لعمرك ما تجزي مفداة شقتي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لعَمْرُكَ ما تَجِزِي مُفَدَّاةُ شُقّتي | وَإخْطَار نَفْسِي الكَاشِحِينَ وَمَالِيَا |
وَسَيْري إذا ما الطِّرِمْساءُ تَطخطختْ | على الرّكبِ حتى يَحسبوا القُفَّ وَاديَا |
وَقِيلي لأصْحابي ألَمّا تَبَيّنُوا | هَوَى النّفْسِ قَد يَبدو لكم من أماميَا |
وَمُنْتَجِعٍ دارَ العَدُوّ كَأنّهُ | نَشَاصُ الثّرَيّا يَسْتَظِلُّ العَوالِيَا |
كَثِيرِ وَغَى الأصْوَاتِ تَسمَعُ وَسطَهُ | وَئيداً إذا جَنّ الظّلامُ، وَحَادِيَا |
وَإنْ حَانَ مِنْهُ مَنْزلُ اللّيلِ خِلتَه | حِرَاجاً تَرَى مَا بَيْنَهُ مُتَدَانِيَا |
وإنْ شَذّ مِنْهُ الألْفُ لمْ يُفْتَقَدْ له | وَلَوْ سَارَ في دارِ العَدُوّ لَيَالِيَا |
نَزلْنَا لَهُ، إنّا إذا مِثْلُهُ انْتَهَى | إلَيْنَا قَرَيْنَاهُ الوَشِيجَ المَوَاضِيَا |
فَلَمّا التَقَيْنا فَاءَلَتْهُمْ نحُوسُهُمْ | ضِرَاباً تَرَى ما بَيْنَهُ مُتَنَائِيَا |
وَأخُبرْتُ أعمامي بَني الفِزْرِ أصْبحوا | يَوَدّونَ لَوْ أزْجَوْا إليّ الأفَاعِيَا |
فإنْ تَلْتَمِسْني في تَمِيمٍ تُلاقِني | بِرَابِيَةٍ غَلْبَاءَ، تَعْلُو الرّوَابِيَا |
تَجِدْني وَعَمْروٌ دونَ بَيْتي وَمالكٌ | يُدِرّونَ للنَّوْكَى العُرُوقَ العَوَاصِيَا |
بكُلّ رُدَيْنيٍّ حَدِيدٍ شَبَاتُهُ، | فَأُولاكَ دَوّخْنَا بهِنّ الأعَادِيَا |
وَمُسْتَنِبحٍ وَاللّيلُ بَيْني وَبَيْنَهُ | يُرَاعي بِعيْنَيْهِ النّجُومَ التّوَالِيَا |
سرَى إذْ تَغشى اللّيلُ تَحمِلُ صَوْتَهُ | إليَّ الصَّبَا، قد ظَلّ بالأمسِ طَاوِيَا |
دَعَا دَعْوَةً كَاليأسِ لمّا تحَلّقَتْ | بهِ البِيدُ وَاعْرَوْرَى المِتانَ القَياقِيَا |
فقُلتُ لأِهْلي: صَوْتُ صَاحبِ نَفرَةٍ | دَعا أوْ صَدًى نادى الفِرَاخَ الزّوَاقِيَا |
تأنّيْتُ وَاستَسمَعتُ حتى فَهِمتُهَا، | وَقد قَفّعتْ نكباء مَن كانَ سارِيَا |
فقُمتُ وَحاذَرْتُ السُّرَى أن تَفوتَني | بذي شُقّةٍ تَعلو الكُسورَ الخَوَافِيَا |
فَلَمّارَأيْتُ الرّيحَ تَخْلِجُ نَبْحَهُ | وَقَدْ هَوّرَ اللّيلُ السّماكَ اليَمَانِيَا |
حَلَفْتُ لهُمْ إنْ لمْ تُجِبْهُ كِلابُنَا | لأسْتَوْقِدَنْ نَاراً تُجِيبُ المُنَادِيَا |
عَظِيماً سَنَاهَا للعُفَاةِ، رَفِيعَةً، | تُسامِي أُنُوفَ المُوقِدينَ فنائِيَا |
وَقُلْتُ لعَبْدَيَّ: اسْعَرَاها، فإنّهُ | كَفَى بِسَنَاهَا لابنِ إنْسِكَ داعِيَا |
فَما خَمَدَتْ حتى أضَاءَ وَقُودُهَا | أخَا قَفْرَةٍ يُزْجي المَطِيّةَ حَافِيَا |
فَقُمْتُ إلى البَرْكِ الهُجودِ، ولم يكن | سِلاحي يُوَقّي المُرْبِعَاتِ المَتَالِيَا |
فخُضْتُ إلى الأثْنَاءِ مِنْهَا وَقد ترَى | ذَواتِ البَقَايَا المُعسِنات مَكَانِيَا |
وَما ذاكَ إلاّ أنّني اخْتَرْتُ للقِرَى | ثَنَاءَ المِخاضِ والجِذاعَ الأوَابِيَا |
فمكّنتُ سَيْفي من ذَوَاتِ رِمَاحِهَا | غِشاشاً، ولَمْ أحفِلْ بكاءَ رِعَائِيَا |
وَقُمْنَا إلى دَهْمَاءَ ضَامِنَةٍ القِرَى | غَضُوبٍ إذا ما استْحمَلُوها الأثافِيَا |
جَهولٍ كَجوْفِ الفِيلِ لم يُرَ مثلُها، | تَرَى الزَّوْرَ فيها كالغُثَاءَةِ طَافِيَا |
أنَخَنا إلَيها مِنْ حَضِيضِ عُنَيْزَةٍ | ثَلاثاً كَذَوْدِ الهَاجرِيّ رَوَاسِيَا |
فَلَمّا حَطَطْنَاها عَلَيْهِنّ أرْزَمَتْ | هُدُوءاً وَألقَتْ فَوْقَهُنّ البَوَانِيَا |
رَكُودٍ، كَأنّ الغَلْيَ فِيهَا مُغِيرَةً، | رَأتْ نَعَماً قَدْ جَنّهُ اللّيْلُ دانِيَا |
إذا استَحمَشُوها بالوَقُودِ تَغَيّظَتْ | على اللّحمِ حتى تَترُكَ العَظمَ بادِيَا |
كَأنّ نَهيمَ الغَلْيِ في حُجَرَاتِهَا | تَمارِي خُصُومٍ عاقدينَ النّوَاصِيَا |
لهَا هَزَمٌ وَسْطَ البُيُوتِ، كَأنّهُ | صَرِيحِيّةٌ، لا تَحرِمُ اللّحمَ جاديَا |
ذَلِيلَةِ أطْرَافِ العِظَامِ رَقِيقَةٍ، | تَلَقَّمُ أوْصَالَ الجَزُورِ كمَا هِيَا |
فَمَا قَعَدَ العَبْدَانَ حتى قَرَيْتُهُ | حَليباً وَشَحْماً من ذُرَى الشوْلِ وَارِيَا |