أحرى الخطوب بأن يكون عظيما
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أحْرَى الخُطُوبِ بأنْ يكونَ عَظيمَا | قَوْلُ الجَهُولِ: ألا تَكُونُ حَليمَا |
قَبّحْتَ مِنْ جَزَعِ الشّجيّ مُحَسَّناً، | وَمَدَحْتَ مِنْ صَبرِ الخَليّ ذَمِيمَا |
وَمَقيلُ عَذْلِكَ في جَوَانِحِ مُغْرَمٍ، | وَجَدَ السّهولَ منَ الغَرَامِ حُزوما |
رَاضٍ مِنَ الهَجرِ المُبَرِّحِ بالنّوَى، | وَمِنَ الصّبَابَةِ أنْ يَبيتَ سَلِيمَا |
لَيْتَ المَنَازِلَ سِرْنَ يَوْمَ مُتَالِعٍ، | إذْ لَمْ يَكُنْ أُنْسُ الخَليطِ مُقِيمَا |
فَلَربّما أرْوَتْ دُمُوعاً مِنْ دَمٍ | فيها، وأظْمَتْ لائِماً وَمَلُومَا |
وَلَقَدْ مَنَعتُ الدّارَ إعْلاَنَ الهَوَى، | وَطَوَيْتُ عَنْهَا سِرّكِ المَكْتُوما |
فَكَأنّما الوَاشُونَ كانُوا أرْبُعاً | مَمْحُوَّةً لِعِرَاصِها، وَرَسُوما |
وَسَلي مُحيلَ الرَّبعِ هَلْ أبْثَثْتُهُ | إلاّ الوُقُوفَ عَلَيْهِ، والتّسليما |
لمْ أشكُ حُبّكِ بالنّحُولِ، ولم أُرِدْ | بسَقَامِ جِسْمي أنْ أكونَ سَقيمَا |
وَتَفِيضُ مِنْ حَذَرِ الوشاةِ مَدامِعي، | فإذا خَلَوْتُ أفَضْتُهُنّ سُجُومَا |
سُقِيَتْ رُبَاكِ بِكُلّ نَوْءٍ جاعِلٍ، | مِنْ وَبْلِهِ، حَقّاً لَهَا مَعْلُوما |
فَلَوَ انّني أُعْطيتُ فيهِنّ المُنَى، | لَسَقَيْتُهُنّ بِكَفّ إبْراهِيما |
بِسَحَابَةِ غَرّاءَ مُتْئِمَةٍ، إذا | كانَ الجَهَامُ منَ السّحابِ عَقيمَا |
وأغَرُّ للفَضْلِ بنِ سَهْلٍ عِنْدَهُ | كَرَمٌ، إذا ما العَمُّ وَرّثَ لُوما |
مَلِكٌ، إذا افتَخَرَ الشّرِيفُ بِسُوقةٍ | عَدّ المُلُوكَ خُؤولَةً وَعُمُومَا |
مِنْ مَعشَرٍ لحقَتْ أوائِلُ مُلكِهِمْ | خَلَفَ القَبَائِلِ جُرْهُماً، وأمِيمَا |
نَزَلُوا بأرْضِ الزّعْفَرَانِ، وغادَرُوا | أرْضاً تَرُبُّ الشِّيحَ والقَيْصُوما |
كانُوا أُسُوداً يَقْرَمُونَ إلى العِدَى | نَهَماً، إذا كانَ الرّجالُ قُرُومَا |
وابنُ الذي ضَمّ الطّوَائِفَ بَعدَما افْـ | ـتَرَقَتْ، فعَادَتْ جَوْهراً مَنْظُوما |
غَشَمَ العَدُوَّ، ولنْ يُقَالُ غَشَمْشَمٌ | للّيْثِ، إلاّ أنْ يَكُونَ غَشُوما |
وَرَدَ العِرَاقَ، وَمُلْكُها أيدي سَبَا، | فاسْتَارَ سِيرَةَ أزْدَشِيرَ قَديمَا |
جَمَعَ القُلُوبَ، وَكَانَ كُلُّ بنِي أبٍ | عَرَباً لشَحْنَاءِ القُلُوبِ، وَرُومَا |
وَرَمَى بنَبْهَانَ بنِ عَمْروٍ مُبعِداً، | فأصَابَ في أقْصَى البِلادِ تَمِيمَا |
وَمَضَتْ سَرَايَا خَيْلِهِ، فتَرَاجَعَتْ | بأبي السّرَايَا خَائِباً مَذْمُومَا |
أفتى بَني الحَسَنِ بنِ سَهْلٍ! إنّهُمْ | فِتْيَانُ فَارِسَ نَجدَةً وَحُلُوما |
لا تُوجِبَنْ لكَرِيمِ أصْلِكَ مِنّةً، | لَوْ كُنتَ منْ عُكْلٍ لَكُنتَ كَرِيمَا |
فَلَكَ الفَضَائِلُ مِنْ فُنُونِ مَحَاسِنٍ | بِيضاً لإفْرَاطِ الخِلاَفِ، وَشِيمَا |
جُمِعَتْ عَليكَ وَللأنَامِ، مُفَرِّقٌ | مِنْهَا، فأفراداً قُسِمنَ، وَتُومَا |
مَا نَالَ لَيْثُ الغَابِ إلاّ بَعْضَهَا، | حَتّى رَعَى مُهَجَ النّفُوسِ جَمِيمَا |
شَارَكْتَهُ في البأسِ، ثمّ فَضَلْتَهُ | بالجُودِ، مَحقوقاً بذاكَ، زَعِيمَا |
وَتَعِزُّ أنْ تَلْتَاثَ يَوْمَ كَرِيهَةٍ | عَنْها، وَتَكرُمُ أنْ تكونَ شَتِيمَا |
وإذا ظَفِرْتَ غَفَوْتَ، وَهْوَ إذا رَأى | ظَفَراً على الأقْرَانِ كانَ لَئِيمَا |
وَرَأيتُ يَوْمَ نَداكَ أشرَقَ بَهْجَةً، | واهْتَزّ أطْرَافاً، وَرَقّ نَسيما |
وَشَهِدْتُ يَوْمَ الغَيثِ في هَطَلاَنِهِ، | جَهْماً مُحَيّاهُ، أغَمَّ، بَهِيمَا |
وَيَخُصُّ أرْضاً دونَ أرْضٍ جُودُهُ، | وَسَحَابُ جُودِكَ في العُفَاةِ عُمُومَا |
فَعَلاَمَ شَبّهَكَ الجَهُُولُ بذَا وَذا، | بَلْ فِيمَ شَبَّهََكَ المُشَبِّهُ، فيما؟ |
أُثْنِي عَلَيْكَ ثَنَاءَ مَنْ ألْفَيْتَهُ | غُفْلاً، فَعَادَ بِنِعْمَةٍ مَوْسُومَا |
وَشَكَرْتُ مِنْكَ مَوَاهِباً مَشْهُورَةً، | لَوْ سِرْنَ في فَلَكٍ لَكُنّ نُجُومَا |
وَمَوَاعِداً، لَوْ كُنّ شَيْئاً ظاهِراً | تُفْضِي إلَيْهِ العَينُ، كُنّ غُيُوما |
ألْقَى الحَسُودَ، إذا أرَدْتُ، كأنّني | مِنْ قَبْلُ لَمْ ألْقَ العَدُوّ رَحِيمَا |
كانَ ابتِداؤكَ بالعَطَاءِ عَطِيّةً | أُخْرَى، وَبَذْلُكَ للجَسيمِ جَسيمَا |