فتنتك حين بدت بوجه مسفر
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
فتنتك حين بدت بوجه مسفر | ورنت مسلمة بطرف أحور |
واستقبلتك فكاد ضوء جبينها | وشعاعه يغتال عين المبصر |
وتخوّفت من أن تضار فأسلبت | من فرعها أذيال ليل مغدر |
وتبسّمت فبدى لعينك لؤلؤ | من ثغرها يزري بعقد الجوهر |
وتمايلت فسجدن أغصان الربا | من غير ماآب ولا مستكبر |
خود مخدرة بأسهم لحظها | تسبي وتأسر كل ليث مخدر |
حوراء تخترم النفوس ولم تبل | علماً بأن قتيلها لم يثأر |
عوج حواجبها قويم نهدها | بيض ترائيبها بياض المرمر |
هيفاء قدٍّ كاد دائر بندها | في الخصر يصلح خاتماً في الخنصر |
وتنوء ذاك الخصر حال نهوضها | أعباءُ ما أكتنفت عقود المئزر |
أنسيت ليلة كنت ثم سميرها | ما بين كاعبة تميس ومعصر |
متمتعاً بحديثها متعاطياً | من كاسها قدح العقار المسكر |
صهباء راصدة بشهب حبابها | في الصدر شيطان الهموم المعتري |
وصفا به للأذن حال سماعها | نغمات غانية ورنّة مزهر |
يذكو شذى الأزهار في أرجائه | وبه يفوح شميم نفح العنبر |
فكأنه أرج الثناء ونشره | في محسن الملك السمي المخفر |
المعرق النسب الشريف المنتقى | من آل فاطمة البتول وحيدر |
نسبٌ له تعنو وجوه ربيعة | وتخرّ ساجدة تبابع حِميَر |
آباء مجد أنجبت بأماجد | ونجوم هدي نيّر من نيّر |
حتى أتت بخلاصة الآل الذي | أخذ اللواء وكان بالأخذ الحرى |
مهدي على خان الذي أبدى لنا | في المجد ما عن غيره لم يؤثر |
معلي منار العلم فارس بحثه | ومعين فائض عذابه المتفجر |
ما أن له إلا المعالي قنية | قصر الزمان وهمه لم يقصر |
جماع أشتات الفضايل والعلا | ومشتّت المال العديد الأكثر |
وإذا بسوق المجد سيمت صفقة | تلقاه بالثمن الشطيط المشترى |
والطاهر الشيم الذي أخلاقه | لطفاً أرق من النسيم المسحر |
ذو خبرة وبصرة بهما غدا | لبسيط ملك المغل خير مدبر |
رجل السياسة ركنها الأقوى الذي | لولاه ما اجتثت عروق المنكر |
وإذا المحافل من سرة أولى النهى | والحلم غصت فهو ربّ المنبر |
ولو الكفاءة في الامارة روعيت | لم تلف قط عليه من متأمر |
بمصائر الأحوال قبل وقوعها | ثق من فراسته بأصدق مخبر |
فكأن مرآه الغيوب جنانه | فلذاك لم يرتب ولم يتحير |
يمضي وينفذ ذهنه الوقاد في | ما ليس ينفذ فيه غرب الأسمر |
كشاف غامض كل أمر معضل | بسديد رأي ثاقب وتبصّر |
فهو المذلل صعب كل عويصة | وقريع حومة كل خطب مخطر |
ولربّ ضرغام أعاد زئيره | نوحاً ولو يدري به لم يزأر |
أكرم به من سيد متواضع | طبعاً وعن ساق الفخار مشمر |
عجنت بطينته حمية هاشم | والشبل يمرح في مجال القسور |
حرم لقاصده فحول حماه عن | طمع محال أن يحوم المجترى |
من أم جانبه لدفع ملمة | فأنا الضمينُ له بنجح المصدر |
يا أيها السند الكريم ومن به | أيامه باهت مواضي الأعصر |
خذها تجر على جرير ذيلها | طوراً وتهزأ تارة بالبحتري |
ترجو القبول مع القصور وهل ترى | من واصف علياك غير مقصر |