أحاجيك هل للحب كالدار تجمع
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أُحاجِيكَ، هل للحُبّ كالدّارِ تَجمعُ، | وَللهَائِمِ الظّمْآنِ كالسَماءِِ يَنقَعُ |
وَهَلْ شَيّعَ الأظعانَ، بَغتاً فراقُهمْ، | كمُنهَلَةٍ تَدمَى جوًى، حينَ تدمَعُ |
أمَا رَاعَكَ الحَيُّ الحِلالُ بهَجْرِهِمْ، | وَهُمْ لَكَ غَدْواً، بالتّفَرّقِ، أرْوَعُ |
بلى، وَخَيَالٍ مِنْ قَتَيلَةَ، كُلّمَا | تأوّهْتُ مِنْ وَجْدٍ، تَعَرّضَ يُطمِعُ |
إذا زَوْرَةٌ مِنْهُ تَقَضّتْ معَ الكَرَى، | تَنَبّهْتُ مِنْ فَقْدٍ لَهُ أتَفَزّعُ |
تَرَى مُقْلَتي ما لا تَرَى في لِقَائِهِ، | وَتَسْمَعُ أُذْني رَجْعَ ما لَيْسَ تَسمَعُ |
وَيَكفيكَ مِنْ حَقٍّ تَخَيُّلُ بَاطِلٍ | تُرَدُّ بِهِ نَفْسُ اللّهِيفِ، فَتَرْجِعُ |
أعَنْ واجِبٍ ألاّ يُسامِحَ جانِبٌ | مِنَ العَيشِ، إلاّ جانِبٌ يَتَمَنّعُ |
وَرَيْعُ الشّبَابِ آضَ نَهباً مُفَرَّقاً، | وَكَانَ قَديماً وَهْوَ غُنْمٌ مُجَمَّعُ |
أُسِفُّ، إذا أسْفَفْتُ أدْنُو لمَطْلَبٍ | خَفٍ، وأرَاني مُثرِياً حينَ أقْنَعُ |
نَصِيبُكَ في الأُكْرُومَتَيْنِ، فإنّمَا | يَسُودُ الفتى من حَيثُ يَسخو وَيَشجُعُ |
يَقِلُّ غَنَاءَ القَوْسِ، نَبْعُ نِجارِها، | وَساعِدُ مَنْ يَرْمي عن القوسِ خَرْوَعُ |
فَلاَ تُغْلِيَنْ بالسّيفِ كُلَّ غَلائِهِ، | ليَمضي، فإنّ القَلْبَ لا السّيفُ يَقطعُ |
إذا شئتَ حازَ الحَظَّ دونَكَ وَاهِنٌ، | وَنَازَعَكَ الأقْسامَ عَبدٌ مُجَدَّعُ |
وَمَا كَانَ ما أسْدَى إليّ ابنُ يَلْبَخٍ | سوَى حُمَةٍ من عَارِضِ السّمّ تُنْزَعُ |
أجِدَّكَ، ما المَكْرُوهُ إلا ارتِقَابُهُ، | وأبْرَحُ مِمّا حَلّ مَا يُتَوَقّعُ |
وَقد تَتَنَاهَى الأُسدُ من دونِ صَيدِها، | شِبَاعاً، وَتَغشَى صَيدَها، وَهيَ جوّعُ |
إذا اعتَرَضَ الخابُورُ، دُونَ جِيادِنا، | رِعالاً، فخَدُّ ابنِ اللّئيمَةِ أُضرِعُ |
وَفي سَرَعانِ الخَيْلِ يُمْنٌ، وزَارَتي | أَبيٌّ يُحامي عَنْ حَرِيمي، وَيَدْفَعُ |
نُصَارِعُ عَنّا الحادثاتِ، إذا عَرَتْ | بِهِ، وَهوَ مشغولُ الذّراعِ، فنَصرَعُ |
بمُنْخَفِضٍ عَنْ قَدْرِهِ، وَهوَ يَعْتلي، | وَمُنْخَدِعٍ عَنْ حَظّهِ، وَهوَ يخدَعُ |
إذا النّفَرُ الجَانُونَ لاذُوا بعَفْوِهِ، | تَغَمّدَ مُغْشِيَّ الفِنَاءِ مُوَسَّعُ |
لَهُمْ عادَةٌ مِنْ عَفْوِهِ، وَعَلَيْهِمِ | جَرَائِرُ جابَوْا أمسِ فيها، وَضَيّعُوا |
وَمَا ظَفرتْ مِنهُمْ خُرَاسان ُبالَّتِي | أَقامَتْ إِليْهَا بُرهَةً تتَطلَّع |
