عذيريَ من ساجي اللواحظ أغيد
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
عذيريَ من ساجي اللواحظ أغيد | يصول بأسياف الجفون ولا يد |
غزالٌ يناجيني بلفظٍ معرب | ولكنه يسطو بلحظٍ مهند |
وقدّ روت عن لينه واعتداله | صحاح العوالي مسنداً بعد مسند |
إذا قعدت أردافه قام عطفه | فيا طول شجوي من مقيم ومقعد |
كلفت به من قبل ما طال قدّه | فطوّ له فرطُ العناق المردد |
وعاينت من فيه العقيقي خاتماً | فصغت له باللثم فص زبرجد |
وحدثني من ثغره ورضا به | عن الجوهريّ المنتقى والمبرّد |
وكنت حذرت الخود حين تمردت | فأوقعني طرفي لأمرد أمرد |
يخيلُ لي أني له لست عاشقاً | لأن ليس لي في حبه من مفند |
ولولا الهوى ما بتّ بالدمع غارقاً | عليه وأشكو للورى غلة الصدي |
وألثم عطفيه وجفنيه بعد ما | قتلت برمح منهما ومهند |
وأبصر فيما تحت صدغيه من سناً | خيالي خلوقاً تحت محراب مسجد |
وربَّ مدام من يديه شربتها | معتعة ً تدعو لعيش مجدد |
إذا جئته تعشو الى ضوء كاسه | تجد خير نار عندها خيرُ موقد |
تحدثك الأنفاس فيها عن اللما | ويأتيك بالأخبار من لم تزود |
فشم بارقاً قد خولتك ولا تشم | لخولة اطلال ببرقة ثهمد |
من اللآء خفت في يمين مديرها | فلو أهرقتها الكأسُ لم تتبدد |
مصعدة من حيث تم كيانها | تطافُ علينا في إناءٍ مجسَّد |
فأحسن بها من كفّ ساقٍ كأنه | إذا حفها محتاب ثوب مورَّد |
إذا قهقه الإبريقُ في فمه انثنى | فقل في قضيبٍ ماس تحت مغرد |
كأن سنا راووقها وصبيبها | حبالُ شعاعِ الشمسٍِ تفتلُ باليدِ |
كأن بقايا ما نضامن كؤسها | أساورُ تبرٍ في معاصمِ خرَّد |
كأن مليك الفرس صوَّر نفسهُ | على جامها عمداً فمن يدنُ يسجدِ |
سقى الغيث عني ذلك العيش إنه | تولى هنيءَالوردِ غير مصرَّد |
و فرق إلا مقلتي وسهادها | وجمَّع إلا مهجتي وتجلدي |
و بدرً سرى في طية ِ البينِ متهماً | فيا صاحبي دمعاً لعلك منجدي |
و قال التسلي بعدنا لجفونه | سهرتِ زماناً يا نواعسُ فارقدي |
حبيبٌ قسمت الشعرَ ما بين حسنهِ | وأوصافِ ملكٍ شامخِ القدرِ أصيدِ |
فلا غزلٌ إلا لهُ من قصيدة ٍ | ولا مدحَ إلا للمليكِ المؤيدِ |
مليكٌ رأى أن لا مباريَ في الورى | فظلَّ يباري سؤددَ اليومِ بالغدِ |
أخو عزماتٍ في العلى جدَّ جدها | فلا ددُ منها لاَ ولاَ هي من ددِ |
سما وعلا حتى كأن ذيولهُ | غمائم قد لينت على فرق فرقد |
يطوف رجآء المعتفين مقامه | بأبلج هطَّال اليدين ممجدِ |
لو اختصمت أهل المكارم في الندى | لقال مقال الحق ملكي وفي يدي |
و لو قصدته الوحشُ والطيرُ لم ترع | بمفترسٍ يوماً ولا متصيد |
كذلك فليحفظ تراثَ جدودهِ | مليكٌ بني فوقَ الأساس الموطد |
توافقتِ الأهواءُ في ذات فضله | فمن حاكمٍ عن علمه ومقلد |
متى شئت يا راعي الكرام وجدته | غمام الندى في دسته قمر الندي |
يؤم حماهُ طالبٌ بعد طالبٍ | فذو الحال يستجدي وذو العلم يقتدي |
