أبا حاتم ما حاتم في زمانه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أبَا حَاتِمٍ! مَا حَاتِمٌ في زَمَانهِ، | وَلا النّيلُ تَرْمي بالسّفِينِ غَوَارِبُهْ |
بأجوَدَ عندَ الجُودِ مِنكَ، وَلا الّذي | عَلا بِغُثَاءٍ سُورَ عَانَةَ غَارِبُهْ |
يَدَاكَ يَدٌ يُعْطي الجَزِيلَ فَعَالُها، | وَأُخْرَى بها تَسْقي دَماً مَن تُحارِبُهْ |
وَلَوْ عُدّ ما أعْطَيتَ من كلّ قَيْنَةٍ، | وَأجْرَدَ خِنْذِيذٍ طِوَالٍ ذَوَائِبُهْ |
لِيعْلَمَ ما أحْصَاهُ فِيمَنْ أشَعْتَهُ | جَميعاً إلى يَوْمِ القِيامَةِ حَاسِبُهْ |
وَأنْتَ امْرُؤٌ لا نَايِلُ اليَوْمِ مَانِعٌ | مِنَ المالِ شَيئاً في غَد أنتَ وَاهبُهْ |
وَمَا عَدّ ذُو فَضْلٍ عَلى أهْلِ نعمةٍ | كفَضْلكَ عندي حينَ عبّتْ عوَاقبُهْ |
تَداركَني من خالِدٍ بَعدَمَا التَقَتْ | وَرَاءَ يَدي أنْيَابُهُ وَمَخَالِبُهْ |
وَكمْ أدركَتْ أسبابَ حَبلكَ من رَدٍ | على زَمَنٍ بَاداكَ وَالموْتُ كارِبُهْ |
مَدَدْتَ لَهُ مِنْها قُوىً حينَ نَالَها | تَنَفَّسَ في رَوْحٍ وَأسْهَلَ جَانِبُهْ |
وَثَغْرٍ تَحَامَاهُ العَدُوُّ كَأنّهُ | مِنَ الخَوْفِ ثَأرٌ لا تَنَامُ مَقَانِبُهْ |
وَقَوْم يَهُزّونَ الرّمَاحَ بِمُلْتَقىً، | أسَاوِرُهُ مَرْهُوبَةٌ وَمَرَازِبُهْ |
تَرَى بِثَنَايَاهُ الطّلايِعَ تَلْتَقي | على كلّ سامي الطَّرْفِ ضَافٍ سبايبُه |
كَأنّ نَسَا عُرْقُوبِهِ مُتَحَرِّفٌ، | إذا لاحَهُ المِضْمَارُ وانضَمّ حَالِبُهْ |
لَهُ نَسَبٌ بَينَ العَناجيجِ يَلْتَقي | إلى كُلّ مَعرُوفٍ من الخيلِ ناسبُهْ |
ركِبتُ لَهُ سَهلَ الأمورِ وَحَزْنَهَا | بِذي مِرّةٍ حَتى أُذِلّتْ مَرَاكِبُهْ |