أرحلي محمول على العتق النجب
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أرحلي محمول على العتق النجب | يؤمك أم سار على القتم النكب |
يقود بها هاد إلى الأمر والمنى | ويحدو بها حاد على الخوف والرعب |
غرائب مما أغرب الدهر أطلعت | عليك هلال العلم من أفق الغرب |
طوت فلوات الأرض نحوك وانطوت | كبدر إلى محق بشهر إلى عقب |
كئوسا تسافتها الليالي تنادما | فجاءتك كالأقداح ردت عن الشرب |
تعاورهن البر والبحر مثلما | ترد بأيدي الرسل أجوبة الكتب |
فليل إلى صبح وصبح إلى دجى | وكرب إلى روح وروح إلى كرب |
وسهل إلى حزن وحزن إلى فلا | وسهب إلى بحر وبحر إلى سهب |
يكتبن صفحات السعود نواظرا | وينفضن من أقلامهن على القلب |
ويقضمن أطراف الهشيم تبلغا | إلى الروضة الغناء في المشرب العذب |
تنيخ فتلقي في الصخور كلاكلا | تنوء لأرض المسك زهوا عن الترب |
ويفحصن في رضم الحصى بمناسم | تهيم إلى حصباء من لؤلؤ رطب |
أنسمها رياك في نفحة الصبا | وأجلو لها سيماك في أوجه الشهب |
وأسمعها داعيك في كل منهل | هلم إلى الإكرام والمنزل الرحب |
ولاح لها البرق الذي أغدق الثرى | فهن إليه موفضات إلى نصب |
موفرة مني إليك وسائلا | تفوح لأنفاس الركائب والركب |
ولو عجزت عن همتي لتبلغت | بذي قدم تصبو إلى ذي يد تصبي |
فقل لمن عاذ الهدى بسيوفه | ودارت نجوم الملك منه على قطب |
وضاء بنور الحق غرة وجهه | فأطفأ نيران الضغائن والشغبأ |
أخو الكهل وابن للكبير ووالد | لأبنائهم في معتزى غير ذي ترب |
عطاء بلا من وحكم بلا هوى | وملك بلا كبر وعز بلا عجب |
ومولى كما تجلو المصابيح في الدجى | ورأي كما يشفي الهناء من النقب |
سما فاشترى مثنى الوزارة سابقا | بمثنى الأيادي البيض والخلق الندب |
وحاز عنان الدهر سمعا وطاعة | بكشف قناع الصبر والسمر والقضب |
غمام أظل الأرض وانهل بالحيا | ضمان على النعمى أمان من الجدب |
تفجر للأيام بالجود والندى | وأثمر للإسلام بالحزم واللب |
فتى يتلقى الروع بالبيض والقنا | ومعتفي الأضياف بالأهل والرحب |
مسمى بفتح الله أرض العدى به | مكنى بنصر الله والدين والرب |
وأي وليد للمكارم والعلا | وأي رضيع للوقائع والحرب |
وأي فتى في مشهد الرأي والنهى | وأي فتى في موقع الطعن والضرب |
وأي عروس بالسيادة لم يسق | سوى السيف من مهر إليها ولا خضب |
واي رجاء قاد رحلي إليكما | وقد أصعقتني مثل راغية الصقب |
بعيد من الأوطان مستشعر العدى | غريب على الأمواه متهم الصحب |
أقل من الرئبال في الأرض آلفا | وإن كان لحمي للحسود وللخب |
وأعظم تأنيسا لدهري من المنى | وأوحش منه من فتى الجب في الجب |
ولله من عزم إليك استقادني | فأفرط في بعد وفرط في قرب |
حياء من الحال التي أنت عالم | بها كيف عاثت في سناها يد الخطب |
وتسويف يوم بعد يوم تخوفا | لعلي لا ألقاك منشرح القلب |
وشحا بباقي ماء وجه بذلته | لعلي أقضي قبل إنفاده نحبي |
وتأخير رجل بعد تقديم أختها | حذارا لدهر لا يغمض عن حربي |
كما مسني الشيطان نحوك ساعيا | بطائف سقم من عذاب ومن نصب |
وبارقة من مقلتي أم ملدم | ثنتني صريعا لليدين وللجنب |
محجبة لا تتقى بشبا القنا | ولا يختفي منها بباب ولا حجب |
يدق عن القلب المؤنب قدرها | وقد جل ما لاقيت منها عن العتبب |
طوت ظمء عشر بعد عشر وأوردت | على النفس لا ترضى على الرفه بالغب |
إذا كرعت في حوض نفسي خضخضت | ففاضت نواحيه بمنهمر سكب |
فمطعمها لحمي ومشربها دمي | وترتع في جسمي وتأوي إلى قلبي |
كأن لها عندي مخاريف جنة | وأصلي بها نار المعذب بالذنب |
إذا أوقدت جسمي هجيرا تظللت | فحلت كناسا من شغا في أوخلبي |
تحملتها في حر صدري وأضعلي | وتحمل أحشائي على المركب الصعب |
ألاوذ عنها قلب مكتئب شج | وتحفز نحوي قلب ذي لوعة صب |
وتكذبني عنها الأماني وإنها | إلي لأهدى من قطاة إلى شرب |
وإن كان أضنى الحب فالعقل حاكم | بأن ضنى الشنآن فوق ضنى الخب |
وفي راحتي عبد الفعيل بن فاعل | شفائي وفي نعمى مكارمه طبي |
دعوت فلباني وآوى تغربي | إلى كرم للعز ذي مرتقى صعب |
وجلى همومي من سناه ببارق | أضاء به ما بين شرق إلى غرب |
وأسبل لي من ستره فوق ستة | أهيم بهم في الأرض مثل القطا الزغب |
فأصبحت في إكرامه مانع الحمى | وأمسيت في سلطانه آمن السرب |
وحمدا لمن هدى لساني لحمده | وحسبي له من قد قضى أنه حبي |