يُحيطُ بأقصَى ما يُخَافُ، وَيُرْتَجَى | تَظَنّيهِمُ، أيَّ الأصَانيعِ يَصْنَعُ |
بِجدِّ العُلا أَنَّ العَلاَءَ بْن صاعِدٍ | عَلا صَاعِداً يقْصُو مَدَها ويفْرَعُ |
رَعى المُلكَ مِنْ أَقْطَارهِ ،ومُغَلَّّسٌ | عَلى المُلكِ مَنْ وفدَاهُ كِسرىوتُبَّعُ |
تَجَهُّمُهُ رَوْعُ القُلوبِ، وَبِشرُهُ | بَرِيدٌ يبُشرَى ما يُنَوِّلُ مُسْرِعُ |
خَليلٌ، أتَاني نَفْعُهُ عِنْد حَاجَتي | إلَيْهِ، وَمَا كُلُّ الأخِلاّءِ يَنْفَعُ |
يُشَفّعُني فيمَا يَعِزُّ وَجُودُهُ، | وَيَمْهَدُ لي عِنْدَ الرّجَالِ، فيَشفَعُ |
سَرَى الغَيثُ يَرْوِي عَزْرُهُ حِينَ يَنبَرِي، | وَتَتْبَعُهُ أكْلاؤهُ حينَ يُقْلِعُ |
عَدَتْكَ أبا عِيسَى الخُطُوبُ وَلاَ يَزَلْ | يُؤاتِيكَ إقْبَالٌ مِنَ الدّهْرِ، طَيّعُ |
زَرَعْتُ الرّجاءَ في ذُرَاكَ مُبَكِّراً، | وَجُلُّ حِصَادِ المَرْءِ من حَيثُ يَزْرَعُ |
وقد زَاحمتْ حظّي الحظوظُ وأجلَبتْ | طَوَارِقُ، منها صادِرَاتٌ وَشُرَّعُ |
فَما ضَيّعَ التّبذيرُ حَقّي، | وَلَمْ يَزَلْ،إلى جانبِ التّبديرِ، حَقٌّ مُضَيَّعُ |
وَلَوْلا نَوَالٌ مِنْكَ قَيّدَ عَزْمَتي، | لَكَانَ بأبرُجَرْدَ خِرْقٌ سَمَيْذَعُ |
وَلانْقَلَبَتْ نَحوَ العِرَاقِ، مُغِذّةً | حَمُولَةُ رِفْدٍ مِنْ حَمُولَةَ تُوضِعُ |
كأنّ رُكامَ الثّلجِ، تحتَ صُدورِها، | جِبالُ زَرُودٍ، كُثْبُهَا تَتَرَيّعُ |
قَباطٍ، يَؤودُ اللّيلَ تَحوِيلُ لَوْنِهَا، | وَقَد لاحَها صِبعُ مِنَ اللَّيْلِ مُشبَعُ |
كأنّ بَيَاضَ السِّنّ، سِنِّ سمَِيرَةٍ، | صَبيرٌ يُعَلّى في السّمَاءِ، وَيُرْفَعُ |
تَرقى النَّجومَ مَوهِنا مِن وَرائها | طَلاَئِحُ قَدْ كادت من الوَاني تطْلعُ |
كَأنّ الثُّرَيّا سَابِحٌ مُتَكَبِّدٌ | لِجَرْيَةِ مَاءٍ، يَستقِلُّ وَيَرْجِعُ |
إذا ما أهَابَتْ عَنْ تَزَاوُرِ جانِبٍ | بعَيّوقِهَا، مَزْهُوَّةً، جاءَ يَهرَعُ |
تَأيّا مَعَ الإمْسَاءِ، تَتْبَعُ ضَوْءَهُ، | وَتَسْبُقُهُ، فَوْتَ الصّبَاحِ، فيَتبَعُ |
كأنّ سُهَيْلاً شَخصُ ظَمآنَ جانحٍ | مَعَ الأُفْقِ فِي نَهْيٍ من الأرْضِ يَكرَعُ |
إذا الفَجْرُ، والظّلمَاءُ حِزْبَا تبَايُنٍ، | يُخَرِّقُ مِنْ جِلْبابِهَا ما تُرَقِّعُ |
أصِحُّ فلا أُمني بشَكوٍ منَ الهَوَى، | وأصْحُو، فلاَ أصْبُو، وَلا أتَوَلّعُ |
فَتَذْهَبُ أيّامي التي تَسْتَفِزُّني | بِطالاتُها، إنّي إلى الله أرْجِعُ |
أثَائِبُ حِلْمٍ أمْ أُفُولُ شَبيبَةٍ | خَلَتْ وَأتَى من دونِها الشّيبُ أجمَعُ |
وَما خَيْرُ يَوْمَيّ الذي أزِعُ الصِّبَى | لَهُ، وأُحَلّي بالنّهَى، وأُمَتِّعُ |