لك الخير قد أوفى بعهدك خيران
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
لك الخير قد أوفى بعهدك خيران | وبشراك قد آواك عز وسلطان |
هو النجح لا يدعى إلى الصبح شاهد | هو الفوز لا يبغى على الشمس برهان |
إليك شحنا الفلك تهوي كأنها | وقد ذعرت عن مغرب الشمس غربان |
على لجج خضر إذا هبت الصبا | ترامى بنا فيها ثبير وثهلان |
موائل ترعى في ذراها مواثلا | كما عبدت في الجاهلية أوثان |
وفي طي أسمال الغريب غرائب | سكن شغاف القلب شيب وولدان |
يرددن في الأحشاء حز مصائب | تزيد ظلاما ليلها وهي نيران |
إذا غيض ماء البحر منها مددنه | بدمع عيون يمتريهن أشجان |
وإن سكنت عنا الرياح جرى بنا | زفير إلى ذكر الأحبة حنان |
يقلن وموج البحر والهم والدجى | تموج بنا فيها عيون وآذان |
ألا هل إلى الدنيا معاذ وهل لنا | سوى البحر قبر أو سوى الماء أكفان |
وهبنا رأينا معلم الأرض هل لنا | من الأرض مأوى أو من الإنس عرفانه |
وصرف الردى من دون أدنى منازل | تباهى إلينا بالسرور وتزدان |
تقسمهن السيف والحيف والبلى | وشطت بنا عنها عصور وأزمان |
كما اقتسمت أخذانهن يدي النوى | فهم للردى والبر والبحر أخدان |
ظعائن عمران المعاهد مقفر | بهن وقفر الأرض منهن عمران |
موت أمهم ماذا هوت برحالهم | إلى نازح الآفاق سفن وأظعان |
كواكب إلا أن أفلاك سيرها | زمام ورحل أو شراع وسكان |
فإن غربت أرض المغارب موئلي | وأنكرني فيها خليط وخلان |
فكم رحبت أرض العراق بمقدمي | وأجزلت البشرى علي خراسان |
وإن بلادا أخرجتني لعطل | وإن زمانا خان عهدي لخوان |
سلام على الإخوان تسليم آيس | وسقيا لدهر كان لي فيه إخوان |
ولا عرفت بي خلة دار خلة | عفا رسمها منها جفاء ونسيان |
وغرت ببرق المزن من ذكر صعقه | ومن ذكر رب كل يوم له شان |
ويارب يوم بان صدع سلامه | بصدع النوى أفلاذ قلبي إذ بانوا |
نودعهم شجوا بشجو كمثلما | أجابت حفيف السهم عوجاء مرنان |
ويصدع ما ضم الوداع تفرق | كما انشعبت تحت العواصف أغصان |
إذا شرق الحادي بهم غربت بنا | نوى يومها يومان والحين أحيان |
فلا مؤنس إلا شهيق وزفرة | ولا مسعد إلا دموع وأجفان |
وما كان ذاك البين بين أحبة | ولكن قلوب فارقتهن أبدان |
فيا عجبا للصبر منا كأننا | لهم غير من كنا وهم غير من كانوا |
قضى عيشهم بعدي وعيشي بعدهم | بأني قد خنت الوفاء وقد خانوا |
وأفجع بمن آوى صفيح وجامد | ووارت رمال بالفلاة وكثبان |
وجوه تناءت في البلاد قبورها | وإنهم في القلب مني لسكان |
وما بليت في الترب إلا تجددت | عليها من القلب المفجع أحزان |
هم استخلفوا الأحباب أمواج لجة | هي الموت أو في الموت عنهن سلوان |
بقايا نفوس من بقية أنفس | يميتون أحزاني فدينوا بما دانوا |
أقول لهم صبرا لكم أو عليكم | عسى العيش محمود أو الموت عجلان |
ولا قنط واليسر لعسر غالب | وفي العرش رب بالخلائق رحمان |
