تسمع لدعوة ناء غريب
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تسمع لدعوة ناء غريب | كثير الدعاء قليل المجيب |
يهيم إليك بهم شجاع | ويجبن عنك بستر هيوب |
ويقتاده منك صدق اليقين | فيرتاب منه بظن كذوب |
أيأذن سمعك لي من بعيد | ولحظك قد رابني من قريب |
وكيف بأشجان قلب عزيز | فيسعده لهو قلب طروب |
فناداك من غمرات التناسي | وناجاك في ظلمات الخطوب |
ببالغة للتراقي حدتها | إليك وصاة القريب المجيب |
بما خط للجار وابن السبيل | وأوجب للمستضام الغريب |
وما قد حباك الرضا من مليك | بلاك بلاء الحسام الرسوب |
فحلاك إكرامه في العيون | لتقدم أعلامه في الحروب |
وأذكى سراجك وسط القصور | ليعلي عجاجك خلف الدروب |
فأرعيته صدق حر شكور | تسربل إخلاص عبد منيب |
وأبليته نصح جيب سليم | وفي الضمان بنصح الجيوب |
تقود إليه رجاء البعيد | وتتلو عليه ثناء القريب |
وتلقى وجوه المحبين عنه | ببشر المحب ووصل الحبيب |
وكم منبر للعلا قد بناه | له الله من معظمات الصليب |
حميت ذراه بأنف حمي | ورحب ذراه بصدر رحيب |
وضاق بمن أسمع الضيم عنه | فيا لخطيب صريع الخطوب |
قريب إلى كل أفق بعيد | بعيد على ذكر مولى قريب |
وقد أطلع الشرق والغرب عنه | كواكب تهوي لغير الغروب |
نجوما أضاءت بفصل الخطاب | له الدهر إلا مكان الخطيب |
وعنه تنكبت قوس النضال | فرشت لها كل سهم مصيب |
فأوترتها لقلوب العداة | وأغرقت فيها لرمي الغيوب |
فما لك عن غرض كالصباح | تجلل أفق الصبا والجنوب |
يضاحك من روض فكري بذكري | أزاهير نور بنور مشوب |
فلله إشراق ذاك الشباب | تألق في حسن ذاك المشيب |
ففاح تضوع ذا من ضياعي | كما لاح مطلع ذا من غروبي |
فتلك نقائض سعيي وسعدي | ينادين يا للعجاب العجيب |
وتلك بضائع نثري ونظمي | ضوارب في الأرض هل من ضريب |
ويا للخلائق هل من مساو | ويا للدواوين هل من مجيب |
ويا نشأتي عبد شمس . . . . | ومن أعقبت هاشم من عقيب |
وما خطه أثر عن أمير | وسطره أرب عن أريب |
فهل في الورى غير سمع شهيد | يلبيه كل فؤاد لبيب |
وغير لسان صدوق البيان | يقر له كل زعم كذوب |
بأن لم يفز قبلها ملك ملك | بقدح كقدح مليكي تجيب |
فأنجب بمورثه من مليك | وأسعد بوارثه من نجيب |
وأعجب بأوفى مليك أضاع | من الذكر والفخر أوفى نصيب |
لواء ثناء كبرق الغمام | يهل إليه لواء الحروب |
وما قد كسا كل بر وبحر | بذكراه من كل حسن وطيب |
حدائق من زهرات العقول | تفوح إلى ثمرات القلوب |
تغنى العذارى بها في الخدور | وتحدى المهارى بها في السهوب |
وقد أينع الحزن والسهل منها | بشرب ذنوب محا من ذنوبي |
بلاغ حياة وأحجمت عنه | لعود الخباء وللعندليب |
كما ابتز صيد العقاب الذباب | وصاد النعام حسير الدبيب |
وذلي أودع هذا وهذا | أظافير ليث وأنياب ذيب |
مظالم أظلم حق المحق | بهن وأشرق ريب المريب |
وأنت عليها شهيد العيان | وحكمك فيها صريح الوجوب |
ووعدك ألزمني من ذراك | وصال المحب ورعي الرقيب |
فحين افتتحت بنصر عزيز | يبشر عنك بفتح قريب |
ب | ترقيت في هضبة العز عنيوأهويت بي لمهيل كثيب |
ولفتك دوني غصون النعيم | وأسلمت ضاحي مرعى جديب |
فمليتها جنة لا يزال | يمد بها كل عيش خصيب |
ولا برحتها طيور السرور | يميد بها كل غصن رطيب |
وإن شاقني من صباها نسيم | يفرج عني بروح الهبوب |
وأظميت منها إلى رشف ما | يمثل لي فيه ريق الحبيب |
وكم سمت أوراقها في الرياح | لأخصف فيها لعار سليب |
وأمسحها في مآقي جفون | دوامي القذى قرحات الغروب |
بما فت فيهن رمي العداة | وما غض منهن ذل الغريب |
فإن رمدت فقليل لعين | يقلبها شجو قلب كئيب |
وإن قدحت بالحشا في الحشايا | فزندا ضرام لنار الكروب |
تؤججها حسرات التناسي | وتنفخها زفرات النحيب |
وكلا وسعت بصبر جميل | وبعضا كففت بدمع سكوب |
لأوقد منها مصابيح جمر | تنير إليك بسر الغيوب |
ولو غاب علمك عن بحر ظمء | وما غيض من شربه في الشروب |
لأغناك عن شبهة الشك فيه | ذبول الجنى في ذبول القضيب |
وحسبي لها منك حر كريم | وفي الشهود أمين المغيب |
وأرجى عليل لبرء السقام | عليل تيقن يمن الطبيب |
وحسن الظنون لصدق اليقين | نسيب ولا كالنسيب الحسيب |
فإن تنه عني فأولى مجاب | دعا للمكارم أهدى مجيب |
وكنت بذلك أحظى مثاب | له من ثنائي أوفى مثيب |
ومن يمنع الضيف رحب الفناء | فقد قاده للفضاء الرحيب |