لأوشك شعب الحي أن يتفرقا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لأوْشَكَ شعَبُ الحَيّ أنْ يَتَفَرّقا، | فيُدمي الجَوَى، أوْ يَصْبِحَ الحبُّ، أو لِقَا |
أمَا إنّ في ذاكَ النّقَا لأوَانِساً | تَثَنّى أعَاليهِنّ، ليناً، عَلى النّقَا |
فَعَلّكَ تَقْضِي حَسرَةً، حينَ لمْ تَجدْ | عُيُونُ المَهَا، يَوْمَ اللّوَى، فيكَ مَعشَقا |
أَرَيّا الصّبا مِنْ عِنْدِ رَيّا أتَى بهِ | نَسيمُ الصَّبَا وَهْنَاً، فَتَامَ وَشَوّقَا |
دَنَتْ، فَدَنَا هِجْرَانُهَا، فإذا نأتْ | غَدا وَصْلُها المَطلوبُ أنأى، وأسحَقَا |
تَجَمَّعَ فيها الحُسْنُ، حتّى انتَهَى بها، | وأَفَرطََ فيها الظَّرْفُ، حتّى تزَنْدَقَا |
وَمَا رُبّما بَلْ كُلّما عَنّ ذِكْرُهَا | بكَيتَ، فأبكَيتَ الحَمَامَ المُطَوَّقَا |
وَعَزَّكَ مِهْرَاقٌ مِنَ الدّمْعِ حيثُ ما | تَوَجّهَ، بعدَ البَينِ، صادَفَ مَهْرَقا |
وَطَيْفٍ سَرَى، حتّى تَنَاوَلَ فِتْيَةً | سَرَوْا يجْذِبُونَ اللّيْلَ، حَتّى تمزّقَا |
فَعَاوَدَ يَوْمُ الهَجْرِ أسْوَانَ، بَعْدَمَا | قَرَعْنَا لَهُ باباً، من الشّوْقِ، مُغْلَقَا |
وَمَا قَصّرَتْ، في دَرْغَنونَ، رِماحُنَا | فيرْجعَ منها الطيْْفُ غَضْبانَ مُحنَقَا |
أظالَمَةَ العينَينِ مَظلومَةَ الحَشَا، | ضَعيفَتَهُ، كُفّي الخَيَالَ المُؤرِّقَا |
فَلاَ وَصْلَ حتّى تَقضِيَ الحَرْبُ أمرَهَا | بمُفْتَرَقٍ، أوْ فَضْلِ عُمْرٍ، فَمُلتَقَى |
وَمَا هُوَ إلاّ يُوسُفُ بنُ مُحَمّدٍ، | وأعداؤهُ، والمَوْتُ غَرْباً وَمَشْرِقا |
وَعَارِضُهُ المُستَمْطِرُ الجُودِ إنّهُ | تَجَهّمَ، فَوْقَ النّاطَلُوقِ، فأطرَقَا |
وأضْعَفَ بالقَبّاذِقِينَ سِجَالَهُ، | وأرْعَدَ بالأَبْسِيقِ شَهْراً، وأبْرَقَا |
فَحَرَّقَ، ما بَينَ الدُّرُوبِِ، أتِيُّهُ | إلى مَجمَعِ البَحرَينِ، حين تَخَرّقَا |
إذا انْشَعَبَتْ، من جانِبَيْهِ، غَمَامَةٌ | إلى بَلَدٍ، كانَتْ دَماً مُتَدَفِّقَا |
وَبُرْدُ خَرِيفٍ قَدْ لَبِسْنَا جَديدَهُ، | فلَمْ يَنْصَرِفْ حتّى نَزَعْنَاهُ مُخلَقَا |
وَبَدْرَينِ أنْضَيْناهُمَا، بَعْدَ ثالِثٍ، | أكَلْنَاهُ بالإيجافِ، حتّى تَمَحّقا |
فَلَمْ أرَ مثْلَ الخَيْلِ أبْقَى على السُّرَى، | ولاَ مِثْلَنَا أحنى عَلَيْهاِ، وأشْفَقَا |
وَمَا الحُسْنُ، إلاّ أنْ تَرَاهَا مُغيرَةً، | تُجَاذِبُنَا حَبْلاً، من الصّبحِ، أبرَقَا |
فكَمْ مِنْ عَظِيمٍ أدرَكَتْهُ صُدورُهَا | فَبَاتَ غَنِيّاً ثمّ أصْبَحَ مُمْلِقَا |
وأَوْحَشَها مِنْ يوسُفٍ حَملُ يوسُفٍ | عَلَيْهَا المَعالي، جَامِعاً، وَمُفَرِّقَا |
