أقصر فإن الدهر ليس بمقصر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أقصِرْ، فإنّ الدّهرَ ليسَ بمُقْصِرِ | حتّى يَلِفّ مُقَدَّماً بِمُؤخَّرِ |
أوْدَى بِلُقْمانَ بنِ عَادٍ، بَعدَما | أوْدَتْ شَبيبتَهُ بسَبْعَةِ أنْسُرِ |
وَتَنَاوَلَ الضّحّاكَ مِنْ خَلْفِ القَنَا، | وَالمَشْرَفيّةِ، وَالعَديدِ الأكثَرِ |
وَجَذيمَةُ الوَضّاحُ عَطّلَ تَاجَهُ | مِنْهُ، وَأتْبَعَ تُبّعاً بالمُنْذِرِ |
وَإذا ذكِرْتَ بَني عُبَيْدٍ عَبّدوا | حُرّ الدّموعِ للَوْعَةِ المُتَذَكِّرِ |
أكَلَتهُمُ نوَب الزّمَانِ، وَفَلّلَتْ | مِنْ حَدّ شَوْكَتِهمْ صرُوفُ الأدهُرِ |
مِنْ بَعدِ مَا كانُوا كواكبَ طَيِّءٍ | عَدَداً، غَدَوْا، وَهمُ أهلّةُ بُحتُرِ |
قَلّوا، وَمَا قَلّتْ صَوَاعقُ نَارِهِمْ، | دَفْعاً بصَحْراءِ العَدوّ المُصْحِرِ |
وَأرَى الضّغائِنَ لَيسَ تَخبو مِنهُمُ | في مَعشرٍ، إلاّ ذَكَتْ في مَعْشَرِ |
مَهْلاً بني شَمْلالَ، إنّ وُروُدكُمْ | حَوْضَ التّقاطعِ غَيرُ سَهلِ المَصْدرِ |
ما بَالُكُمْ تَتَقاذَفُونَ بأعْيُنٍ، | في لحظِها جَمْرُ الغَضَا المُتَسَعِّرِ |
تَتَجاذَبُونَ المَجدَ جَذبَ تَعَجرُفٍ، | وَتَعَجْرُفُ الأمْجادِ بَعضُ المُنكَرِ |
إنّ التّنَازُعَ في الرّئَاسَة زَلّةٌ | لا تُسْتَقالُ، ودعوّةٌ لمْ تُنْصَرِ |
أفْنَى أوَائلَ جُرْهُمٍ إفْرَاطُهُمْ | فيهِ، وَأسرَعَ في مَقاوِلِ حِمْيَرِ |
فتَحاجَزُوا مِنْ قَبلِ أنْ تَتَحاجزُوا | عَنْ مَنْهَلٍ صَافٍ، وَرَبْعٍ مُقْفِرِ |
حتى تَكَسّرَ أعْظُمٌ في جَابِرٍ، | وَهْناً، وَتَسْهَرَ أعْيُنٌ في مُسْهِرِ |
وَتَذكّرُوا حرْبَ الفَسادِ، وَما مَرَتْ | للأبْرَهينَ مِنَ الأُجَاجِ الأكْدَرِ |
نَقَلا جَديلَةَ عَنْ فَضاءٍ وَاسعٍ، | وَحَدائِقٍ غُلْبٍ، وَرَوْضٍ أخضَرِ |
وَمِنَ العَجائِبِ أنّ غِلّ صُدورِكُمْ | لمْ يُطْفَ للحَدَثِ الجَليلِ الأكْبَرِ |
لمُصِيبَةٍ بأبي عَبيدٍ أرْدَفتْ | بِأبي حَمِيدٍ بَعْدَهُ وَمُبَشِّرِ |
وَلَوَ انّهُمْ مِن هَضّبِ أعفرَ ثَلّموا | لَتَتابَعَتْ، قِطعاً، ذَوَائبُ أعفَرِ |
كانُوا ثَلاثَةَ أبحُرٍ أفْضَى بِهَا | وَلَعُ المَنُونِ إلى ثَلاثَةِ أقْبُرِ |
وَأرَى شَميلاً للفَنَاءِ وَبَارعاً | يَتَأوّدانِ، وَمَنْ يُعَمَّرْ يَكْبَرِ |
رَكِبَا القَنَا، مِنْ بَعدِ ما حَمَلا القنا | في عَسْكَرٍ مُتَحَامِلٍ في عَسْكَرِ |
شَيْخانِ، قدْ ثَقُلَ السّلاحُ علَيهما، | وَعَداهُمَا رَأيُ السّميعِ المُبصِرِ |
لا يُدْعَيَانِ إلى اخْتِتَالِ مُقَاتِلٍ، | يَوْمَ اللّقَاءِ، وَلا احْتِيالِ مُدَبِّرِ |
مِنْ غائِبٍ عَمّا عَناكُمْ لمْ يَغِبْ، | دَرَكَ العُيونِ، وَحاضرٍ لم يَحضُرِ |
أوَ مَا تَرَوْنَ الشّامِتِينَ أمَامَكُمْ، | وَرَاءَكُمْ، مِنْ مُضْمِرٍ أوْ مُظهِرِ |
عَن غَيرِ ذَنْبٍ جِئتُمُوهُ سوَى عُلا | زُهْرٍ، لجَدّكُمْ الأغَرِّ، الأزْهَرِ |
وَكأنّما شرَفُ الشّرِيفِ، إذا انتَمَى، | جُرْمٌ جَنَاهُ عَلى الوَضِيعِ الأصْغَرِ |