بودي لو يهوى العذول ويعشق
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بوُدّيَ لَوْ يَهْوَى العَذولُ، وَيَعْشَقُ، | فيَعلَمَ أسْبابَ الهَوَى كيفَ تَعْلَقُ |
أرَى خُلُقاً حُبّي لعَلْوَةَ دائِماً، | إذا لمْ يَدُمْ بالعَاشِقِينَ التّخَلُّقُ |
وَزَوْرٌ أتَانِي طَارِقاً، فَحَسِبْتُهُ | خَيالاً أتى، من آخرِ اللّيلِ، يَطرُقُ |
أُقَسّمُ فيهِ الظّنّ طَوْراً مُكَذِّباً | بهِ أنّهُ حَقٌّ، وَطَوْراً أُصَدِّقُ |
أخافُ، وأَرْجُو بُطلَ ظَنّي وَصِدْقَه، | فَلِلّهِ شَكّي حينَ أرْجُو وَأفْرَقُ |
وَقَدْ ضَمّناَ وَشْكُ التّلاقي، وَلَفّنَا | عِنَاقٌ عَلى أعْنَاقِنَا ثَمّ ضَيّقُ |
فَلَمْ تَرَ إلاّ مُخْبِراً عَنْ صَبَابَةٍ | بشَكْوَى، وإلاّ عَبْرَةً تَتَرَقْرَقُ |
فأحْسِنْ بِنَا، والدّمعُ بالدّمعِ وَاشجٌ | تَمازُجُهُ، والخَدُّ بالخَدّ مُلْصَقُ |
وَمِنْ قُبَلٍ قَبْلَ التّشاكي وَبَعْدَهُ، | نَكَادُ لَهَا مِنْ شِدّةِ الوَجدِ نَشرَقُ |
فَلَوْ فَهِمَ النّاسُ التّلاقي وَحُسْنَهُ | لَحُبّبَ، من أجلِ التّلاقي، التّفَرّقُ |
إذا قُرِنَ البَحْرُ الخِضَمُّ بأنْعُمِ الـ | ـخَليفَةِ كادَ البَحْرُ فيهِنّ يَغرَقُ |
مَوَاِهِبُ أعدادُ الأمَاني، وَخَلْفَهَا، | عِداتٌ يَكادُ العُودُ منهُنّ يُورِقُ |
بهِ تَعدِلُ الدّنيا، إذا مالَ قَصْدُها، | وَيَحسُنُ صُنعُ الدّهرِ وَالدّهرُ أخرَقُ |
قَضَى الله للمُعْتَزّ بالله أنهُ | هُوَ القَائِمُ العَدْلُ، الرّشيدُ، المُوَفَّقُ |
مَحَبّتُهُ فَرْضٌ مِنَ الله وَاجِبٌ، | وَعِصْيَانُهُ سُخطٌ مِنَ الله مُوبِقُ |
بَقِيتَ، أمِيرَ المؤمِنِينَ، مُؤمَّلاً، | فَلِلْمُلْكِ نُورٌ مَا بَقيتَ وَرَوْنَقُ |
لَقَدْ أقبَلَتْ بالأمْسِ خَيْلُكَ سُبَّقاً، | وأنتَ إلى العَلْيَاءِ والمَجْدِ أسْبَقُ |
وَوَافَاكَ بالَّنيْرُُوزِ وَقْتٌ مُحَبَّبٌ، | يَظَلُّ جَنيُّ الوَرْدِ فيهِ يُفَتَّقُ |
فَلا زِلْتَ في ظِلٍّ مِنَ الله سابِغٍ، | فَظِلُّكَ رَوْضٌ للبَرِيّةِ، مُونِقُ |
تَجَانَفَ بي نَهْجُ الشّآمِ، وَطَاعَ لي | عِنَانٌ إلى أَبْيَاتِ مَنبِجَ مُطْلَقُ |
أسُرُّ صَدِيقاً، أوْ أسُوءُ مُلاحِياً، | وأنْشُرُ آلاءً بِطَوْلِكَ تَنْطِقُ |
وإنّي خَليقٌ بَل حَقيقُ يِعُقْبِ ما | يُغَرِّبُ شَخصي، إنّ شَوْقي يُشَرِّقُ |
وَمِنْ أينَ لا يَثْني الرّجَاءُ مُعَوَّلي | عَلَيكَ، وَيَحْدُوني إلَيكَ التّشَوّقُ |
وأنْتَ الذي أعلَيْتَني بصَنِيعَةٍ | هيَ المُزْنُ تَغدو من قَرِيبٍ، فتُغدِقُ |
وَعارِفَةٍ فَاتَتْ صِفَاتِي، فَلا الَّثنَا | يُقارِبُ أقْصَاهَا وَلا الشّكرُ يَلحَقُ |
حَمَلْتَ على عَشْرٍ من البُرْدِ مرْكبي | عِجالاً عَلَيهِنّ الشّكيمُ المُحَلَّقُ |
وأكثَرْتَ زَادي مِنْ بُدُورٍ تَتَابَعَتْ | بِجُودِكَ فيهِنّ اللُّجَينُ المُطَرَّقُ |
وَمُنْتَسِبَاتٍ للوَجِيهِ وَلاحِقٍ، | كُمَيْتٌ يَسُرّ النّاظِرِينَ، وَأبْلَقُ |
وَمِنْ خِلَعٍ فازَتْ بلُبْسِكَ فاغتدى | بها أرَجٌ مِن طيبِ عَرْفِكَ، يَعْبَقُ |
عَلَيْهَا رِداءٌ مِنْ حَمَائِلِ مُرْهَفٍ | صَقيلٍ، يَزِلُّ الطّرْفُ عَنهُ، فيزْلَقُ |
فهَلْ أنْتَ يا ابنَ الرّاشِدينَ مُخَتّمي | بِيَاقُوتَةٍ تُبْهي عَلَيّ، وَتُشْرِقُ |
يَغَارُ احمِرَارُ الوَرْدِ من حُسنِ صِبغِها، | وَيَحكيهِ جاديُّ الرّحيقِ المُعَتَّقُ |
إذا بَرَزَتْ والشّمسَ قُلتُ تَجَارَتَا | إلى أمَدٍ أوْ كادَتِ، الشّمسَ، تَسبُقُ |
إذا التَهَبَتْ في اللّحظِ ضَاهَى ضِيَاؤها | جَبينَكَ عِندَ الجُودِ، إذْ يَتَألّقُ |
أُسَرْبَلُ مِنْهَا ثَوْبَ فَخْرٍ مُعَجَّلٍ، | وَيَبْقَى بها ذِكْرٌ على الدّهرِ مُخلِقُ |
عَلاَمَةُ جُودٍ منْكَ عِنْدي مُبينَةٌ، | وَشَاهِدُ عَدْلٍ لي بنُعمَاكَ يَصْدُقُ |
وَمِثْلُكَ أعْطَاهَا، وأضْعَافَ مِثْلِهَا، | وَلا غَرْوَ للبَحْرِ انبَرَى يَتَدَفّقُ |
لَئِنْ صُنتُ شِعْرِي عن رِجَالٍ أعِزّةٍ، | فإنّ قَوَافيهِ بوَصْفِكَ ألْيَقُ |
وإنْ وُليَ العُمّالُ مِنّي مَبَرّةً، | فمُسْتَعمِلُ العُمّالِ أحرَى وأخْلَقُ |