تبيت له من شوقه ونزاعه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَبيتُ لَهُ، مِنْ شَوْقِهِ وَنِزَاعِهِ، | أحاديثُ نَفسٍ أوْشكَتْ من زَماعِهِ |
وَمَا حَبَسَتْ بَغدادُ منّا عَزِيمَةً، | بمَكتومِ ما نَهوَى بِها، وَمُذاعِهِ |
جَعَلْنَا الفُرَاتَ، نحوَ جِلّةِ أهْلِنَا، | دَليلاً نَضِلُّ القَصْدَ ما لمْ نُرَاعِهِ |
إذا ما المَطايا غِلْنَ فُرْضَةَ نُعمِهِ، | تَوَاهَقْنَ لاسْتِهلاكِ وَادِي سبَاعِهِ |
فَكَمْ جَبَلٍ وَعْرٍ خَبَطْنَ قِنَانَهُ، | وَمُنْخَفِضٍ سَهْلٍ مَثَلْنَ بِقَاعِهِ |
وَلَمّا اطّلَعْنَا مِنْ زُنَيْبَةَ مُشرِفاً، | يكادَ يُؤازِي مَنْبِجاً باطّلاعِهِ |
رَأينا الشّآمَ من قرِيبٍ، وَأعرَضَتْ | رَقائقُ منْهُ جُنْحٌ عَنْ بِقَاعِهِ |
وَمَا زَالَ إيشَاكُ الرّحيلِ، وَأخْذُنَا | من العِيسِ في نَزْعِ الدّجى وَادّرَاعِهِ |
إلى أنْ أطاعَ القُرْبُ، بَعدَ إيَابِهِ، | وَلُوئِمَ شِعْبُ الحَيّ بَعد انصِداعِهِ |
فَلا تَسألَنْ عَنْ مَضْجَعي وَنُبُوّهِ | بأرْضِي، وَعن نَوْمي بها وَامتِناعِهِ |
أرَانيَ مُشتَاقاً، وَأهْليَ حُضَّرٌ، | عَلى لَحظِ عَيْنَيْ نَاظِرٍ وَاستِماعِهِ |
وَمُغترِبَ المَثْوَى، وَسرْجيَ سارِبٌ | بأوْدِيَةِ السّاجُورِ، أوْ بِتِلاعِهِ |
لفُرْقَةِ مَنْ خَلّفْتُ دُنْيَايَ غَضّةً | لَدَيْهِ، وَعِزّي مُعصِماً في بِقاعِهِ |
وَمَا غَلَبَتني نِيّةُ الدّارِ، عِندَهُ، | على رِفْدِهِ في ساحَتي، وَاصْطِناعِهِ |
كَفاني مِنَ التّقسيطِ فُحشُ عِيَانِهِ، | وَقَدْ ذَعَرَتْني مُندِياتُ سَماعِهِ |
تَعَمّدْهُ في الأمْرِ الجَليلِ، وَلا تقِفْ | عنِ الغَيثِ أنْ تُرْوَى بفَيضِ بَعاعِهِ |
فلَنْ تَكْبُرَ الدّنْيا عَلَيْهِ بأسرِها، | وَقَدْ وَسِعَتْهَا ساحَةٌ مِنْ رِبَاعِهِ |
وَكَمْ لعَبيدِ الله مِنْ يَوْمِ سُؤدَدٍ، | يُجَلّي طُخَا الأيّامِ ضَوْءُ شُعاعِهِ |
وَكَمْ بَحَثُوهُ عَنْ طِبَاعِ تكَرّمٍ، | يَرُدُّ الزّمَانَ صَاغراً عَنْ طِبَاعِهِ |
سَلِ الوُزَرَاءَ عَنْ تَقَدُّمِ شأوِهِ؛ | وَعن فَوْتِهِ مِنْ بَينِهِمْ وَانقِطاعِهِ |
وَهَلْ وَازَنُوهُ عِندَ جِدّ حَقيقَةٍ | بمثْقَالِهِ، أوْ كَايَلُوهُ بصَاعِهِ |
زَعيمٌ بفَتْحِ الأمْرِ عِنْدَ انْغِلاقِهِ | علَيهِمْ، وَرَتْقِ الفَتقِ عند اتّساعِهِ |
عَلا رَأيُهُ مَرْمَى العُقولِ فلَمْ تكنْ | لتُنْصِفَهُ في بُعْدِهِ وَارْتِفَاعِهِ |
وَقارَبَ حتّى أطمَعَ الغِمْرُ نَفْسَهُ، | مُكاذَبَةً في خَتْلِهِ وَخْداعِهِ |
وَلمْ أرَهُ يَأتي التّوَاضُعَ وَاحِدٌ | منَ النّاسِ، إلاّ مِنْ عُلُوّ اتّضَاعِهِ |
تَضِيعُ صُرُوفُ الدّهرِ في بُعدِ هَمّهِ، | وَتُنوَى الخُطوبُ في اتّساعِ ذِرَاعِهِ |
وَتَعْلَمُ أعْبَاءُ الخِلافَةِ أنّهَا، | وَإنْ ثَقُلَتْ، مَوْجودةٌ في اضْطلاعِهِ |
فَما طاوَلَتْهُ مِحْنَةٌ عَنْ مُلِمّةٍ، | فتَنزِعَ، إلاّ باعُهَا دُونَ بَاعِهِ |
رَعَى الله مَنْ تُلْقي الرّعِيّةُ أنسَهَا | إلى ذيّهِ مِنْ دُونِهَا، وَدِفَاعِهِ |
تَصَرّعْتُ حَوْلاً بالعرَاقِ مُجَرَّماً، | مُدافَعَةً منّي ليَوْمِ وَداعِهِ |
أأنساكَ بَعدَ الهوْلِ، ثمّ انصِرَافِهِ، | وَبَعدَ وُقُوعِ الكُرْهِ، ثمّ انِدفاعِهِ |
وَبَعدَ اعتِلاقٍ مِن أبي الفَتْحِ ضَيعتي | ليُلحِقَهَا مُستَكثِراً في ضِيَاعِهِ |
وَما رَامَ ضُرّي، يَوْمَ ذاكَ، وَإنّما | أرَاغَ امرُؤ ٌحُرًٌّ مَكانَ انتِفاعِهِ |
إذا نَسِيَ الله اطّيَافي بِبَيْتِهِ، | وَوَفدُ الحَجيجِ حاشدٌ في اجتماعِهِ |
وَلَيلَتيَ الطّولى بطُمِّينَ مُصْلِتاً | لصَدّ العَدُوّ دُونَها، وَقِرَاعِهِ |
وَوَالله لا حَدّثْتُ نَفْسِي بمُنْعِمٍ | سِوَاكَ، وَلا عَنّيتُهَا باتّبَاعِهِ |
وَلَوْ بِعْتُ يَوْماً منكَ بالدّهرِ كُلّهِ، | لَفَكّرْتُ دَهْراً ثانِياً في ارْتِجَاعِهِ |