الله جارك إن دمعيَ جاري
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
الله جارك إن دمعيَ جاري | يا موحشَ الأوطان والأوطار |
لما سكنت من التراب حديقة | فاضت عليك العينُ بالأنهار |
شتان ما حالي وحالك أنت في | غرفِ الجنان ومهجتي في النار |
خفّ النجا بك يا بنيّ الى السرى | فسبقتني وثقلتُ بالأوزار |
ليت الردى إذ لم يدعك أهاب بي | حتى ندوم معاً على مضمار |
ليت القضا الجاري تمهل ورده | حتى حسبت عواقب الإصدار |
ما كنت إلا مثل لمحة بارق | ولي وأغرى الجفن بالإمطار |
أبكيك مابكت الحمامُ هديلها | وأحنّ ما حنت الى الأوكار |
أبكي بمحمرّ الدموع وانما | تبكي العيون نظيرها بنضار |
قالوا صغيراً قلت إنّ وربما | كانت به الحسرات غير صغار |
وأحقّ بالأحزان ماض لم يسيء | بيدٍ ولا لسنٍ ولا إضمار |
نائي اللقا وحماه أقرب مطرحا | يا بعد مجتمع وقرب مزار |
لهفي لغصن راقني بنباته | لو أمهلته التربُ للإثمار |
لهفي لجوهرة ٍ خفت فكأنني | حجبتها من أدمعي ببحار |
لهفي لسار حار فيه تجلدي | واحيرتي بالكوكب السيار |
سكن الثرى فكأنه سكن الحشا | من فرط ما شغلت به أفكاري |
أعزز عليّ بأنَ ضيف مسامعي | لم يحظَ من ذاك اللسان بقاري |
أعزز عليّ بأن رحلت ولم تخض | أقدام فكرك أبحر الأشعار |
أعزز عليّ بأن رفقت على الردى | وعليك من دمعي كدرّ نثار |
أبنيّ ان تكسَ التراب فانه | غايات أجمعنا وليس بعار |
مافي زمانك ما يسرّ مؤملاً | فاذهب كما ذهب الخيال الساري |
لو أن أخباري اليك توصلت | لبكيت في الجنات من أخباري |
أحزان مدّكرٍ ووحشة ُ مفردٍ أنبيّ اني قد كنزتك في الثرى فانفع أباك بساعة الإقتار | ومقام مضيعة وذلّ جوارسقط بيت ص |
أبنيّ قد وقفت عليّ حوادثٌ | فوقفنَ من طلل على آثار |
ومضى البياض من الحياة وطيبها | لكنها أبقته فوق عذاري |
نمْ وادعاً فلقد تقرح ناظري | سهراً ونامت أعينُ السمار |
أرعى الدّجى وكأنّ ذيل ظلامه | متشبثٌ بالنجم في مسمار |
خلع الصباح على المجرة سجفه | أم قسمت شمس النهار دراري |
أم غاب مع طفل أخيرُ دجنتي | لا كوكبي فيها ولا أسحاري |
تباً لعادية الزمان على الفتى | فلقد حذرت وما أفاد حذاري |
وحويت ديناراً لوجهك فانتحى | صرف الزمان فراح بالدينار |
أبنيّ ان تبعد فان مدى اللقا | بيني وبينك مسرعُ التيار |
ان تسقني في الحشر شربة كوثرٍ | فلقد سقتك مدامعي بغزار |
كيف الحياة وقد دفنت جوانحي | ما بين أنجادٍ إلى أغوار |
وحوى نبيّ تراب مصر وجلق | كالغيم مرتكناً على أقمار |
طرقت على تلك النفوس طوارق | وطرت على تلك الجسوم طواري |
وبدت لدى البيدا مطي قبورهم | علماً بأنهم على أسفار |
قسماً بمن جعل الفناء مسافة | إنا على خطرٍ من الأخطار |
قل للذين تقدمت أمثالهم | أين الفرار ولات حين فرار |
ما بين أشهبَ للظلام معاود | ركضاً وأدهم للدجى كرار |
يطأ الصغير ومن يعمر يلتحق | وعليه من شيبٍ كنقع غبار |
مالي وعتب الشهب في تقديرها | ولقد تصاب الشهب بالأقدار |
لاعقرب الفلك اللسوب من الردى | ينجو ولا أسد البروج الضاري |
يرمي الهلال بقوسه أرواحنا | ولقد يصاب القوس بالأوتار |
كتب الفنآء على الشواهد حجة | غنيت عن الأقرار والانكار |
فلتظهر الفطن الثواقب عجزها | فظهوره سر من الاسرار |
وليصطبر متفجع فلربما | فقد المنى ومثوبة الصبّار |
أين الملوك الرافلون الى العلى | عثروا الى الأجداث أيّ عثار |
كانوا جبالاً لا ترام فأصبحوا | بيد الردى حفنات تربٍ هار |
أينَ الكماة ُ إذ العجاجة أظلمت | قدحوا القسيّ وناضلوا بشرار |
سلموا على عطب الوغى ودجى بهم | داجي المنون الى محل بوار |
أين الأصاغر في المهود كأنما | ضمت كمائمها على أزهار |
خلط الحمام عظامهم ولحومهم | حتى تساوى الدرّ بالاحجار |
فلئن صبرت ففي الأولى متصبرٌ | ولئن بدا جزعي فعن أعذار |
درت عليك من الغمام مراضعٌ | وتكنفتك من النجوم جوار |
تسقي ثراك وليس ذاك بنافعي | لكن أغالط مهجتي وأداري |