِه |
ضَعُفَتْ مَعَاقِدُ خصرِه وعهودهُ | فكأنّ عَقْدَ الخصرِ عَقْدُ وَفَائِه |
أدنوإلى الرُّقّباءِ لا من حبِّهم | وأصدُّ عنه وليس من بَغضائِه |
للّهِ أيُّ محاجرٍ عنَّتْ لنا | بمُحَجَّرٍإذ ريعَ سِربُ ظِبائِه |
ونواظرٍ وجدَ المحبُّ فتورَها | لمّا استقلَّ الحيُّفي أعضائِه |
وَ حَياً أرقتُ لبرقِهفكأنه | قَدَحُ الزِّنادِ يطيرُ في أرجائِه |
سارٍ على كَفَلِ الجَنوبِمقابلٍ | حَزَنَ البلادِ وسهلَها بعطائِه |
حنَّتْ رواعِدهُفأسبل دمعُهُ | كالصَّبِّ أتبعَ شدوَه ببكائِه |
وسقَتْ غَمائِمُهُ الرِّياضَكأنما | جُودُ الأميرِ سقى رياضَ ثَنائِه |
سَفَهاً لِمَنْ سمَّاه سيفَ حفيظَة ٍ | هلاَّ أعارَ السَّيفَ من أسمائِه |
متجرِّدٌ للخطبِ عرَّاضُ القَنا | والمَشرفيّة ُ من مَشِيدِ بنائِه |
ومواجهٌ وجهَ العدوِّ بصَعدَة ٍ | ينقضُّ كوكبُه على شَحنائِه |
والرومُ تعلمُ أنَّ تاجَ زعيمِها | مُلقى ً بحدِّ السَّيفِ يومَ لِقائِه |
لما حماه القّرُّ سفكَ دمائِهم | أضحى يَعدُّ القَرَّ من أعدائِه |
حَمَدَ الغمامَ وذمَّه ولربَّما | ساء الحبيُّ وسَرَّ عندَ حبائِه |
قَلِقٌيُفنِّيه الحديدُفينثني | جَزْلانَ مثلوجَ الحشا بفَنائِه |
إنَّ الربيعَ مُبيدُ خضراءِ العِدا | ومُسيلُ أنفسِهم على خَضْرائِه |
ولو أنهم قدَروا على أعمارِهم | وصلوا بها الأحوالَ عمرَ شِتائِه |
إن عاقَه عما يحاولُ صِنوُه | وشبيهُه في بِشره وعَطائِه |
فكأنَّني بجبينِه في مأزقٍ | متمزِّقٍ عنه دُجى ظلمائِه |