أإبراهيم دعوة مستعيد
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أإبْرَاهِيمُ! دِعْوَةَ مُسْتَعِيدِ | لرَأيٍ مِنكَ مَحْمُودٍ، فَقِيدِ |
تَجَلّى بِشْرُكَ الأمسِيُّ عَنّي، | تَجَلّي جانِبِ الظّلّ المَديدِ |
وأظْلَمَ بَيْنَنَا ما كَانَ أضْوَا | عَلى اللّحَظاتِ مِنْ فَلَقِ العَمُودِ |
وَفي عَيْنَيكَ تَرْجَمَةٌ أرَاهَا | تَدُلُّ عَلى الضّغَائِنِ، والحُقودِ |
وأخْلاقٌ، عَهِدتُ اللّينَ مِنْهَا، | غَدَتْ وَكأنّها زُبَرُ الحَديدِ |
أميلُ إلَيكَ عَنْ وِدٍّ قَرِيبٍ، | فتُبْعِدُني عَلى النّسّبِ البَعيدِ |
وَمَا ذَنْبي بأنْ كانَ ابنُ عَمّي | سواكَ، وكانَ عُودُكَ غيرَ عُودي |
لئن بعدت عراقك عن شآمي | كما بعدت جدودك عن جدودي |
فلَمْ تَكُ نيّتي عَنْكَ اخْتِياراً، | وَكَانَ الله أوْلَى بالعَبِيدِ |
وَيَصْنَعُ في مُعَانَدَتي لِقَوْمٍ، | وَبَعضُ الصّنعِ مِنْ سَبَبٍ بَعِيدِ |
أمَا استَحْيَيْتَ مِنْ مِدَحٍ سَوَارٍ | بوَصْفِكَ، في التّهَائمِ والنُّجُودِ |
تَوَدُّ بأنّهَا لَكَ فيّ عُجْباً، | بجَوْهَرِها المُفَضَّلِ في النّشيدِ |
بَنَتْ لَكَ مَعقِلاً في الشّعرِ ثَبتاً، | وأبْقَتْ مِنكَ ذِكْراً في القَصِيدِ |
وَتَبْدَهُني إذا ما الكأسُ دارَتْ | بنَزْقاتٍ تَجيءُ عَلى البَرِيدِ |
عَرَابِدُ يُطْرِقُ الجُلَسَاءُ مِنْهَا | عَليّ كأنّها حَطَبُ الوَقُودِ |
وَمُعْتَرِضِينَ إنْ عَظُّمْتُ أمْراً | بِهِمْ، شَهِدُوا عَليّ وَهُمْ شُهُودي |
وَمَا لي قُوّةٌ تَنْهَاكَ عَنّي، | وَلاَ آوِي إلى رُكْنٍ شَديدِ |
سِوَى شُعَلٍ يَخَافُ الحُرُّ مِنْهَا | لَهِيباً، غَيرَ مَرْجُوّ الخُمُودِ |
وَلَوْ أنّي أشَاءُ، وأنْتَ تُرْبي، | عَليّ، لَثُرْتُ ثَوْرَةَ مُسْتَقِيدِ |
ظَلَمْتَ أخاً لَوِ التَمَسَ انتِصاراً | غَزَاكَ مِنَ القَوَافي في جُنُودِ |
نُجُومُ خَلاَئِقٍ طَلَعَتْ جَميعاً، | فَجَاءَتْ بالنّحُوسِ وبالسّعُودِ |
وَقَدْ عَاقَدْتَني بخِلافِ هذا، | وَقَالَ الله: أوْفُو بِالعُقُودِ |
أتُوبُ إلَيْكَ مِنْ ثِقَةٍ بخِلٍّ، | طَرِيفٍ في الأُخُوّةِ، أوْ تَلِيدِ |
وأشْكُرُ نِعْمَةً لَكَ باطّلاعِي | عَلى أنّ الوَفَاءَ اليَوْمَ مُودِ |
سأرْحَلُ عاتِباً، وَيَكُونُ عَتبي | عَلى غَيرِ التّهَدّدِ، والوَعيدِ |
وأحفَظُ منكَ ما ضَيّعتَ منّي، | على رُغْمِ المُكاشِحِ والحَسُودِ |
رأيتُ الحَزْمَ في صَدَرٍ سَرِيعٍ، | إذا استَوْبأتُ عاقِبَةَ الورودِ |
وكنتُ إذا الصّديقُ رَأى وِصَالي | متاجَرَةً، رَجَعت إلى الصدود |
سَلامٌ كُلّما قيلَتْ سَلامٌ | عَلى سَعدِ العُفَاةِ أبي سَعيدِ |
فتىً جَعَلَ التّعَصّبَ للمَعَالي | وَوَجّهَ وِدَّةُ نَحْوَ الوَدُودِ |
وخَلّدَ مَجْدَهُ بَينَ القَوَافي | وبَعْضُ الشّعْرِ أملَى بالخُلُودِ |
كَذَلِكَ لاحَ في أقْصَى ظُنُوني، | فَلَمْ ألْحَظْهُ لِحْظَةَ مُسْتَزِيدِ |
وَكَيْفَ يَكُونُ ذاكَ، وَكلَّ يَوْمٍ | يُقَابِلُني بِمَعْرُوفٍ جَدِيدِ |