إليك سبقت أقدار الحمام
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
إليك سبقت أقدار الحمام | وعنك هتكت أستار الظلام |
وفيك حميت مثوى النوم جفني | وأحميت الهواجر في لثامي |
ونحوك جبت ليل البيد حتى | خفيت على المنايا في الزحام |
وعنك قرعت متن الأرض حتى | تفجر بالرياض وبالمدام |
زمان جبرت من كبدي صدوعا | يصدع ذكرها صم السلام |
أوحين أسوت في قلبي جراجا | قلوب الكاشحين لها دوام |
ويوم حميتني من كل خطب | جدير أن يحم به حمامي |
فبين يديك اصبح فض شملي | أليف الشعب متسق النظام |
وعند حماك أمسى ربع سربي | خصيب الرعي مرعي السوام |
وفي مأواك عاد شريد رحلي | عزيز الجار مضروب الخيام |
ومن جدواك رد دمي ولحمي | وما انتقت الحوادث من عظامي |
فكفكفت الردى عني بكف | تثير الغيث في الغيم الجهام |
ولقتني الأماني منك وجها | ينير الأرض في داجي الظلام |
كما أوثقت في حضر وثغر | عرى الإسلام من بعد انفصام |
وآويت الغريب وهل غريب | توخى ركن عزك باستلام |
بجود لا يضيع به رجاء | وجد لا يريع إلى مسام |
وإقبال تشيعه بعزم | لأمر الله ماضي الإعتزام |
وإقدام تؤديه بحزم | إلى الأعداء مشدود الحزام |
وبأس هل يجير الدهر منه | بعيد الشأو أو صعب المرام |
ولو بلغ النسور به نسور | وطا به النعام إلى النعام |
بكل مظاهر الماذي لبسا | على حبرات أنعمك الجسام |
يرى ثمر الحياة لديك مرا | إذا لم يجن من شجر الحمام |
وكل مهند ضرم شذاه | يريك الهند في لمع الضرام |
ومطرد الكعوب أصم لدن | ينادي في العدى صمي صمام |
سفكت بهن كل دم حلال | وصنت بهن كل دم حرام |
وجللت الخيول بها نجوما | تطلع في سماوات القيام |
كتائب ينتهبن الأرض زحفا | إذا أوجسن من جيش لهام |
ويبعثن الرغام إلى أنوف | وقد عفرت أنوفا بالرغام |
سموت بهن سامية الهوادي | لكل مشيد الشرفات سام |
حقوقا للعلا خاصمت فيها | بماضيه الظبى لد الخصام |
بوفي عرش السماء قضاء معط | يديك بهن ملك الإحتكام |
فصلت بها مليكا ذا انتصار | بؤيده عزيز ذو انتقام |
وأنحى سيفك الماضي عليها | فعذن بسيف رحمتك الكهام |
بطاعتك التي أثبتن منها | دعائم قد هوين إلى انهدام |
وأبت تقود خيل الله أوبا | شفى الإسلام من حر الأوام |
وقد سميتها في كل غزو | مفاتيح الفتوحات العظام |
وكم قودتها يحيى فحفت | نجوم الليل بالبدر التمام |
وعدت بها على حكم تعالي | وميض البرق في جو الغمام |
عروسا كل بكر أو عوان | من العطرات بالموت الزؤام |
ورب عروس فتح أبرزاها | إلينا من مغازيك التؤام |
موشحة بأرءام وأسد | متوجة برايات وهام |
مقلدة السبايا والأسارى | نظاما يستضيف إلى نظام |
فمن ظبي غرير في عقال | ومن ليث هصور في خطام |
ومأسور بقد من سوار | ومكبول بقيد من خدام |
حواسر عن كواكب من وجوه | طوالع في شعور من ظلام |
رزايا كل معتاض المنايا | سبايا كل محمود المقام |
وفي الوجنات أمثلة ترينا | طعانك في صدورهم الدوامي |
كمشعرة الحجيج تساق هديا | إلى عرصات مكة والمقام |
وقد ضربت قداح الهند فيهم | لأيسار الحياة أو الحمام |
فقسم للمصانع والحشايا | وقسم للمصارع والرجام |
نفوسا دونها ماتت كراما | وقد ضنت بها ضن اللئام |
ففارقن الديار بلا وداع | ولاقين الوجوه بلا سلام |
تذكرنا دواهي بدلتنا | من الأكنان ضاحية الموامي |
نغاور قفرها والليل داج | ونعسف بحرها والموج طام |
ونؤنس بالمهالك كل نفس | توحش للغصون بلا حمام |
أوننصب للصواخد كل وجه | بعيد أن يحيا بالسلام |
تغرب في البلاد فأفردته | فقيد العز مجحود الذمام |
تجافى الأرض عنه وهو معي | وتجفوه المناهل وهو ظامي |
وقد ضرب الأسى فيها علينا | رواقا يستضيء من الظلام |
فما نجم الهدى إلا سناني | ولا فلق الضحى إلا حسامي |
وخيلت الأهلة لي قسيا | رمين بي الصبا رمي السهام |
إماما للرياح مشرقات | ومنذر مشرق الدنيا إمامي |
وما شيم الزمان رمت إليه | ولكن رمية من غير رام |
وتهيام الثناء إلى مليك | له بالحمد وجد المستهام |
فما راع المشوق إلى غريب | ولا أصغى المحب إلى ملام |
فيا عجب الخطوب يبحن سترى | وقد أيقن أن به اعتصامي |
وحتام النوى تهوي برحلي | وقد عقدت بذمته ذمامي |
فما فكت حداء عن ركابي | ولا كفت يمينا من زمامي |
فليس لنا إلى وطن مرد | ولا في دار قوم من مقام |
ولا حلت بنا دار فزادت | على ذات الحوافر والسنام |
مخاض ما لمولده رضاع | وترحال أمر من الفطام |
وعام مقامنا عام كيوم | ويوم رحيلنا يوم كعام |
كيوم الهم ليس بذي انتقاص | ويوم اللهو ليس بذي تمام |
كأنا في المنازل طلع نخل | يوافي أهله أمد الصرام |
وما يغني خراج من خروج | وليس يجير غرم من غرام |
روع بالنوى والذعر باق | ونفجا بالأسى والجرح دام |
وما سكنت جنوب في مهاد | ولا ملئت عيون من منام |
كما حدثت عن لسع الأفاعي | يعاود سمها عاما بعام |
فهل حول يحو بلا رحيل | ولو شيئا نراه في المنام |
وأفجع بالنوى في دار سفر | فكيف نوى على دار المقام |
ومن مل الجلاء فعاذ منه | بسور الأمن في البلد الحرامب |
وشد يديه في قرب وبعد | بحبل المنذر الملك الهمام |
وقد نبذ الأنام بكل أرض | إليك إليك يا خير الأنام |
ومن ذا يا مليكا مستجارا | سواءك للغريب المستضام |
فإن هاج الرحيل دفين سقمي | فكم دافعت من ذاك السقام |
وإن أذمم عوائد لؤم دهري | فحي على عوائدك الكرام |