أهلا بدار سباك أغيدها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أهلاً بدارٍ سباك أغْيدُها | أبعد ما بان عنك خُرَّدُها |
ظِلْتَ بِهَا تَنْطَوِي عَلى كَبِدٍ | نَضِيجَةٍ فَوْقَ خِلْبِهَا يَدُهَا |
يَا حَادِيَيْ عيسِهَا وَأحْسَبُني | أُوجَدُ مَيْتاً قُبَيْلَ أفْقِدُهَا |
قِفَا قَليلاً بها عَليّ فَلا | أقَلّ مِنْ نَظْرَةٍ أُزَوَّدُهَا |
فَفي فُؤادِ المُحِبّ نَارُ جَوًى | أحَرُّ نَارِ الجَحيمِ أبْرَدُهَا |
شَابَ مِنَ الهَجْرِ فَرْقُ لِمّتِهِ | فَصَارَ مِثْلَ الدّمَقْسِ أسْوَدُهَا |
يَا عَاذِلَ العَاشِقِينَ دَعْ فِئَةً | أضَلّهَا الله كَيفَ تُرْشِدُهَا |
لَيْسَ يُحِيكُ المَلامُ في هِمَمٍ | أقْرَبُهَا مِنْكَ عَنْكَ أبْعَدُهَا |
بِئْسَ اللّيَالي سَهِدْتُ مِنْ طَرَبٍ | شَوْقاً إلى مَنْ يَبِيتُ يَرْقُدُهَا |
أحْيَيْتُهَا وَالدّمُوعُ تُنْجِدُني | شُؤونُهَا وَالظّلامُ يُنْجِدُهَا |
لا نَاقَتي تَقْبَلُ الرّدِيفَ وَلا | بالسّوْطِ يَوْمَ الرّهَانِ أُجْهِدُهَا |
شِرَاكُهَا كُورُهَا وَمِشْفَرُهَا | زِمَامُهَا وَالشُّسُوعُ مِقْوَدُهَا |
أشَدُّ عَصْفِ الرّيَاحِ يَسْبُقُهُ | تَحْتيَ مِنْ خَطْوِهَا تَأوّدُهَا |
في مِثْلِ ظَهْرِ المِجَنّ مُتّصِلٍ | بمِثْلِ بَطْنِ المِجَنّ قَرْدَدُهَا |
مُرْتَمِياتٌ بِنَا إلى ابنِ عُبَيْـ | ـدِ الله غِيطَانُهَا وَفَدْفَدُهَا |
إلى فَتًى يُصْدِرُ الرّمَاحَ وَقَدْ | أنْهَلَهَا في القُلُوبِ مُورِدُهَا |
لَهُ أيَادٍ إليّ سَابِقَةٌ | أعُدّ مِنْهَا وَلا أُعَدّدُهَا |
يُعْطي فَلا مَطْلَةٌ يُكَدّرُهَا | بِهَا وَلا مَنّةٌ يُنَكّدُهَا |
خَيْرُ قُرَيْشٍ أباً وَأمْجَدُهَا | أكثَرُهَا نَائِلاً وَأجْوَدُهَا |
أطْعَنُهَا بالقَنَاةِ أضْرَبُهَا | بالسّيْفِ جَحْجاحُهَا مُسَوَّدُهَا |
أفْرَسُهَا فَارِساً وَأطْوَلُهَا | بَاعاً وَمِغْوَارُهَا وَسَيّدُهَا |
تَاجُ لُؤيّ بنِ غَالِبٍ وَبِهِ | سَمَا لَهَا فَرْعُهَا وَمَحْتِدُهَا |
شَمْسُ ضُحَاهَا هِلالُ لَيلَتِهَا | دُرُّ تَقَاصِيرِهَا زَبَرْجَدُهَا |
يَا لَيْتَ بي ضَرْبَةً أُتيحَ لهَا | كمَا أُتِيحَتْ لَهُ مُحَمّدُهَا |
أثّرَ فِيهَا وَفي الحَدِيدِ ومَا | أثّرَ في وَجْهِهِ مُهَنّدُهَا |
فَاغْتَبَطَتْ إذْ رَأتْ تَزَيّنَهَا | بِمِثْلِهِ وَالجِرَاحُ تَحْسُدُهَا |
وَأيْقَنَ النّاسُ أنّ زَارِعَهَا | بالمَكْرِ في قَلْبِهِ سَيَحْصِدُهَا |
أصْبَحَ حُسّادُهُ وَأنْفُسُهُمْ | يُحْدِرُهَا خَوْفُهُ وَيُصْعِدُهَا |
تَبْكي علَى الأنْصُلِ الغُمُودُ إذَا | أنْذَرَهَا أنّهُ يُجَرِّدُهَا |
لِعِلْمِهَا أنّهَا تَصِيرُ دَماً | وَأنّهُ في الرّقَابِ يُغْمِدُهَا |
أطْلَقَهَا فَالعَدُوّ مِنْ جَزَعٍ | يَذُمّهَا وَالصّدِيقُ يَحْمَدُهَا |
تَنْقَدِحُ النّارُ مِنْ مَضارِبِهَا | وَصَبُّ مَاءِ الرّقابِ يُخْمِدُهَا |
إذَا أضَلّ الهُمَامُ مُهْجَتَهُ | يَوْماً فَأطْرَافُهُنّ تَنْشُدُهَا |
قَدْ أجْمَعَتْ هَذِهِ الخَلِيقَةُ لي | أنّكَ يا ابنَ النّبيّ أوْحَدُهَا |
وأنّكَ بالأمْسِ كُنْتَ مُحْتَلِماً | شَيْخَ مَعَدٍّ وَأنْتَ أمْرَدُهَا |
وَكَمْ وَكَمْ نِعْمَةٍ مُجَلِّلَةٍ | رَبّيْتَهَا كانَ مِنْكَ مَوْلِدُهَا |
وَكَمْ وَكَمْ حَاجَةٍ سَمَحْتَ بهَا | أقْرَبُ منّي إليّ مَوْعِدُهَا |
وَمَكْرُمَاتٍ مَشَتْ علَى قَدَمِ الْـ | ـبِرّ إلى مَنْزِلي تُرَدّدُهَا |
أقَرّ جِلْدي بهَا عَليّ فَلا | أقْدِرُ حَتّى المَمَاتِ أجْحَدُهَا |
فَعُدْ بهَا لا عَدِمْتُهَا أبَداً | خَيْرُ صِلاتِ الكَرِيمِ أعْوَدُهَا |