رويدَكَ عن تفنيدِ ذي المُقلَة ِ العَبْرَى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رويدَكَ عن تفنيدِ ذي المُقلَة ِ العَبْرَى | وقَصرُكَ أنَّ الدَّمعَ غاية ُ ما نَهوى |
ولا تبكِ إلاّ بعدَ طولِ صبابة ٍ | وحسْبُك من فرطِ الصَّبابة ِ ما أَبكى |
إذا الدمعُ لم يبرَحْ مَحَلاًّ يَحُلُّه | سرى الدمعُ من أَجفانهِ قَلِقَ المَسرى |
حَماهُ الكَرى برقٌ تَأَلَّقَ بالحمى | إذا ما خَفَى وهْناً أبى الشوقُ أن يَخفى |
وقى اللّهُ من شكوى الصبابة ِ خُلَّة ً | شكوتُ الذي أَلقى فأضعفَ في الشكوى |
أُكاتمُ بَلْوى الحبِّ كيما أُبيدَه | وعينيتَفيضُ الدمعَعينٌ على البلوى |
أُواصِلُ فيها الدمعَ يَدمَى مسيلُهُ | وأقطعُ أنفاساً مسالِكُها تَدمى |
تذكَّرتُ إذ سَهْمُ الهَوى غير طائشٍ | وإذ أسهُمُ الأيامِ طائشة ُ المَهوى |
وكم ليلة ٍ أحيَتْ نفوسَ ذَوي الهَوى | عِناقاً وكانت لا تموتُ ولا تَحيا |
ويومَ أَرانا العيشَ يهتزُّ عِزَّة ً | بما قد حوى من غُرَّة ِ الرشأِ الأَحوى |
جَلَوْنا به الكاساتِ والأفقُ عاطلٌ | إلى أن تَبَدَّى الأفقُ في حُلَّة ٍ تُجلى |
فصافحَ منها الشَّرْبُ كلَّ مَشوقَة ٍ | عليها رِجالُ الفُرسِ يقدُمُهم كِسرى |
نُحَيَّا ونُسْقى في الزُّجاجة ِ باطلاً | إذا نحنُ حقَّقْنا التحيَّة َ والسُّقيا |
ويُلْبِسُه ساقي المدامة ِ حُلَّة ً | ولكنّه في كَفِّ شارِبه يَعْرَى |
وليلٍ رَحيبِ الباعِ مَدَّ رِواقَه | على الأفقِحتى خِيلَ في حُلَّتَي ثَكْلَى |
يُقِّيدُ ألحاظَ العيونِ حِجابُه | كأنَّ بَصيرَ القومِ من دونِه أعمى |
ترَدَّيتُه حتَّى رأَيتُ رِداءَهُ | يَرِقُّ بمنشورٍ من الصبحِ لم يُطْوَ |
ولاحَ لنا نَهْجٌ خَفِيٌّ كأنَّهُ | إذا اطَّرَدَتْ أثناؤُهحيَّة ٌ تَسعى |
إلى سيِّدٍ يُعطي على الحمدِ مالَه | فيأخُذُ ما يَبقى ويُعطي الذي يَفنى |
وأبيضَ يَحمي كلَّ أبيضَ ماجِدٍ | إذا لاحَ فرداًفهوصاحبُه الأدنى |
ومزمومَة ِ الأطرافِ مُصفَرَّة ِ القَرى | مؤلَّفة ِ الأعضاءِ من فِرَقٍ شتَّى |
تَشرَّدَ من أولادِها كلُّ زائرٍ | فيا لَكِ أُمّاً ما أَعقَّ وما أَجفى |
إذا طار عنها انفلَّفي كلِّ نَثلَة ٍ | دِلاصٍ كما ينفلُّ في الشَّمَطِ المِدْرَى |
وإنْ حادَ عن نفسٍ هَدَاه لها الرَّدى | ولم يُرَ سارٍ قبلَه بالرَّدى يُهْدى |
طلعْتَ عليه والذوابلُ تَلتوي | أسنَّتُها في نَحرِ كلِّ فتى ً ألوى |
وأسفرْتَ والألوانُ تَرْبَدُّ خِيفَة ً | وبيضُ الظُّبا تَدْمَى وسُمْرُ القَنا تَفْنَى |
تَقَيَّلْتَعبدَ اللّهِفي البأسِ والنَّدى | فما حِدْتَ يوماً عن طريقتِه المُثلى |
وأنتَ رفعتَ الشِّعْرَ بعدَ انخِفاضِهِ | بجودِكَحتى صار في ذِروَة ِ الشِّعرى |
فكم مِدحَة ٍ غِبَّ النَّوالِ تبسَّمَتْ | كما ابتسمَ النُّوَّارُ غِبَّ حَيَاً أروَى |
ثَناءٌ أبانَ الفضلَ مني لحاسِدٍ | تبيَّنَ فيه ذِلَّة ُ العبدِ للمَولى |
يجولُ فِجاجَ الأرضِ وهومقيَّدٌ | بقافية ٍ يَبلى الزمانُ ولا تَبلى |
وما ضَرَّ عِقْدٌ من ثَناءٍ نظمتُه | وفصَّلتُهُ أن لا يعيشَ له الأعشى |