أما الشباب فقد سبقت بغضه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أمّا الشّبَابُ فَقَدْ سُبِقْتَ بغَضّهِ، | وَحَطَطْتَ رَحلَكَ مُسرِعاً عَن نَقضِهِ |
وأفَاقَ مُشْتَاقٌ، وأقْصَرَ عاذِلٌ | أرْضاهُ فيكَ الشّيبُ، إذْ لمْ تُرْضِهِ |
شَعْرٌ صَحِبْتُ الدّهْرَ، حتّى جازَ بي | مُسْوَدُّهُ الأقْصَى إلى مُبَيِّضهِ |
فَعَلَى الصِّبَا الآنَ السّلامُ، وَلَوْعَةٌ | تَثْني عَلَيْهِ الدّمْعَ في مُرْفَضّهِ |
وَلْيَقْنَ تُفّاحُ الخُدودِ، فلَستُ من | تَقبيلِهِ غَزِلاً، وَلاَ مِنْ عَضّهِ |
وَمُكايِدٍ لِي بالمَغِيبِ رَمَيْتُهُ | بِصَرِيمَةٍ، كالنّجْمِ في مُنْقَضّهِ |
فَرَدَدْتُ ظُلْمَةَ يَوْمِهِ في أمْسِهِ، | وأرَيْتُهُ إبْرَامَهُ في نَقْضِهِ |
أمضَيْتُ ما أمضَيتُ فيهِ، وَلَوْ ثَنَى | بإشارَةٍ، أمْضَيْتُ ما لمْ أُمْضِهِ |
وَعِتَابِ خِلٍّ قد سَمعتُ، فلَمْ أكنْ | جَلْدَ الضّميرِ على استِمَاعِ مُمِضّهِ |
هذا أبُو الفَضْلِ الذي صَرْحُ النّدَى، | في رَاحَتَيْهِ، مَشوبُهُ عَنْ مَحْضِهِ |
لمْ نَخْتَدِعْ بِجَهَامِهِ عَنْ غَيمِهِ | يَوْماً، وَلَمْ نَرَ خُلّباً مِنْ وَمْضِهِ |
طافَ الوُشاةُ بهِ، فأحدَثَ ظُلْمَةً | في جَوّهِ، وَوُعُورَةً في أرْضِهِ |
غَضْبانُ حُمّلَ إحنَةً، لوْ حُمّلَتْ | ثَبَجَ الصّباحِ، لَثَقّلتْ من نَهضِهِ |
مَهْلاً! فِذاكَ أخُوكَ ذو ألْهَيْتَهُ | عَنْ لَهْوِهِ، وَشَغَلْتَهُ عَنْ غُمضِهِ |
خَزْيَانُ أكبَرَ أنْ تَظُنّ خِيَانَةً | في بَسْطِهِ لصَدِيقِهِ، أو قَبْضِهِ |
ماذا تَوَهّمَ أنْ يَقُولَ، وَقَوْلُهُ | في نَفْسِهِ، وَلِسَانُهُ في عِرْضِهِ |
أنَبَوْتُ عَنْكَ بزَعْمِهِمْ؟ وَمَتى نَبا | في حَالَةٍ بَعضُ امرِىءٍ عَنْ بَعْضِهِ |
أنَصَلْتُ مِنْ عَوْدِ الحَيَاءِ وَبَدْئِهِ، | وَخَرَجْتُ من طُولِ الوَفَاءِ وَعَرْضِهِ |
"المَذْحِجيّةُ" بَيْنَنَا مَوْصُولَةٌ | بِنَوافِلِ الأدَبِ الأصِيلِ وَفَرْضِهِ |
وَتَرَدّدٌ للكَأسِ أحْدَثَ حُرُمَةً | أُخْرَى، وَحَقّاً ثالِثاً لمْ نَقْضِهِ |