إن طيفا يزورني في المنام
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إنّ طَيْفاً يزُورُني في المَنامِ، | لَخَلِيٌّ منْ لَوْعَتي، وَغَرَامي |
غَادَةٌ بِتُّ أحْمِلُ اللَّوْمَ فِيهَا، | وَعَنَاءُ المُحِبّ طُولُ المَلامِ |
نَظَرَتْ خِلْسَةً إليّ، فأعْدَى | بَدَني طَرْفُ عَيْنهِا بالسّقامِ |
أَنَّثَتْ ثُمّ ذُكّرَتْ فَلَها دلُّ | فَتَاةٍ رَوْدٍ، وَقَدُّ غُلامِ |
وَلِحْسْنِ الحَلالِ فَضْلٌ، إذا مَا | شابَهُ في العُيُونِ ظَرْفُ الحَرَامِ |
قَدْ سَقَتْني، بكَأسِها وَبِفِيها، | مَا يُرَوّي منْ غُلّةِ المُسْتَهامِ |
في اعْتِدالٍ مِنَ الزّمانِ يُبارِيـ | ـهِ فَتَحْكِيهِ باعتِدالِ القَوَامِ |
إنّمَا العَيْشُ أن تكون اللّيالي | مُفْضِلاتٍ، طُولاً، على الأيّامِ |
قَدْ صَفَا جانِبُ الهوَاءِ، وَلَذّتْ | رِقّةُ المَاءِ في مِزَاجِ المُدَامِ |
وَاستَتَمّ الصَّبِيح ُ في خيرِ وَقْتٍ، | فَهْوَ مُغْنى أُنْسٍ، وَدارُ مَقَامِ |
نَاظِرٌ وِجْهَةَ المَلِيحِ فَلَوْ يَنْـ | ـطِقُ حَيّاهُ مُعْلِناً بِالسّلامِ |
أُلْبِسَا بَهْجَةً، وَقَابَلَ ذا ذاكَ | فَمِنْ ضَاحِكٍ وَمِنْ بَسّامِ |
كالمُحِبّينَ، لَوْ أطاقا الْتِقَاءً، | أفْرَطَا في العِنَاقِ والإلْتِزَامِ |
تُنْفِذُ الرّيحُ جَرْيَهَا بَينَ قُطْرَيْـ | ـهِ، فتَكْبو مِنْ وِنْيَةٍ وَسَآمِ |
مُسْتَمِدٌّ بجَدْوَلٍ مِنْ عُبابِ الْـ | ـماءِ كالأبْيَضِ الصّقِيلِ الحُسامِ |
فإذا ما تَوَسّطَ البِرْكَةَ الخضْـ | ـراءَ ألْقَتْ عَلَيْهِ صِبْغَ الرّخامِ |
فَتَرَاهُ كَأنّهُ مَاءُ بَحْرٍ، | يَخْدَعُ العَيْنَ، وَهْوَ ماءُ غَمامِ |
وَالدّوَالِيبُ، إذْ يَدُرْنَ، ولا نا | ضِحَ يُسْقَى بِهِنّ غَيْرُ النّعَامِ |
بِدَعٌ أُنْشِئَتْ لأوْلى عِبادِ الله | بالرّكْنِ، والصّفا، والمَقَامِ |
إنْ خَيرَ القُصُورِ أصْبَحَ مَوْهُوباً | بِكُرْهِ العِدَى لخيْرِ الأنَامِ |
جَاوَرَ الجَعْفَرِيَّ، وَانْحَازَ شِبْدَا | زُ إلَيْهِ، كالرّاغِبِ المُعْتامِ |
حِلَلٌ مِنْ مَنَازِلِ المُلْكِ كالأنْـ | ـجُمِ، يَلْمَعْنَ في سَوادِ الظّلامِ |
مُفحَماتٌ تُعْيي الصّفاتِ فما تُدْ | رَكُ إلاّ بالظّنّ والإِيهامِ |
فَكَأنّا نُحِسُّهَا في الأمَاني، | أوْ نَرَاهَا في طارِقِ الأحْلامِ |
غُرَفٌ مِنْ بِناءِ دِينٍ وَدُنْيَا، | يُوجِبُ الله فِيهِ أجْرَ الإمامِ |
شَوّقَتْنَا إلى الجِنَانِ فَزدْنَا | في اجْتِنابِ الذّنوبِ وَالآثَامِ |
وَبِهَا تَشْرَبُ الأوَائِلُ مُلْكاً، | وَتُباهي مُكاثِري الإسْلامِ |
بَارَكَ الله لِلْخَلِيفَةِ في المَجْـ | ـدِ المُعَلّى، وَالمَأثُرَاتِ الكِرامِ |
وَأرَاهُ آمَالَهُ في وُلاةِ الْـ | ـعَهْدِ أهْلِ الوَفَاءِ وَالإنْعامِ |
لا يَزَالُوا في غِبْطَةٍ وَسُرُورٍ، | وَبَقَاءٍ، مِن مُلْكِهِ، وَدَوَامِ |