ضلالا لها ماذا أرادت إلى الصد
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ضَلالا لَهَا، ماذا أرادَتْ إلى الصّدِّ، | وَنحنُ وُقُوفٌ من فرَاقٍ على حَدِّ |
مُزَاوِلَةٌ إنْ تَخْلِطِ الوُدّ بالقِلَى، | وَمُزمعَةٌ إنْ تُلحِقِ القُرْبَ بالبُعْدِ |
رأتْ لِمّةً عَلَيّ بَيَاضاً سَوَادَها | تَعَاقُبُ مُبْيَضٍّ عَلَيها، وَمُسْوَدّ |
فَلا تَسألا عَنْ هَجْرِها، إنّ هَجرَها | جنى الصّبرِ يُسقَى مُرُّهُ من جنى الشّهدِ |
وَلا تَعجَبَا من بُخلِ دَعدٍ بنَيلها، | وفي النّفَرِ الأعلَينَ أبخَلُ منْ دَعْدِ |
أضَنَّ أخلاّءٌ، وَضَنَّ أحبّةٌ، | فَلا خِلّةٌ تُصْفي، ولا صِلّةٌ تُجدي |
أيَذْهَبُ هذا الدّهرُ لمْ يَرَ موْضِعِي، | وَلمْ يَدْرِ ما مقدارُ حَلّي وَلا عَقْدِي |
وَيَكسَدُ مثلي، وَهوَ تاجرُ سُؤدَدٍ، | يَبيعُ ثَمينَاتِ المَكَارِمِ، والحمدِ |
سَوَائِرُ شعْرٍ جامعٍ بُدَدَ العُلا، | تَعَلّقنَ مَنْ قَبلي، وأتعَبنَ مَن بَعدِي |
يقدر فيها صانع متعمل | لإحكامها تقدير داود في السرد |
خَليليّ، لوْ في المَرْخِ أقدَحُ إذْ أبَى | رِجالٌ مُؤاتَاتي، إذا لكَبَا زَنْدِي |
وَمَا عَارَضَتْني كُدْيةٌ، دونَ مَدْحِهم، | فكَيفَ أرَاني دونَ معرُوفهمْ أُكْدِي |
أأضرِبُ أكْبَادَ المَطَايَا إلَيْهِمِ، | مُطَالَبَةً منّي، وَحَاجاتُهمْ عندِي |
أبَى ذاكَ أنّي زَاهدٌ في نَوَالِ مَنْ | أرَاهُ لنَقصِ الرّأيِ يزْهدُ في حَمدِي |
لأفحش تقصير الغني عن العلا | كما يفحش الإقطار بالحازم الجلد |
رَحيلَ اشْتِيَاقٍ مُبْرِحٍ وَصَبَابَةٍ، | إلى قرْيَةِ النّعمانِ، والسّيّدِ الفَرْدِ |
إلى سابقٍ لا يَعلَقُ القَوْمُ شَأوَهُ | بسَعْيٍ، وَلاَ يُهْدَونَ منهُ إلى قَصْدِ |
إلى أبيَضِ الأخلاقِ، ما مَرّ أبْيَضٌ | منَ الدّهْرِ إلاّ عن جَدى منهُ أوْ رِفْدِ |
جَديرٌ، إذا ما زُرْتَهُ عَنْ جَنَابَةٍ، | وإنْ طَالَ عَهدٌ أنْ يكونَ على العَهْدِ |
وَإنْ أنا أهدَيتُ القَرِيضَ مُجَازِياً، | فلَنْ يوكَسَ المُهدى إلَيهِ ولا المُهدي |
مُزَايَدَةٌ منّي وَمنْهُ، وَكُلُّنَا | إلى أمَدٍ وَافَى النّصِيبَ من البُعْدِ |
تَشَذّبَ مَنْ يُعْطي الرّغَائبَ دونَهُ، | وَبَانَ بهِ مَا بَانَ بالكَوْكَبِ السّعْدِ |
فَمنْ أينَ جئنا جَمّةً من عَطائِهِ، | وَرَدْنا وَسَيْرُ العِيسِ خِمس إلى الوِرْدِ |
يَغُضُّ عَنِ المَرْفُوعِ منْ دَرَجَاتِهِ، | وإنْ زِيدَ في سُلطانِ ذي تُدْرَإ نَجْدِ |
وَيُخشَى شَذاهُ، وَهوَ غَيرُ مُسَلَّطٍ، | وَقَد يُتَوَقّى السّيفُ والسّيفُ في الغِمدِ |
إذا قارَعُوهُ عَن عُلا الأمرِ قارَعُوا | صَليبَ الصَّفَا من دونها خَشِنَ الحَدّ |
ثَوَابَةُ، أوْ مَهْرَانُ يَقْتَضِيَانهِ الـ | ـسّمُوَّ اقتضَاءَ الوَعدِ من مُنجِزِ الوَعدِ |
وَلَلسّيفُ ذو الحَدّينِ أجنى على العِدى، | وأبأَسُ في الجُلّي من السّيفِ ذي الحَدّ |
مُعَوَّلُ آمَالٍ، يَرُحْنَ نَسيئَةً، | وَيُصْبحُ مُنْسَوْها مُلَيَّينَ بالنّقْدِ |
وَقَدْ دَفَعوا بُخلَ الزّمانِ بجُودِهِ، | وَلاَ طبّ حتّى يُدفَعَ الضّدُّ بالضّدّ |
مُقيمينَ في نُعْمَاهُ لا يَبرَحُونَها، | فَواقاً وَلَوْ بَاتَ المَطيُّ بهمْ يَخْدِي |
يَفُوتُ احتفَالَ القَوْمِ أوّلُ عَفوِهِ، | وَقد بَلَغُوا، أوْ جَاوَزُوا آخرَ الجُهْدِ |
مُخَفَّضَةٌ أقدَارُهُمْ، دونَ قَدْرِهِ، | كما انخَفَضَتْ سُفلى تِهَامَةَ عن نَجدِ |
فكَمْ سَبَطٍ منهُمْ، إذا اختَبَرَ امرُؤ | عُلالَتَهُ، ألْفَاهُ ذا خُلُقٍ جَعْدِ |
وَوَاجِدِ ملك أعوَزَتْهُ سَجيّةٌ، | تُسَلّطُهُ يَوْماً عَلى ذلكَ الوَجْدِ |
فعُسرُكَ لا مَيْسُورُ نُكدٍ أشَائمٍ، | وَهُونُكَ لا مَرْفُوعُ أحمِرَةٍ قُفْدِ |
لقَدْ كنتُ أستَعدي إلى الدّهرِ مَرّةً، | فجئتُكَ من عَتبٍ على الدّهرِ أستعدي |
وَما كنتُ إذْ أنْحَى عَليّ بلاجيءٍ | إلى فئَةٍ منْهُ، سَوَاكَ، وَلاَ رَدّ |
تَمُرُّ بأعْلَى جَرْجَرَايَاءَ صُحبَتي | وَقد عَلموا ما جَرْجَرَايَاءُ من عمدي |
وَلاَ قِصْرَ بي عن ضَامنٍ، مُتَكَفِّلٍ | بَوَائقَ ما يَطوِي الزّمانُ، وما يُبدي |
فأشْهَدُ أنّي في اختِيَاركَ دونَهُمْ | مُؤدًّى إلى حَظّي، وَمُتّبِعٌ رُشْدي |
وأعْلَمُ أنّ السُّبْلَ مَا فَجَأتْكُمُ، | بزَوْرٍ منَ الأقْوَامِ، مثلي، وَلا وَفْدٍ |