بشراك أيتها الدنيا وبشرانا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بشراك أيتها الدنيا وبشرانا | أحياك بالعدل من بالأمن أحيانا |
لعل آمالنا في الله قد صدقت | وصدق موعده بالفتح قد آنا |
وعودة تمتري عفوا وعافية | ودعوة تقتضي صفحا وغفرانا |
تنسمي ريح روح الله منشئة | غيوث رحمته سحا وتهتانا |
واستقبلي زهرة العقبى منورة | بالنور في روضة تهتز رضوانا |
لتورقن شجر الدنيا لنا ورقا | بسعدها وتريق الأرض عقيانا |
وتعبق الأرض من مسك وغالية | وتمطر المزن ياقوتا ومرجانا |
وقل لمن قد أضل الشمس طالعة | لا تسر من بعدها في ليل حيرانا |
ويا غريبا شريدا عن مواطنه | لتهنك الأرض ألافا وأوطانا |
بويا مروع الضحى يزجى ظعائنه | عرس بجوز الفلا أمنا وإيمانا |
هاتيك شمس الهدى في برج أسعدها | وديننا مشرق في عز دنيانا |
ودوحة الله زكى غرسها فزكت | أكلا وظلا وأشجارا وأغصانا |
أوشك بها نعمة راقت لتحيينا | نعمى ويثمر ذاك الحسن إحسانا |
خلافة الله في مثوى نبوته | وحفظه قد تولى من تولانا |
ودولة سبقت آمالنا كرما | كأن ما قد تمنينا تمنانا |
وعودة أعلن الداعي فأسمعها | من قصر قرطبة أقصى خراسانا |
وبيعة عرف الإسلام آيتها | فلم يخروا لها صما وعميانا |
كادت تحرك للأشجار ألسنة | تدعو وتخرق للأحجار آذانا |
للقاسم القائم الهادي الذي هديت | إليه طاعتنا سرا وإعلانا |
وابن الذي كتبت في اللوح طاعته | وود قرباه عند الله قربانا |
إمامنا وابن من أم الإله به | أهل السماء ومن في أرضه دانا |
تلك المنابر لم تثبت قواعدها | حتى تحلين من ذكراه تيجانا |
بل الكتائب لم تنشر صحائفها | حتى رأته لفتح الله عنوانا |
مقلدا نصل هذا السيف من يمن | في السلم والحرب تمكينا وإمكانا |
صيحة عمت الدنيا وساكنها | نورا وأضرمت الأعداء نيرانا |
فأصبح المنذر المنصور والينا | والقاسم الملك المأمون مولانا |
من بعد فترة أزمان مطلن به | وددن ألا نسميهن أزماننا |
يمناه في قائم السيف المقام له | في العدل والقسط عند الله ميزانا |
رد الإله إليه حق والده | فكل حق به رد لمن كانا |
أحيا به لابن يحيى حق أوله | في نصرة الحق إقرارا وإذعانا |
حكما بما نطقت فيه وما صدقت | شهادة الله تنزيلا وفرقانا |
وأسوة برسول الله والده | فيمن تخير أنصارا وجيرانا |
فحسب مؤثر هذا الحكم معدلة | وحسب ناصر هذا الدين برهانا |
فتى نماه إلى نصر الهدى نسب | لو قدر البدر ليل التم لازدانا |
أمن الذين وفت لله بيعتهم | فأخلصوا العهد إيمانا وأيمانا |
باعوا نفوسهم من ربهم فجزوا | خلد الثناء وخلد الفوز أثمانا |
فأشرقت سبل الدنيا بهديهم | والأرض قد شرقت كفرا وأوثانا |
تلقى شبابهم في السلم إن نطقوا | شيبا وشيبهم في الحرب شبانا |
هم الملبون والأبصار ناكصة | نبيهم يوم نادى يالقحفانا |
والمطلعون نجوم الملك إذا أفلت | والكافلون بعز الحق إذ هانا |
لهم مدى السبق في بدر وفي أحد | وآل حرب وحزبي قيس عيلانا |
وفي تبوك وأوطاس ومصطلق | ومن عصى الله من أبناء عدنانا |
لهم براءة والأنفال إذا ختمت | والنصف قسمهم من آل عمرانا |
ويوم صفين لم تخذل سيوفكم | آل الرسول به يا آل همدانا |
فليهنكم نصر من أهدى الهدى لكم | ونصر أبناءه من بعده الآنا |
سعي الذين هم آووا وهم نصروا | وأنجبوا ناصرا للدين آوانا |
أسرى إلى الروع في تأمين روعتنا | وساور الموت في تمهيد محيانا |
كأنه لم يجد غير الوغى وطنا | ولا سوانا لما يحويه خزان |
سيفا ولكن على الأعداد محتكما | بحرا ولكن إلى الظمآن ظمآنا |
أعطى الرغائب حتى كاد يوهمنا | لو سائل سالنا منه لأعطانا |
وساجل الدهر حتى لم تدع يده | في الجود كفئا ولا في الحرب أقرانا |
إذا المراتب جالت في أعنتها | وجررت خطط العلياء أرسان |
فاصمم إليك أقاصيهن مذعنة | حقا لسعيك لا بغيا وعدوانا |
فكم ضربت عليها من قداح وغى | بالبيض والسمر ضرابا وطعانا |
وكم سبقت إليها واحتويت لها | مدى جعلت إليها الصدق ميدانا |
رياستين كمثل الشعريين سنا | وكالربيعين روحانا وريحانا |
وتاج نصر وإعظام وتكرمة | حلاكها من بأمن الأرض حلانا |
فإن ولدت لها أقمار مملكة | أسباط ملحمة أسدا وفرسانا |
فقد خلعت على يحيى حجابتها | محفوفة منك إعزازا وسلطاناب |
حتوى حكم مثنى وزارتها | ففزتم بالعلا مثنى ووحدانا |
حباكم أمير المؤمنين به | كما بقربكم الرحمن حابانا |
رية جالت الدنيا فما وجدت | سواكم لنفوس الملك أبدانا |
وهمة لك يا منصور ما هدأت | حتى رأتك لعين الدين إنسانا |
فهدمت بك بنيان العدى فرقا | وشيدت لك فوق النجم بنيانا |
ينسي بناءكم صنعاء بل إرما | ذات العماد وسندادا وغمدانا |
والأبلق الفرد والأبراج من أجأ | والسيلحين وسدا كان ما كانا |
من رسول الله شد بها | رب العلا للهدى والدين أركانا |
يكاد وقد لاحت معالمه | يشدو به الدهر إفصاحا وتبيانا |
جزاء ربك بالحسنى لذي حرم | أضحى على حرم الإسلام غيرانا |
وحفظمن لم يزل بالعدل يحفظنا | ورعي من لم يزل بالبر يرعانا |
وصدق ما قد عهدتم في كرائمكم | إن لم يملكن أكفاء فأكفانا |
فنهنكم نعمة يحيا السرور بها | وغبطة حان فيها يوم من حانا |
فاز بالعز من نادى ببيعتكم | وباء بالخزي هيان بن بيانا |