إذا أقْبَلَتْ مِنْ سَمْلَقٍ بِنُفُوسِهَا، | أعَادَ عَلَيْهَا رَائِدُ المَوْتِ سَمْلَقَا |
حوَى كلَّ ما دونَ الخليجِ، وَلَمْ يَدَعْ | فؤاداً، بما خَلْفَ الخليجِ، مُعَلَّقا |
قَلِيلُ السّرُورِ بالكَثِيرِ يَنَالُهُ، | فتَحسَبُهُ، وَهْوَ المُظَفَّرُ، مُخْفِقَا |
يَرَى الغَزْوَ حَجاً، فالمُقَصِّرُ مَا لَهُ | كأجْرِ الَّذِي طَافَ الطَّوَافَ، مُحَلِّقَا |
وَمَا لَيْلَةُ الغَازِي بِقَرّةَ مِثْلَها | بمَيْمَنَةِ الشّقْرَاءِ صُدغاً، ومَفْرِقا |
وَمُحْتَرِسٍ، مِنْ أينَ رُمتَ اغتِرَارَهُ، | وَجَدْتَ لَهُ سَهْماً إلَيكَ مُفَوَّقَا |
إذا جادَ كانَ الجُودُ منهُ خَليقَةً، | وإنْ ضَنّ كانَ الضّنُّ منْهُ تَخَلُّقَا |
مَشاهِدُ مِنْ خَلْفِ الصِّفاتِ ودُونِها | إِذا المَادِحُ السَّكبُ اللِّسانِ تَلَهْوَقَا |
فإنْ قَالَ بالإكْثَارِ، قالَ مُقَلِّلاً، | ولَوْ قَالَ بالإفْرَاطِ، قالَ مُصَدَّقَا |
بنَتْ شَرَفاً في مَجدِ نَبْهَانَ، والتَقَتْ | على رَبَضِ الإسْلاَمِ، سوراً وَخنَدَقا |
يَشُدُّ فَيلْقَى أَيْدِيَ الْقوْمِ أَرجُلاً | رَواجِعَ عَنْهُ ،والسَّوَاعِدَ أَسْوُقَا |
فإنْ شَهَرُوا الماذِيَّ، كَي ْمَا يُرَهّبُوا، | شَهَرْتَ لَهُمْ بأساً علَيهِمْ مُحَقَّقَا |
وَماذا على مَنْ يَمْلأُ الدّرْعَ نَجْدَةً | لدى الرّوْعِ، ألاّ يَلبَس الدّرْعَ يَلْمَقَا |
وفي كلّ عَالٍ مِنْ قُرَاهُمْ، وَسَافِلٍ، | لَهيبٌ، كأنّ الوَشْيَ فيهِ مُشَقَّقَا |
حَرِيقٌ، لَوِ النّعمانُ يَوْمَ أُوَارَةٍ | رَآكَ تُزَجّيهِ، دَعَاكَ مُحَرِّقَا |
وَفي يَدِكَ السّيْفُ الذي امتَنَعَتْ بهِ | صَفاةُ الهُدَى مِنْ أنْ تَرِقّ فتُخرَقَا |
وَما أظْلَمَ الإسْلامُ، إلاّ تألّقَتْ | نَوَاحِيهِ في ظَلْمائِهِ، فتألّقَا |
إذا أُمَرَاءُ النّاسِ عَفّوا تَقِيّةً، | عَفَفتَ، ولم تَقصِدْ لشَيْءٍ سوَى التُّقَى |
وَلَوْ أنْصَفَ الحُسّادُ يَوْماً تأمّلُوا | معاليكَ، هَلْ كانَتْ بغيرِكَ ألْيَقَا |
قَطَعْتَ مَدَاهَا، وَهْيَ أبْعَدُ غَايَةً، | وجُزْْتَ رُبَاهَا، وَهْيَ أصْعَبُ مُرْتَقَى |
وَكَانَ طَرِيقُ المَجدِ خلفَكَ وَاضِحاً، | وَفِعْلُ المعَالِي لَوْ أرَادُوهُ مُطْلَقاً |
تَجُودُ على الطّلاّبِ سَحّاً، وَديمَةً، | وَهَطْلاً، وإرْهَاماً، وَوَبْلاً، وَرَيّقا |
فإنْ قُلْتَ هَذي سُنّةٌ كُنْتَ حاتماً، | وإنْ قُلتَ فَرْضاً لازِمٌ كنتَ مَصْدَقَا |
وَجَدْنا غِرَارَ السّيفِ عندَكَ واسِعاً، | وإنْ كَانَ مُفضَى الجُودِ عندكَ ضَيّقا |
وَمَا أنَا إلاّ غَرْسُكَ الأوّلُ الذي | أفَضْتَ لَهُ ماءَ النّوَالِ، فأوْرَقَا |
وَقَفْتُ بِآمَالي عَلَيْكَ جَميعَهاً، | فَرأيَكَ في إمْسَاكِهِنّ مُوَفَّقَا |