بقاء الخلائق رهن الفناء
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بقاء الخلائق رهن الفناء | وقصر التداني وشيك التنائي |
لقد حل من يومه لاقتراب | وقد حام من عمره لانتهاء |
هل الملك يملك ريب المنون | أم العز يصرف صرف القضاء |
هو الموت يصدع شمل الجميع | ويكسو الربوع ثياب العفاء |
يبز الحياة ببطش شديد | ويلقى النفوس بداء عباء |
ألم تر كيف استباحت يداه | كريم الملوك وعلق السناء |
أووافى بسيدة السيدات | مأوى البلى ومناخ الفناء |
هو الرزء ألوى بعزم القلوب | مصابا وأودى بحسن العزاء |
فما في العويل له من كفيء | ولا في الدموع له من شفاء |
فهيهات فيه غناء الزفير | وهيهات منه انتصار البكاء |
وأنى يدافع سقم بسقم | وكيف يعالج داء بداء |
فتلك مآقي جفون رواء | مفجرة من قلوب ظماء |
فلا صدر إلا حريق بنار | ولا جفن إلا غريق بماء |
فقد كاد يصدع صم السلام | ويضرم نار الأسى في الهواء |
وجيب القلوب وشق الجيوب | وشجو النحيب ولهف النداء |
فمن مقلة شرقت بالدموع | ومن وجنة شرقت بالدماء |
وسافرة من قناع الحياة | ونابذة صبرها بالعراء |
وبيض صبغن بلون الحداد | حمر البنود وبيض الملاء |
نواشج في سابغات المسوح | وضافي الشعور بلبس سواء |
أنجما هوى في سماء المعالي | لتبك عليك نجوم السماء |
فحاشى لرزئك أن يقتضيه | عويل الرجال ولدم النساء |
لبيض أياديك في الصالحات | تمسك وجه الضحى بالضياء |
وقل لفقدك أن يحتبي | عليه الصباح بثوب المساء |
فيا أسف الملك من ذات عز | تعوض منها بعز العزاء |
وروح القبور لمجد مقيم | وترح القصور لربع خلاء |
ولو قبل الموت منها الفداء | لضاق الأنام لها عن فداء |
لئن حجبت تحت ردم اللحود | ومن قبل في شرفات العلاء |
فتلك مآثرها في التقى | وبذل اللهى ما لها من خفاء |
جزاك بأعمالك الزاكيات | خير المجازين خير الجزاء |
ولقيت في ضنك ذاك الضريح | نسيم النعيم وطيب النواء |
فيا رب زلفى لدى المشرقين | أبضعت فابتمتها بالعلاء |
بوعاري الجناحين نبئت عنه | فأمسى وقد رشته بالعطاء |
ودعوة عان بأقصى الدروب | سمعت لوجه سميع الدعاء |
وذي حبوة بفناء المقام | سنحت له بسجال الحباء |
فلله من طارق لليالي | رماك بيوم كيوم البراء |
فودعت فيه إمام الهدى | وداع نوى مالها من لقاء |
نجيبك والمصطفى للخلافة | من سلفي خاتم الأنبياء |
وما رد عنك سهام الحمام | بحرز الجناب وعز الفناء |
ودهر مطيع وسور منيع | وقصر رفيع مشيد البناء |
وزأر الأسود وخفق البنود | وجمع الحشود بملء الفضاء |
بكل كمي جريء الجنان | وكل أمير منيف اللواء |
ووال رعى الله ما قد رعاه | فابلاه في الصنع خير البلاء |
تبلج عنه سنا يعرب | تبلج قرن الضحى عن ذكاء |
وهزت مضاربه عن حسام | وفرت نواجذه عن ذكاء |
فتى قارض الله عن نفس حر | براها لتخليد حر الثناء |
وأقحمها مخطرات الحروب | وأحبسها في سبيل السواء |
وجاهد في الله حق الجهاد | وأغنى عن الملك حق الغناء |
وشد على الدين سور الأمان وسد عن الشرك باب النجاء | |
وسيف إذا لألأته الحروب | طار العداة به كالهباء |
وألبسه النصر ثوب الجلال | وتوجه الصبر تاج البهاء |
فلو أفصح الدهر عما يكن | لناداه يا صفوة الأولياء |
هوالماك العامري المسمى | يداه كفيلي حياة الرجاء |
عزاء إمام الهدى فالنفوس | ما إن سواك لها من عزاء |
وعوضت منها جزيل الثواب | ومد لك الله طول البقاء |