وأهد بها في الفلا والسرى
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
وأهد بها في الفلا والسرى | ويوم التلاقي وحين الثواء |
وتحت العجاج ووسط الهياج | وفي بحر آل وفي بحر ماء |
وأوصل بها لأصيل العشي | بقرن الضحى والضحى بالمساء |
وفاء لنفس أمدت سناها | بنور النهى وبنار الذكاء |
وهدي هداها سبيل العفاف | ورأي أراها هدى كل راء |
كما قد وفيت لها حين عجت | بغلتها في عباب الوفاء |
ينابيع مجد سقت نبعة | من الفضل دانية الإجتناء |
زكا تربها في ثرى المأثرات | فأينع إثمارها بالزكاء |
فأضحت تثنى بروح الثناء | وينمي لها عنصر الإنتماء |
فكم أفرجت عن نجوم السعود | وكم أغمضت من نجوم الشقاء |
وكم ظللت من حرير الهجير | وكم أنزلت من طريد العشاء |
رياضا تفوح بطيب الفعال | وزهرا يلوح ببشر اللقاء |
ونادينني بضمان الندى | وحيينني بحياة الرجاء |
بما استحفظت من حفاظ الجوار | وما أبليت من حميد البلاء |
يجامعها شمل حلم وعلم | وهاد لها شكر دان وناء |
ومن ولدت من كريم النجار | ومن أرضعت بلبان الدهاء |
رعى حق ما استودعته المساعي | فأودعنه رعي خير الرعاء |
ونادت به دولة السبق حي | فأعدته بالسبق قبل النداء |
تجيبية جاب عنها الردى | كجوب المهند متن الرداء |
حقيق النصيحة أن يستثير | لها الدر من تحت ردم الغثاء |
وألا يخلي في ظلها | ذليل الذمام عزيز العزاء |
فبشر عنها ببذل الغنى | وأعذر فيها ببذل الغناء |
لمنزله منزل الإختصاص | وملبسه شرطة الإعتلاء |
ومعتد أقلامه للكتاب | كتائب مشترفات اللواء |
مليك تواضع في عز ملك | كسا دهره حلة الكبرياء |
مقلد سيف الهدى والهوادي | متوج تاج السنا والسناء |
وأغزى جيوش نداه القلوب | فجاءته مذعنة بالسباء |
وخاصم في مهجات الأعادي | فأعطي بالسيف فصل القضاء |
كأن الأماني من عليه | فلا آيب دون ضعف الجزاء |
فلبيك لا من بعيد ولكن | عذيرك من معذرات الحياء |
حمى فاحتبى بفناء اختلالي | فباعد بيني وبين الحباء |
وقنع وجهي قناعات حر | فقنع دوني وجوه العطاء |
وآزرته بالتجمل حتى | طويت صدى ظمإ عن سقاء |
أمير على ماء وجهي ولكن | فداه بعيني ماء بماء |
فأرصد هذا لحر كريم | وأسبل ذا طمعا في الشفاء |
فقد حان من برحاء الضلوع | رحيل تنادى ببرح الخفاء |
على ذلل من مطايا الشئون | قطعن إليك عقال الثواء |
عواسف يهماء من غول همي | يقصر عنها ذميل النجاء |
جدلت أزمتها من جفوني | وصغت أخستها من ذمائي |
وأنعلها قرحات المآقي | فأخصفها بنجيع الدماء |
فمنجدة في مجال النجاد | وغاثرة في غرور الرداء |
فكم قد شققن سلى عن سليل | وأجهضن عن مستسر الوعاء |
وكم قد رددن حياة نفوس | ظماء بموت نفوس ظماء |
كأن مداهن في صحن خدي | ركابي في صحصحان الفضاء |
تجوب التنائف خرقا فخرقا | وحاجاتها في عنو العناء |
بكل حزين بعالي إلحزون | ومقو بكل بلاد قواء |
ومستوهل حم منه الحمام | لأول وهلة ذاك التنائي |
كأن تجاوب خضر الحمام | نشيجهم لتغني الحداء |
وقد أوطنوا أربعا للبلى | وقد وطنوا أنفسا للبلاء |
وكل خلي عن الإنس رهن | لجنبي خلية بحر خلاء |
قريبة ما بين نضو ونضو | بعيدة ما بين مرأى وراء |
تمور بضعف نجوم الثريا | لو انفردت بأديم السماء |
ثمان كأسرار قلب الكئيب | ورابعة كقداح السراء |
مطالبهم لمطال الضمار | وآجالهم لاقتضاء القضاء |
فهل آذنت هجرتي أن تريني | عواقب تجلو كروب الجلاء |
وهل ظفرت همتي من همومي | بثأر منيم ووتر بواء |
ألم يتناه غروب الغريب | إلى مطلع الشمس في الانتهاء |
ولم أتخذ جنح ليل المحاق | جناحا إلى نور ليل السواء |
ولم أتزود هبيد القفار | إلى بحر أري جزيل العطاء |
فأصبحت من ظلم الإكتئاب | على علم بين قرني ذكاء |
وألقت يميني عصا الاغتراب | من الأمن بين العصا واللحاء |
وأوطنت في قبة الملك رحلي بين الرواق وبين الكفاء | |
وأوفيت سوق الندى والمعالي | بدر المقال وحر الثناء |
وقد شهد البر والبحر أني | بقرب ابن يحيى مجاب الدعاء |
وأنك أنت الصريح السميع | إذا صم مستمع عن ندائي |
وأنك دوني طود منيع | على الدهر مستصعب الإرتقاء |
وانك أنت الشفيع الرفيع | بدائي إلى مسعف بالدواء |
فكيف تخطت إلي الرزايا | ولم أخط في مستجاد الوقاء |
وكيف اعتصمت بصدر الزمان | وصدري قرى كل داء عياء |
وقد ضرستني حروب الخطوب | وأبطأت يا نصرة الأولياء |
وعرفت في نكبات الزمان | بكنه الصديق ومعنى الإخاء |
فواقدمي من سلام العثار | ويا ألمي من سهام الجفاء |
وما أبعد القفر عن عين راء | وما أقرب الوقر من سمع ناء |
ويا طول ظمئي لخمس وعشر | طريد الحياض بعيد الإضاء |
كأني بعت التقى بالنفاق | فلا هؤلاء ولا هؤلاء |
وكم عقرت دون عقر الحياض | سوامي وأزت أمام الإزاء |
فرحت بها مخمصا في البطان | وأصدرتها مظمئا في الرواء |
وأرعيت سعدان سعد السعود | نواء المنى وصفايا الصفاء |
وأقوى فأنحر حرفا سنادا | وأرعى فأحلب شطر الإناء |
بسبع كسبع سمام السموم | وأربعة كربوع العفاء |
يفدون نفسي من الحادثات | ومالي ولا لهم من فداء |
وكم ضربوا بقداح الحنو | علي ففازوا بقسم سواء |
وقد أسلمتهم سمائي وأرضي | فلا من ثراي ولا من ثرائي |
فيا ضيق ذرعي لهم بالزفير | على ضيق ذرعي بضيق الشتاء |
وقد آذنتهم يدي واضطلاعي | بعدم الوقاء لهم والصلاء |
فما بسوى حر تلك الصدور | يوقون من برد هذا الهواء |
وإن راعت الأرض منهم جنوبا | تسلوا برعي نجوم السماء |