كلم يقدمها المسيء الجاني
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كلم يقدمها المسيء الجاني | لذوي المعارف لا ذوي التيجان |
نفثات مصدور إلى من هم بها | أدرى وأحرى منه بالتبيان |
وجميل شكر للذين تصدّروا | في ندوة العلما وللأركان |
لله درّهم سوابق حلبه | فيها العقول فوارس الميدان |
شربوا رحيق العزم والجد الذي | لم يخش مدمنه من الحرمان |
هبوا وأمر الكل شورى بينهم | والرأي قبل شجاعة الشجعان |
نهضوا لنفع المسلمين بنشر ما | عنهم يصد طوارق الحدثان |
ودعوا إلى طلب العلوم على | اختلاف فنونها والعلم ذو أفنان |
وإلى اجتماع قلوب من إيمانهم | بمحمد المحمود ذو اطمئنان |
ولنعم ما عقدت خناصرهم على | ابرازه من حيّز الكتمان |
والعلم اشرف مقتنى وأجلّه | وبه تفاضل نوعنا الإنساني |
فذوُوه في عز ومجد باذخ | ورفيع منزلة وسعد قران |
العلم يطلب كي يزج بحامليه | إلى التربّع في ذرى كيوان |
من حيث كان وكيف كان لعيشة | الدنيا وللأبدان والأديان |
هذا رسول الله نبّهنا على | عدل المجوس وحكمة اليونان |
والاجتماع أجل حصن رادع | عبث الخصوم وسَوْرة العدوان |
والمؤمنون كما أتانا في حديث | الصادق المصدوق كالبنيان |
ومتى تخاذلنا وأهمل بعضنا | بعضاً خلعنا خلعة الايمان |
وأصابنا الفشل الذي يقفوه ذل | واضطهاد ليس بالحسبان |
إن افتراق المسلمين أذاقهم | ضيم الهضيمة بعد عظم الشان |
وهنت عزائمنا وأصبح هازئاً | بخمولنا الوثني والنصراني |
فعلام فرقتنا التي ألقت بنا | في هوّة الإهمال والخذلان |
ولم التنافر والتباغض بيننا | والحقد وهي مدارك النقصان |
ها كل طائفة من الإسلام مذعنة | بوحدة فاطر الأكوان |
وبأن سيدنا الحبيب محمداً | عبد الإله رسوله العدناني |
وإمام كل منهم في دينه | أخذا ورداً محكم القرآن |
فإلهنا ونبينا وكتابنا | لم يتّصف بالخلف فيها اثنان |
والكعبة البيت الحرام يؤمها | قاصي الحجيج لنسكه والداني |
وصلاة كل شطرها وزكاته | حتم وصوم الفرض من رمضان |
أفبعد هذا الاتفاق يصيبنا | نزغ ليفتننا من الشيطان |
وإن اختلفنا في الفروع فذاك عن | خير البرية رحمة المنان |
وحديث تفترق النصارى واليهود | وامتى فرقا وروى الطبراني |
لكن زيادة كلها في النار إلا | فرقة لم تخل عن طعان |
بل كلهم في جنة وعدوا بها | بالنص في آي من القرآن |
وكذا أحاديث الرسول تضافرت | أن الموحد في حمى الرحمن |
وإذا أردت بيان ما أوردته | فأنظر فتاوى الحافظ الشوكاني |
فلقد أتى فيها بما يشفي العليل | من الدليل وساطع البرهان |
وأفاد فيها ما يلاشي بيننا | إحن النفوس وشأفة الشنئآن |
إيهاً رجال الندوة اجتهدوا ولا | تهنوا فرب الخيبة المتواني |
وامضوا على غلوائكم قدماً ولا | تخشوا معرة فاسدي الأذهان |
فالحق قائدكم وأنتم تعلمون | موارد الأرباح والخسران |
أو ما رويتم حين أقبل جيش أهل | الشام قولاً عن أبي اليقظان |
والله لو بلغوا بنا طرداً إلى | هجر لما عجنا إلى الإذعان |
ولتسمعن أذى كثيراً فاصبروا | واكسوا المسيء مطارف الإحسان |
ماذا على الحكماء من أضدادهم | قدح السفيه ومدحه سيّان |
والله شاكر سعيكم ورسوله | وأمينه عبد الحميد الثاني |