نَيْلُ المطالب بالهندية البتْرِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نَيْلُ المطالب بالهندية البتْرِ | لا بالأمانيّ والتأميل للقدَرِ |
فإنْ عَفَا طَلَلٌ أو باد ساكِنُهُ | فلا تَقِفْ فيه بين البَثِّ والفِكَرِ |
في شَمِّكَ المسكَ شغلٌ عن مذاقتهِ | وفي سنا الشمس ما يُغني عن القَمَرِ |
لوْ لم أكُنْ مشبهاً للنّاس في خُلُقي | لَقُلْتُ إِنّيَ من جيلٍ سوى البَشَرِ |
أَولم يكن ماء علمي قاهراً فكري | لأحْرقتني في نيرانِها فِكَري |
تزيدُني قسوة ُ الأيَّام طيبَ ثناً | كأنني المِسكُ بين الفِهْرِ والحجرِ |
ألفتُ من حادثات الدهر أكبرها | فما أعوج على أطفالها الأُخَرِ |
لا شيء أعجبُ عندي في تباينِهِ | إذا تأمَّلتُهُ من هذه الصُّورِ |
أرى ثياباً وفي أثنائها بقرٌ | بلا قُرُونٍ وذا عَيْبٌ على البَقَرِ |
قالت: رَقَدْتَ! فقلت: الهمُّ أَرقدني | والهمُّ يمنع أَحياناً من السَّهَرِ |
كم قد وَقَعْتُ وُقُوعَ الطَّيْرَ في شرَكٍ | فضعْضَعَتْ مُنَّتي منه قوى المِرَرِ |
أصفو وأكدر أحياناً لمختبري | وليس مستحسناً صَفْوٌ بلا كَدَرِ |
إِنّي لأَسْيَرُ في الآفاق من مَثَلٍ | سارٍ وأَملأُ للأَبصار مِنْ قَمَرِ |
إذا تشكَّكْتَ فيما أنت مبصرُهُ | فلا تَقُلْ إِنّني في النّاس ذُو بَصَرِ |
وكيف يفرحُ إِنسانٌ بغرّته | إذا نضاها فلم تصدقْهُ في النّظرِ |
لَقَدْ فَرِحْتُ بما عاينتُ من عدم | خوف القبيحين من كبر ومن بَطَرِ |
وربما ابتهج الأعمى بحالتِهِ | لأنَّهُ قد نجا من طيرَة ِ العوَرِ |
ولستُ أَبكي لشيبٍ قد مُنيتُ به | يبكي على الشيب من يأْسي على العُمُرِ |
كن من صديقك لا من غيره حَذِراً | إنْ كان ينجيكَ منه شدَّة الحذَرِ |
ما اطمَئِنُّ إلى خَلْقٍ فأخبرهُ | إلاَّ تكشَّفَ لي عن لؤم مُخْتَبَرِ |
وقد نظرتُ إلى الدُّنْيا بمُقْلَتها | فاسْتَصْغَرَتْها جفوني غاية الصّغَرِ |
وما شَكَرْتُ زماني وَهْوَ يَصْعَدُ بي | فكيفَ أشكُرُه في حَالِ مُنْحَدري |
لا عار يلحقني أني بلا نَشَبٍ | وأيّ عار على عَيْنٍ بلا حَوَرِ |
فإن بلغْتُ الذي أهوى فعَنْ قَدَرٍ | وإِنْ حُرِمْتُ الذي أَهوى فَعَنْ عُذُرِ |