أرشيف المقالات

تخريج حديث ((اللهم أحيني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين))

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
تخريج حديث: "اللهُمَّ أحيني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين"
 
1- ضَّعَفه كثيرٌ من أهل العلم، وعلى فرض صحته فالمراد بالمَسْكَنة هنا التواضُع والإِخْبات، وليس قلة المال، وأَصل المسكين في اللغة الخاضع، وأَصل الفقير المحتاج.
 
2- قال الشيخ محمد ناصر الألباني: "وقيل: هذا الحديث يخالف القرآن؛ فكيف يطلب رسول الله عليه السلام من الله أن يجعله فقيرًا والله عز وجل امتَنَّ عليه بقوله في سورة الضحى ﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 8]؟!"؛ بتصرُّف واختصار.
 

3- رواه الترمذي في الجزء الأول من الطبعة الأميرية (2352) ولفظه: حدَّثنا عبدالأعلى بن واصل الكوفي، حدَّثنا ثابت بن محمد العابد الكوفي، حدثنا الحارث بن النعمان الليثي، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهُمَّ أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة))، فقالت عائشة: لِمَ يا رسول الله؟ قال: ((إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفًا، يا عائشة، لا ترُدِّي المسكين ولو بشق تمرة، يا عائشة، أحبي المساكين، وقربيهم؛ فإن الله يقربك يوم القيامة))، ثم قال: هذا حديث غريب.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب؛ ا هـ.
 
• وَثَّقه أبو حاتم في تهذيب التهذيب؛ فقال: "الحارث بن النعمان الليثي ليس بقوي، وهو الذي قال فيه البخاري منكر الحديث، فكلام البخاري في الحارث لا في الحديث، وهذا لا يمنع أن يكون للحديث طُرُق أخرى يتقوَّى بها هذا السند، فإن الحارث لم يُتَّهَم بالكذب، وباقي السند ثقات".
 
• ولكن مع أنه طُعِن فيه، فقد وَثَّقه أحمد بن صالح وأبو زرعة الدمشقي، ولم يُجتمَع على تضعيفه.
 
• وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الحديث فقال: "هذا يُرْوَى، لكنه ضعيف لا يثبت، ومعناه: أحيني خاشعًا متواضعًا؛ لكن اللفظ لم يثبت"؛ انتهى، مجموع الفتاوى (18/ 357)، وقال أيضًا (18/ 326): "هذا الحديث قد رواه الترمذي، وقد ذكره أبو الفرج (ابن الجوزي) في المَوْضُوعَات[1]، وسواء صحَّ لفظه أو لم يصح، فالمسكين المحمود هو المتواضع الخاشع لله; ليس المراد بالمسكنة عدم المال؛ بل قد يكون الرجل فقيرًا من المال وهو جبَّار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مسلم الصحيح: ((ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يُزكِّيهم ولهم عذاب أليم: ملك كذاب، وفقير مختال، وشيخ زانٍ))، فالمَسْكَنة خُلُق في النفس، وهو التواضُع والخشوع واللين ضد الكبر".
 
4- ورواه ابن ماجه (4126) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبدالله بن سعيد قالا: ثنا أبو خالد الأحمر عن يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن عطاء، عن أبي سعيد الخُدْري، قال: أحِبُّوا المساكين فإني سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول في دعائه: ((اللهُمَّ أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين)).

• قال ابن كثير في البداية والنهاية: "فأمَّا الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي سعيد أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((اللهُمَّ أحيني مسكينًا...))؛ الحديث، فإنَّه حديث ضعيف، لا يثبت من جهة إسناده؛ لأن فيه يزيد بن سنان وكُنْيَته أبو فروة الرَّهاويُّ وهو ضعيف جدًّا، والله أعلم"، وقال: "وفي إسناده ضعف، وفي متنه نكارة والله أعلم"؛ انتهى.
 
• وفي مجمع الزوائد: أبو المبارك لا يُعرَف اسمه وهو مجهول، ويزيد بن سنان ضعيف.
 
• وعَدَّه ابن الجوزي في المَوْضُوعَات.
 
• وقال السيوطي: قال الحافظ صلاح الدين بن العلاء: الحديث ضعيف السند؛ لكن لا يُحكَم عليه بالوَضْع.
 
• وأبو المبارك قال الحافظ ابن حجر فيه: "قد حسَّنه الترمذي؛ لأن له شاهدًا، فقد عرفه ابن حِبَّان وذكره في الثقات".
 
• ويزيد بن سنان قال فيه ابن معين: "ليس حديثه بشيء، ومرة ليس بشيء، ومرة ليس بثقة"، وقال البخاري: مقارب الحديث[2] إلا أنَّ ابنه محمد بن يزيد روى عنه مناكير[3].
 
• وقال أبو حاتم: لا يُحتَجُّ به، وباقي رُوَاتِه مشهورون.
 
• وقال العلاء: إنه ينتهي بمجموع طُرُقه إلى درجة الصحة.
 
• وصحَّحه الضياء المقدسي في المختارة، ومن حديث ابن عباس أخرجه الشيرازي في الألقاب (431)، هذا خلاصة ما ذكره السيوطي في حاشية الكتاب وحاشية الترمذي.
 
