فؤاد بذكر الظاعنين موكل
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
فُؤادٌ، بذِكْرِ الظّاعنينَ، مُوَكَّلُ، | وَمَنزِلُ حَيٍّ فيهِ، للشّوْقِ، مَنزِلُ |
أرَاحِلَةٌ لَيلى، وَفي الصّدرِ حاجَةٌ، | أقَامَ بِهَا وَجْدٌ، فَمَا يَتَرَحّلُ |
سَلامٌ عَلى الحَيّ الذينَ تَحَمّلُوا، | وَعَجلانُ من غُرّ السّحابِ مجَلجَلُ |
فكمْ كَلَفٍ في إثرِهمْ ليسَ يَنقضِي، | وَكمْ خِلّةٍ من بَعدهم ليسَ توصَلُ |
وَقَفْنَا على دارِ البَخيلَةِ، فانبَرَتْ | بَوَادِرُ قد كانتْ بها العَينُ تَبخُلُ |
على دارِسِ الآياتِ عَافٍ، تَعاقَبَتْ | علَيهِ صَباً ما تَستَفيقُ، وَشَمْألُ |
فلَمْ يَدْرِ رَسْمُ الدّارِ كَيفَ يُجيبُنَا، | وَلا نحنُ من فرْطِ الجَوَى كيفَ نَسألُ |
أجِدَّكَ هَلْ تَنسَى العُهودَ، فينطوِي | بها الدّهرُ، أوْ يُسْلَى الحَبيبُ، فيَذهَلُ |
أرَى حُبّ لَيلى لا يَبيدُ، فيَنقَضي، | وَلا تَلْتَوي أسْبَابُهُ، فَتُحَلَّلُ |
مُعَنًّى بهِ الصْبّ الشّجيُّ، المُعَذَّلُ | عَلَيْهِ، وَذو الحُبّ المُعنّى المُعَذَّلُ |
سَتَأخُذُ أيدي العِيسِ منهُ، إذا انتحى | بأشخاصِها جُنحٌ منَ اللّيلِ، ألْيَلُ |
إلى مَعْقِلٍ للمُلْكِ، لوْلا اعتِزَامُهُ | وَمِنْعَتُهُ، ما كانَ للمُلْكِ مَعقِلُ |
وَمَكرُمَةِ الدّنْيا، التي لَيسَ دونَها | مُرَادٌ، وَلا عَنْ ظِلّهَا مُتَحَوَّلُ |
إلى مُصْعَبيّ العَزْمِ يسْطُو فيَغتَذي، | وَمُتّسِعِ المَعرُوفِ يُعطي فيُجزِلُ |
فتًى لا نَداهُ حَجْرَهُ، حينَ يَبتَدي، | وَلا مَالُهُ مِلْكٌ لَهُ حِينَ يُسألُ |
إِذا نَحْنُ أَمَّلْنَاهُ لَمْ يَرَ حَظَّهُ | زَكَا ، أَو يَرَى جَدْواهُ حَيْثُ يُؤَمَّلُ |
لَهُ قَدَمٌ في المَجدِ تَعْلَمُ أنّهُ | بِسُؤدَدِها يُرْبي مِرَاراً، وَيفَضُلُ |
إذا جادَ أغضَى العَاذِلُونَ، وَكَفَّهمْ | قَديمُ مَسَاعيهِ الذي يَتَقَيّلُ |
ومَنْ ذا يَلُومُ البَحرَ إنْ باتَ زَاخراً | يَفيضُ، وَصَوبَ المُزْنِ إنْ باتَ يهطِلُ |
وَلَمْ أرَ مَجْداً كالأمِيرِ مُحَمّدٍ، | إذا مَا غَدا يَنْهَلُّ، أوْ يَتَهَلّلُ |
حَياةُ النّفوسِ المُزْهَقاتِ، ومَأمِنٌ | يَثُوبُ إليهِ الخائِفونَ، ومَوْئلُ |
أُعِيرَتْ بهِ بَغدَادُ صَوْبَ غَمامَةٍ، | تُعِلُّ البِلادَ مِنْ نَداها، وَتُنهَلُ |
وَقد فقَدَتْ أُنسَ الخِلافةِ، وَانتحى | على أهلِها خَطبٌ، من الدّهرِ، مُعضِلُ |
وَلِيتَهُمْ، وَالأُفْقُ أغْبَرُ عِنْدَهم، | وَجَوُّهُمُ، عَن صَيّبِ المُزْنِ، مُقفَلُ |
فجَاءَ بكَ الصّنعُ الذي كانَ ذاهِباً، | وَجيدَ بكَ الصّقعُ الذي كانَ يُمحِلُ |
وَما كنت إلا رحمة اللهِ ساقها | إليهم ودنُياهم أتتْ وهي تُقبلُ |
ويَوْمُهُمُ السّعدُ الذي ضَمّ أمرَهُمْ | إليكَ، هوَ اليَوْمُ الأغَرُّ المُحَجَّلُ |
تَلِينُ، وَتَقْسُو شِدّةً وَتَألّقاً، | وَتُمْلي، فتَستأني، وتَقضِي، فتَعدِلُ |
ومَا زِلْتَ مَدْلولاً على كلّ خِطّةٍ | مِنَ المَجدِ، ما تَرْقَى وَلا تَتَوَقَّلُ |
تَداركني الإحسانُ مِنكَ، وَمَسّني | على حاجةٍ، ذاكَ الجَدا، وَالتّطَوّلُ |
ودَافَعْتَ عنّي، حينَ لا الفَتحُ يُبتَغى | لِدفْعِ الذي أخشَى ولا المتوكلُ |
لَعَمرِي لَقَدْ وَحَّى ابْنُ مخْلَدَ حاجَتي | وأَسْعَفَني عَفْواً بما كُنْتُ أَسْأَلُ |
أطَاعَكَ في رِفْدِي رِضاً وتَقَبُّلاً، | لِمَا تَرْتَضِي مِنِّي وما تَتَقَبَّلُ |
هُو الْمَرْءُ يأَتي ما أَتيْتَ تَحرِّياً | ويُعْطِي الَّذي تُعْطِي اتِّباعاً ويَبْذُلُ |
يُبَادِرُ مَا تَهْواهُ حتّى يَجيئَهُ | تَوَخٍّ، فيَمضِي أوْ يقُولُ فيَفعَلُ |
فَلا تكذِبَنْ عَنْ فَضْلِهِ وَوَفائِهِ، | فَمن هُوَ في هَذينِ إلاّ السّمَوْألُ |