برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى | وكانت ثراهُ هامة َ السحب في الذرا |
وكان عليه جوهر الذكر أبيضاً | فزاوجت فيه جوهر الدمع أحمرا |
وكنت أرى عيشي مناماً بقربه | فيا أسفي بالبعد كيف تفسرا |
وأجريت دمعاً كان يحسب فقده | زماناً لسوء الحظ لي وكذا جرى |
بروحي الأولى أفناهمُ الدهر مبقياً | ببعدهمُ هماً من الخطب أكبرا |
سقانا بكأس قد سقاهم بمثلها | ولكنهم كانوا على الموت أصبرا |
ألا في سبيل الله سارٍ للحده | وفي كل أفق ذكر علياه قد سرى |
حميد المساعي كيفما حل بلدة | غدت بلدة فوق السماء وأزهرا |
مضى طاهر الآثار في كل منزل | ألذّ من الماء الزلال وأطهرا |
عفيف السجايا باسط اليد بالندى | وان كان الا من غنى النفس مقترا |
يطوف بعلياه الثناء محلقاً | وان كان عن أدنى مداه مقصرا |
ويهتز للذكر الجميل كأنه | وحاشا بقاه قد تناول مسكرا |
ويظهر مجداً والتعبد قبله | وانا لنرجو فوق ذلك مظهرا |
أتى الشام من مصرٍ ولم نر مثله | غماماً أتى من مصر للشام ممطرا |
فنور مرعى القاصدين وسبلهم | فيالك في الحالين روضاً منّورا |
ومد يد النعمى الى كل فضة | دنا ورقٌ منها اليه فأثمرا |
وقابل أسرار الملوك بصدره | وأورد عنهم باليراع وأصدرا |
وأخدمهم من رأيه ومداده | صواباً كما ترضى الملوك وعنبرا |
وصان حمى الاسلام بالقلم الذي | إذا مد حبراً خلت درّا محبرا |
ونظم أسلاك السطور فحليت | من التاج أجياد الممالك جوهرا |
وصادفني في معشرٍ بديارهم | بعيدا من الحيّين دارا ومعشرا |
فكمل منقوصاً من اسمي لديهم | وعرفني فيهم وكنت منكرا |
ويسر من رزقي بيمن بنانه | فيمَّن ماشاءت يداه ويسرا |
وحاول جبري رأفة وتعطفا | وقد كان جمع المال جمعاً مكسرا |
وأثنى على جهدي بما هو أهله | وأظهر أفعال الجميل وأضمرا |
فما لي لا أثني على جود كفه | لديَّ كما أثنى على المطر الثرى |
وأبكي بلفظ من رثاء وأدمع | منظمَ درٍّ تارة ً ومنثرا |
على ذاهب قد كان للقصد ملجأ | وللظن مرتاداً وللعين منظرا |
وعاد إلى جنات عدن تزينت | ونحن الى نيران حزن تسعرا |
فلهفي على دنيا العفاة تنكرت | ولهفي على ربع السماحة اقفرا |
ولهفي على بيت السيادة والتقى | ولهفي على حي القراءة والقرى |
ولهفي على حكم تحف بلينه | بوادر تحمي صفوه ان يكدرا |
ولهفي على رأي يضيء به الهدى | اذا النجم في أفق السماء تحيرا |
ولم أنس مسرى نعشه يوم جمعة | تجمع هماً كالخميس اذا سرى |
ولهفي على جار من الجود طالما | جرى معه صوب الحيا فتعطرا |
وقد وعظتنا الحال منه كأنه | خطيب رقي من صهوة النعش منبرا |
مواعظ من حيث السكوت وانها | لأبلغ من نطق الفصيح اذا انبرى |
كأن لم يسر والكاتبون أمامه | يجهز وفدا أو يجهز عسكرا |
كأن لم يجل يومي وغى وسماحة | يراعاً كما سُل القضيب وأزهرا |
كأن لم يهز القصد منه شمائلاً | ولا قلماً يعزى إلى الخضر أخضرا |
على مثل هذا شارطَ الدهر أهله | إذا سرّ أبكى أو إذا ودّ غيرا |
فمن سبرَ الأحوال لم يعتجب لها | من عرف الأيام لم يرَ منكرا |
ومن ناله صبح المشيبِ ولم يفق | الى طلب الاخرى فما هب من كرى |
كما طلب ابن الخضر دار مقامه | فغلّس في بغيا النعيم وبكرا |
وما ترك ابن الخضر ميراث واجدٍ | سوى الذكر فيّاحاً أو الأجر نيرا |
وأعناق أحرار تملك رقها | وأحوال قوم قبل ما مات دبرا |
عليك سلام الله من مترحل | نخي رت قدماً ودّه وتخيرا |
فألبسني ثوبَ الولاء معتقاً | والبسته ثوبَ الثناءِ محررا |