5.
كما ذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة، قال: "وأسرف اﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ فذكر الحديث في الموضوعات، وكان أقدم عليه لما رآه مُبَاينًا للحال التي مات عليها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنه رآه مكفيًا [4].(ص 242) قال البيهقي: ووجهه عندي أنه سأل حال المسكنة التي يرجع معناها إلى الإِخْبات والتواضع"؛ ا هـ.
 
6- ورواه الحاكم- أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم في المستدرك على الصحيحين، وسنده خالد بن يزيد بن عبدالرحمن بن أبي مالك الدمشقي، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهُمَّ أحيني مسكينًا، وتوفني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين، وإنَّ أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة))،وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
 
• قال الحافظ ابن حجر: فيه ضعف مع أنه فقيه وقد اتهمه ابن معين، من الثامنة، وقال كذلك عن أبيه - يزيد بن عبدالرحمن بن أبي مالك القاضي - صدوق ربما وهم[5]، من الرابعة، فإذا كان الحديث مَروِيًّا من غير طريقه فقد زال الوهم.
 
7.
وأخرجه الطبراني في الدعاء (١٤٢٦) من حديث بقية بن الوليد: حدثنا الهِقْل بن زياد، عن عبيد بن زياد، سمعت جنادة بن أبي أمية يقول: حدثنا عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهُمَّ أحيني مسكينًا، وتوفَّني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين))؛قال: ورجاله موثوقون..
 
• وأخرجه عبد بن حُميد (١٠٠٢) عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
 
• قال العجلوني: إن الطبراني رواه بسند جيد، ذكره في كشف الخفا: "وإذًا فرجال السند معروفون لغير الحافظ الهيثمي، والقاعدة أن مَنْ عُرِف حجة، فالحديث من هذا الطريق لا يمكن أن يقل عن درجةِ الحَسَن مع شواهده.
 
• وفي الخلاصة للخزرجي عن الأوزاعي عن بقية بن الوليد: "وهو أثبت من روى عنه، وَثَّقَه ابن معين وأبو زرعة والعجلي والنسائي وجنادة بن أبي أمية الأزدي، قال العجلي: تابعيٌّ ثقة".
 
• قال الحافظ ابن حجر في ترجمة بقية بن الوليد: "كثير التدليس[6] عن الضعفاء، فإذا صرَّح بالتحديث انتفى التدليس، وقد صرَّح في رواية هذا الحديث بالتحديث؛ فسَلِم السند من تدليس بقية بن الوليد.
 
• قال الحافظ بن حجر هِقْل (بكسر أوله وسكون القاف ثم لام) بن زياد السَّكْسَكي الدمشقي – وكان كاتب الأوزاعي ثقة من التاسعة؛ ا هـ، تقريب التهذيب.
 
• نقله الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: "رواه الطبراني، وفيه بقية بن الوليد وقد وُثِّق على ضعفه، وشيخ الطبراني وعبيدالله بن زياد الأوزاعي لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات".
 
• وفي تقريب التهذيب: رواية جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت في الكتب الستة؛ ا هـ.
 
9- وفي مسند عبد بن حُميد، أو في (منتخبات من مسند عبد بن حُميد): حدثنا ابن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن همام، عن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري، عن أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا، ورجال الإسناد هذا كلهم ثقات، وفي أبي عيسى الأسواري بعض كلام؛ لكن وثَّقَه الطبراني وابن حِبَّان، وأخرج له ثلاثة من الحُفَّاظ رَوَوْا عنه، فكان حالته أنه ثقة، وإذا أُخِذت الطرق الأخرى فالحديث صحيح.
 
• ذكر الألباني هذا الحديث في "الصحيحة" (٣٠٨).
 
10- وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (جـ ٤، ص١١١)، والرافعي في "التدوين" (جـ١، ص٤٧٣)، وابن الجوزي في الموضوعات (جـ ٣ ص١٤١) من طريق عبدالله بن سعيد الأشج.



[1] المَوْضُوعَات: الأحاديث الموضوعة.


[2] مقارب الحديث، هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق.


[3] مَناكير: جمع مَنْكُور وهو المجهول.


[4] اسم من الفعل اكتفى: غنِي وحصل به الاستغناءُ عن سواه.


[5] في تهذيب التهذيب، نجد أن ابن حجر إذا قال: صدوق، مثلًا قد ينقل من غيره بحيث الراوي لا يوجد فيه كلام من ناحية التضعيف ولا يوجد فيه توثيق، إنما قيل فيه: صدوق، أو لا بأس به، أو من هذا القبيل، فيجيء ابن حجر يحكم عليه ويقول: صدوق؛ لكن هناك رواة اختلف فيهم، فمنهم من قال: ثقة، ومنهم من قال: ضعيف، ومنهم قال: كذا، فيجيء ابن حجر يجمع بين الأقوال هذه، فيترك الثقة ويترك الضعيف ويقول: صدوق ربما وهم، أو صدوق يهم.


[6] التدليس قسمان‏: الأول تدليس الإسناد: وهو أن يروي عمَّن لقيه ما لم يسمع منه، موهمًا أنه سمعه منه‏، أو‏:‏ عمن عاصره ولم يلقه، موهمًا أنه قد لقيه وسمعه منه‏،‏ والثاني‏ تدليس الشيوخ: وهو‏‏ أن يروي عن شيخ حديثًا سمعه منه، فيُسميه، أو يكنِّيه، أو ينسبه، أو يصفهُ بما لا يُعرَف به، كي لا يُعرَف‏،‏ بتصرُّف واختصار.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١