مباحثُ علمٍ بلدت كلَّ مفصح | على أنها قد فصَّحت كلَّ أبلد |
و لفظٌ كانَّ السحر فيه محللٌ | ألم ترهُ في الذوقِ غيرَ معقد |
كأن النجومَ الزهرَ في كبد الدجى | شرارُ لظى ً من ذهنه المتوقد |
و لا عيبَ فيه غيرُ إسراف جوده | وأنَّ مدى علياهُ غيرُ محدد |
تجولُ ثغورُ اللثمِ حولُ بنانه | كما جالَ عقدٌ في ترائب أجيد |
هيَ النفسُ ماأفنت ثراءً مفرقاً | فعوَّضها إلا بمجدٍ منضد |
و ما المالُ بين الناس إلا أزاهرٌ | بروضٍ متى لم تجن تهوِ وتفقد |
رعى الله أيامَ المؤيد إنها | أحقّ وأولى بالثناء المؤيد |
حمت وهمت فالناسُ ما بين هاجدٍ | أماناً وداعٍ في الدجى متهجد |
و ما عرفت يومي ندى ً وشجاعة | بأخلاقِ موعودٍ ولا متوعد |
وربَّ وغى ً موهي السوابغَ حرها | ويتركُ أعطافَ الحسامِ كمبرد |
تيممها الملكُ المؤيدُ وادعاً | تيممَ منصورِ اللواء مطوَّد |
جلت بمساويك الرماح جيوشه | خلوفَ العدى من كلّ ثغرٍ ممهد |
وصلت بأوطان الشهادة بيضهم | تماماً كأنَّ البيض زوارُ مشهد |
تقوم بأيديهم وتركعُ في الطلا | وتسجدُ في بطن الجوادِ المزرد |
دع المبتغي نحو الاركام شافعاً | وجئه فقيراً بالرجاء المجرد |
هنالك تلقى نعمة ً إثرَ نعمة ٍ | لداعي الندى مثل النداء المؤكد |
و مبيضّ آثار الصنائع أحمدت | مناقبه أيام كلّ مسود |
اذا شامَ رأيا في الملمات كفها | بأفتك من صرف الزمان واكيد |
و ان طلب الاعداء راع جيادهم | فذو السبق في تمحيله كالمقيد |
و خلفهم تبكي على الجسد الطلا | بكاءَ لبيدٍ يوم فرقة أربدِ |
و قصرَ عن هيجائه شعرُ مادحٍ | فأصغى الى مدح الوشيج المقصد |
و حدثنا يومَ الفخار جبينه | أخاديث صدق عن طهارة محتد |
و لولا تكاليف العلى وشجونها | لما كان فيها مرصدٌ فوق مرصد |
ليهنكَ ودَ الناصرِ الملك انهُ | دليلٌ على وصل الهنا المتودد |
أخذتَ به من كل ريبٍ براءة ً | فيالك من أنفالِ رأي مسدد |
و قطعت أسباب الحوادث بعدما | علقتَ بحبل من حبال محمد |
و هزك غصناً في مهمات ملكه | فصان بمسلول وزانَ بمعمد |
و مازلت للألقاب في الفضل صالحاً | تشرفها ما بين مثنى وموحد |
كأني بأوطان العراق وقد عنتْ | لشام وأقصى شرقها وكأن قد |
و لست اذا عد المقالُ بكاهنٍ | ولكنّ من تزجر بيمنكَ يرشد |
اليك سلكت الخلق سمحاً وباخلاً | وجبت المرامي فدفداً بعد فدفد |
فوفيتني وعد الاماني وانها | سجية ُ اسماعيل في صدقِ موعد |
و جاد بك الدهرُ البخيلُ وطالما | تدفَّق عذبُ الماء من قلب جامد |
فيا ليت قومي يعلمون بأنني | تعجلت من نعماك أضعاف مقصدي |
و جملت فيك الشعر حتى نظمتهُ | فما البيتُ الا مثل قصرٍ مشيدِ |
وأخملت أرباب القريض كأنني | أدرت على أسماعهم كأس مرقدِ |
فلا زلت مخدوم المقام مخلداً | ومن يكتسب هذا الثناء يخلد |
شكرتك حتى لم تدع لي لفظة ً | وكدت بأن أشكوكَ في كل مشهد |
لأنك قد أوهنت جهدي باللهى | وأنسيتني أهلي وأكثرت حسَّدي |