وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
وَفاؤكُما كالرَّبْع أشْجاهُ طاسمه | بأنْ تُسعِدا والدّمْعُ أشفاهُ ساجِمُهْ |
وما أنَا إلاّ عاشِقٌ كلُّ عَاشِقٍ | أعَقُّ خَليلَيْهِ الصّفِيّينِ لائِمُهْ |
وقَدْ يَتَزَيّا بالهَوَى غَيرُ أهْلِهِ | ويَستَصحِبُ الإنسانُ مَن لا يُلائمُهْ |
بَليتُ بِلى الأطْلالِ إنْ لم أقِفْ بها | وُقوفَ شَحيحٍ ضاعَ في التُّرْبِ خاتمُهْ |
كَئيباً تَوَقّاني العَواذِلُ في الهَوَى | كمَا يَتَوَقّى رَيّضَ الخَيلِ حازِمُهْ |
قِفي تَغرَمِ الأولى من اللّحظِ مُهجتي | بثانِيَةٍ والمُتْلِفُ الشّيْءَ غارِمُهْ |
سَقاكِ وحَيّانَا بكِ الله إنّمَا | على العِيسِ نَوْرٌ والخدورُ كمائِمُهْ |
وما حاجةُ الأظعانِ حَوْلَكِ في الدّجى | إلى قَمَرٍ ما واجدٌ لكِ عادِمُهْ |
إذا ظَفِرَتْ منكِ العُيونُ بنَظرَةٍ | أثابَ بها مُعيي المَطيّ ورازِمُهْ |
حَبيبٌ كأنّ الحُسنَ كانَ يُحِبّهُ | فآثَرَهُ أوْ جارَ في الحُسنِ قاسِمُهْ |
تَحُولُ رِماحُ الخَطّ دونَ سِبائِهِ | وتُسبَى لَهُ منْ كلّ حَيٍّ كرائِمُهْ |
وَيُضْحي غُبارُ الخَيلِ أدنَى سُتُورِهِ | وآخِرُها نَشْرُ الكِباءِ المُلازِمُهْ |
وما اسْتَغْرَبَتْ عَيني فِراقاً رأيْتُهُ | ولا عَلّمَتْني غَيرَ ما القلبُ عالمُهْ |
فَلا يَتَّهِمْني الكاشِحونَ فإنّني | رَعَيتُ الرّدى حتى حَلَتْ لي علاقمُهْ |
مُشِبُّ الذي يَبكي الشّبابَ مُشيبُهُ | فكَيفَ تَوَقّيهِ وبانِيهِ هادِمُهْ |
وتَكْمِلَةُ العَيشِ الصِّبا وعَقيبُهُ | وغائِبُ لَوْنِ العارِضَينِ وقادِمُهْ |
وما خَضَبَ النّاسُ البَياضَ لأنّهُ | قَبيحٌ ولكِنْ أحْسَنُ الشَّعرِ فاحِمُهْ |
وأحسَنُ مِنْ ماءِ الشّبيبَةِ كُلّهِ | حَيَا بارِقٍ في فازَةٍ أنا شائِمُهْ |
عَلَيها رِياضٌ لم تَحُكْها سَحابَةٌ | وأغصانُ دَوْحٍ لمْ تُغَنِّ حَمَائِمُهْ |
وفَوْقَ حَواشي كلّ ثَوْبٍ مُوَجَّهٍ | من الدُّرّ سِمْطٌ لم يُثَقّبْهُ ناظِمُهْ |
تَرَى حَيَوانَ البَرّ مُصْطَلِحاً بِهِ | يُحارِبُ ضِدٌّ ضِدَّهُ ويُسالِمُهْ |
إذا ضَرَبَتْهُ الرّيحُ ماجَ كَأنّهُ | تجولُ مَذاكيه وتَدأى ضَراغِمُهْ |
وفي صورةِ الرّوميّ ذي التّاجِ ذِلّةٌ | لأبْلَجَ لا تيجانَ إلاّ عَمائِمُهْ |
تُقَبّلُ أفْواهُ المُلُوكِ بِساطَهُ | ويَكْبُرُ عَنها كُمُّهُ وبَراجِمُهْ |
قِياماً لمَنْ يَشفي مِنَ الدّاءِ كَيُّهُ | ومَن بَينَ أُذْنَيْ كلّ قَرْمٍ مَواسمُهْ |
قَبائِعُها تَحْتَ المَرافِقِ هَيْبَةً | وأنْفَذُ ممّا في الجُفُونِ عَزائِمُهْ |
لَهُ عَسكَرَا خَيْلٍ وطَيرٍ إذا رَمَى | بها عَسكَراً لم يَبقَ إلاّ جَماجمُهْ |
أجِلّتُها مِنْ كلّ طاغٍ ثِيابُهُ | ومَوْطِئُها مِن كلّ باعٍ مَلاغمُهْ |
فَقَدْ مَلّ ضَوْءُ الصّبْحِ ممّا تُغيرُهُ | ومَلّ سَوادُ اللّيلِ ممّا تُزاحِمُهْ |
ومَلّ القَنَا ممّا تَدُقّ صُدورَهُ | ومَلّ حَديدُ الهِنْدِ ممّا تُلاطِمُهْ |
سَحابٌ مِنَ العِقبانِ يزْحَفُ تحتَها | سحابٌ إذا استَسقتْ سقتها صَوارِمُهْ |
سلَكتُ صُروفَ الدّهرِ حتى لقيتُهُ | على ظَهرِ عَزْمٍ مُؤيَداتٍ قَوائِمُهْ |
مَهالِكَ لم تَصْحَبْ بها الذئبَ نَفسُه | ولا حَمَلَتْ فيها الغُرابَ قَوادِمُهْ |
فأبصَرْتُ بَدراً لا يَرَى البدرُ مِثْلَهُ | وخاطَبْتُ بحْراً لا يرى العِبرَ عائِمُهْ |
غَضِبْتُ لَهُ لمّا رَأيْتُ صِفاتِهِ | بلا واصِفٍ والشِّعرُ تهذي طَماطِمُهْ |
وكنتُ إذا يَمّمْتُ أرضاً بَعيدَةً | سرَيتُ فكنْتُ السرّ واللّيلُ كاتمُهْ |
لقد سَلّ سيفَ الدّولَةِ المَجدُ مُعلَماً | فلا المَجدُ مخفيه ولا الضّرْبُ ثالمُهْ |
على عاتِقِ المَلْكِ الأغَرِّ نِجادُهُ | وفي يَدِ جَبّارِ السّماواتِ قائِمُهْ |
تُحارِبُهُ الأعداءُ وهْيَ عَبيدُهُ | وتَدّخِرُ الأمْوالَ وهْيَ غَنائِمُهْ |
ويَستَكبرُونَ الدّهرَ والدّهْرُ دونَهُ | ويَستَعظِمونَ المَوتَ والموْتُ خادمُهْ |
وإنّ الذي سَمّى عَلِيّاً لَمُنْصِفٌ | وإنّ الذي سَمّاهُ سَيفاً لَظالمُهْ |
وما كلُّ سَيفٍ يَقْطَعُ الهَامَ حَدُّهُ | وتَقْطَعُ لَزْباتِ الزّمانِ مَكارِمُهْ |