ولا بأس من رح وفي الله مطمع | ولا بعد من خير وفي الأرض خيران |
ستنسون أهوال العذاب ومالكا | إذا ضمكم في جنة الفوز رضوان |
متى تلحظوا قصر المرية تظفروا | ببحر حصى يمناه در ومرجان |
وتستبدلوا من موج بحر شجاكم | ببحر لكم منه لجين وعقيان |
فتى سيفه للدين أمن وإيمان | ويمناه للآمال روح وريحان |
تقلد سيف الله فينا بحقه | فبرت عهود بالوفاء وأيمان |
وحلى بتاج العز مفرق مخبت | بقلبه داع إلى الله ديان |
وبالخير فتاح وبالخير عائد | وبالخيل ظعان وللخيل طعان |
نقضت سيوف حاربته وأيمن | وشاهت وجوه فاخرته وتيجان |
له الكرة العزاء عن كل شارد | أضاءت لهم منها ديار وأوطانأ |
ورد بها يوم اللقاء زناتة | كما انقلبت يوم الهباءة ذبيان |
بكل كمي عامري يسوقه | لحر الوغى قلب على الدين حران |
حليهم بيض الصوارم والقنا | لها وحلاها سابغات وأبدان |
تراءاك حزب البغي منهم فأقبلوا | وفي كل أنف للغواية شيطان |
فأي صقور قلبت أي أعين | إلى أي ليث ردها وهي خلدان |
عيونا بها كادوا الهدى ففقأتها | فهم في شعاب الغي والرشد عميان |
وما لهم في ظلمة بعد كوكب | وما لهم في مقلة بعد إنسان |
يضيق بهم رحب القصور وودهم | لو احتازهم عنها كهوف وغيران |
وأنسيتهم حمل القنا فسلاحهم | عليك إذا لاقوك ذل وإذعان |
وأنى لفل القبط في مصر موئل | وقد غيل فرعون وأهلك هامان |
فياذل أعلام الهدى يوم عزهم | ويا عز أعلام الهدى بك إذ هانوا |
حفرت لهم في يوم قبرة بألقنا | قبورا هواء الجو منهن ملآن |
يطير بها هام ونسر وناعب | ويعدو بها ذيب وذيخ وسرحان |
فلو شهد الأملاك يومك فيهم | لألقى إليك التاج كسرى وخاقان |
ولو رد في المنصور روح حياته | غداة لقيت الموت والموت عريان |
وناديت للهيجاء أبناء ملكه | فلباك آساد عبيد وفتيان |
جبال إذا أرسيتها حومة الوغى | وإن تدعهم يوما إليك فعقبان |
يقودهم داع إلى الحق مجلب | على البغي يرضي ربه وهو غضبان |
كتائب بل كتب بنصرك سطرت | ووجهك باسم الله والسيف عنوان |
هو السيف لا يرتاب أنك سيفه | إذا نازل الأقران في الحرب أقران |
كأن العدى لما اصطلوا حر ناره | أصهاب هواديهم من الجوحسبان |
وأسمر يسري في بحار من الندى | بيمناك لكن يغتدي وهو ظمآن |
تلألأ نورا من سناك سنانه | وقد دعت الفرسان للحرب فرسان |
لحياك من أحييت منه شمائلا | يموت بها في الأرض ظلم وعدوان |
وناجاك إسرارا وناداك معلنا | وحسب العلى منه سرار وإعلان |
بألا هكذا فليحفظ العهد حافظ | ألا هكذا فليخلف الملك سلطان |
فلله ماذا أنجبت منك عامر | ولله ماذا ناسبت منك قحطان |
ولله منا أهل بيت رمتهم | إلى يدك العليا بحور وبلدان |
وكلهم يزهى على الشمس في الضحى | وبدر الدياجي أنهم لك جيران |
وقد زاد أبناء السبيل وسيلة | وحلو فزادوا أنهم لك ضيفان |
فما قصرت بي عن علاك شفاعة | ولا بك عن مثلي جزاء وإحسان |