أهلي قد أنى لك أن تهلي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أهلي قد أنى لك أن تهلي | إلى صوب الغمام المستهل |
فمدي طرف ناظرة تريني | تمكن مغرسي فيه وأصلي |
سنا برق تلألأ عن ذمامي | وصوب حيا تجلى عن محلي |
ودونك مبركا في فيء ظل | يريك بأنه فيئي وظلي |
هو الظل الذي قارعت عنه | حصى الرمضاء دامية الأظل |
وهذا موعد الأمل المنادي | سراك سروره ألا تملي |
ونور الفجر من إظلام ليل | أضاء نجومه لك أن تضلي |
أوان يفتر الإمساء جهدي | فأطلب في سنا الإصباح ذحلي |
ويرمد في هجير القيظ جفني | فأجعل من سواد الليل كحلي |
لكيما تعلمي في أي مأوى | من الملك الرفيع وضعت رحلي |
ويصدقك العيان بأي حبل | من ابن العامري وصلت حبلي |
وحسبك قوله أهلا وسهلا | بما جاوزت من حزن وسهل |
فسيحي وارتعي كلأ إليه | على ظلع الكلال حملت كلي |
مدى لك كان منك مدى كريم | فكوني منه في حل وبل |
وقد قضت المكارم أن تعزي | كما قضت المكاره أن تذلي |
فرعيا في حمى ملك رعاني | فحل قيود ترحالي وحلي |
مدى عبد العزيز وأي عز | أنخت إليه ذلا فوق ذل |
فعوض منك في مثواه بري | وأذهل عنك في مثواه نزلي |
وعن مثنى زمامك في يميني | شبا قلم على الدنيا مطل |
يمل عليه مؤتمن المعالي | مساعيه فيستملي ويملي |
ويسمع في صرير الخط منه | خطابا لا يمل من الممل |
لجدك كان أول سعد جدي | وأغدق بارق في جو محلي |
وأحنى موتر برضاه قوسي | وأحفى رائش بنداه نبلي |
كساني العز لبسا بعد لبس | وسقانيه سجلا بعد سجل |
وصير ما حمى حرمي حراما | على عدو الزمان المستحل |
ووطأ في مكارمه مهادي | وأعلى في مراتبه محلي |
وكم حلى يدي من ذي عنان | ودل إلى يدي من ذات دل |
فحقا ما تركت عليه بعدي | ثناء أعجز المثنين قبلي |
فأمطرت الورى رطبا جنيا | وما سقيت بغير نداه نخلي |
وسقيت النهى أريا مشورا | وما جرست سوى نعماه نحلي |
هو الملك الذي لم يبق مثلا | سواك ولا لنظم علاك مثلي |
ويبخسني الزمان ولو وفى لي | بحظي لاشتكى جهد المقل |
ولو أني سللت عليه سيفا | تقلدني لباء بشسع نعلي |
وكم من شاهد عدل عليه | بظلمي لو قضى قاض بعدل |
ولو سم جدك المنصور أدعو | إليه لم يسمني سوم مطل |
وأنت ورثته طفلا ولكن | رجحت على الرجال بحلم كهل |
بما رداك من هدي وبر | وما حلاك من قول وفعل |
فغض من البدور سنا هلال | وهد من الليوث زئير شبل |
وأنت أمينه في كل سعي | سقى نهلا لتتبعه بعل |
محافظ عهده في قود جيش | بأعباء الوقائع مستقل |
وتالي شأوه في كل فخر | وثاني سعيه في كل فضل |
وفيض يمينه والحمد يغلو | ونور جبينه والحرب تغلي |
بكل أغر فوق أغر يصلى | جحيم الحرب مقتحما ويصلي |
يلوث الدرع منه بليث بأس | يصول على العدى بأصم صل |
وكل عقاب شاهقة تجلى | أناسي الحتوف لما تجلي |
بري السيف من دهش وجبن | وحر الصدر من غدر وغل |
وما يثنى السنان بغير قصف | ولا حد الحسام بغير فل |
جلوت لهم معالم ذكرتهم | معالم جدك الملك الأجل |
سلكت سبيله هديا بهدي | وقمت مقامه مثلا بمثل |
وأخلصت الصلاة إلى المصلى | فبورك في المصلى والمصلي |
وقد خفقت عليك بنود عز | علت والله أعلاها ويعلي |
كما خفقت علي قلوب غيد | أمر لهن دوني وهو محل |
بما أثبت فيه من يقيني | وما حققت فيه من لعلي |
وما راعيت فيه من ذمامي | وما أدنيت فيه من محلي |
فلا زلت المفدى والمرجى | نداه للغريب وللمقل |
ونورا في الظلام لمستنير | وظلا في الهجير لمستظل |