أبر على الألواء نائلك الغمر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أبَرَّ عَلى الألْوَاءِ نَائِلُكَ الغَمْرُ، | وَبِنْتَ بفَخْرٍ مَا يُشاكِلُهُ فَخْرُ |
وَأنْتَ أمِينُ الله في المَوْضِعِ الّذِي | أبَى الله أنْ يَسمو، إلى قَدرِهِ، قَدْرُ |
تحَسّنَتِ الدّنْيَا بعَدْلِكَ، فاغتدَتْ | وَآفَاقُها بِيضٌ، وَأكنافُها خُضْرُ |
هَنيئاً لأهْلِ الشّامِ، إنّكَ سَائِرٌ | إلَيْهِمْ مَسيرَ القَطْرِ، يَتبَعُهُ القَطْرُ |
تَفيضُ كمَا فاضَ الغَمامُ عَلَيْهِمِ، | وَتَطلُعُ فيهِمْ مثلَما يَطْلُعُ البَدْرُ |
وَلَنْ يَعدَمُوا حَسناً، إذا كنتَ فيهمِ، | وَكانَ لَهُمْ جادينِ: جُودُكَ وَالبحرُ |
مضَى الشّهرُ مَحمُوداً، ولوْ قال مخبراً | لأثنى، بما أوْلَيتَ أيّامَهُ، الشّهْرُ |
عُصِمْتَ بتَقوَى الله وَالوَرَعِ الّذي | أتَيتَ، فَلا لَغوٌ لديك وَلا هُجْرُ |
وَقَدّمتَ سَعياً صَالحاً لكَ ذِخْرُهُ، | وَكلُّ الذي قدّمتَ من صَالحٍ ذُخْرُ |
وَحالَ عَليكَ الحَوْلُ بالفِطْرِ مُقبِلاً، | فبِالْيُمْنِ وَالإيمانِ قابَلَكَ الفِطْرُ |
لَعَمرِي لقَد زُرْتَ المُصَلّى بجحفلٍ، | يُرَفْرِفُ في أثْناءِ رَاياتِهِ النّصْرُ |
جِبَالُ حَديدٍ تحتَها الناسُ في الوَغى، | وَفيها الضّرَابُ الهَبرُ وَالعَدَدُ الدَّثْرُ |
وَسِرْتَ بمُلْكٍ قَاهِرٍ وَخِلافَةٍ، | وَما بكَ زَهْوٌ، بَينَ ذَينِ، وَلا كِبرُ |
عَلَيْكَ ثِيابُ المُصْطَفَى وَوَقَارُهُ، | وَأنتَ بهِ أوْلى إذا حَصْحَصَ الأمْرُ |
عِمَامَتُهُ، وَسَيْفُهُ، وَرِداؤهُ، | وَسيماهُ، وَالهَدْيُ المُشاكلُ، وَالنَّجرُ |
ولَمّا صَعِدْتَ المِنبَرَ اهتَزّ وَاكتَسَى | ضِيَاءً، وَإشرَاقاً، كما سطَعَ الفَجرُ |
فَقُمْتَ مَقَاماً يَعْلَمُ الله أنّهُ | مَقَامُ إمَامٍ، تَرْكُ طَاعَتِهِ كُفْرُ |
وَذَكّرْتَنَا، حَتّى ألَنْتَ قُلُوبَنَا، | بمَوْعِظَةٍ فَصْلٍ، يَلينُ لهَا الصّخرُ |
بهَرْتَ عقُول السّامعينَ بخِطْبَةٍ، | هيَ الزّهَرُ المَبثوثُ وَاللّؤلؤُ النّثْرُ |
فَمَا تَرَكَ المَنْصُورُ نَصرَكَ عِندَها، | وَلا خانَكَ السَّجّادُ فيها وَلا الحَبرُ |
جُزِيتَ جَزَاءَ المُحسِنينَ عنِ الهُدَى، | وَتَمّتْ لَكَ النُّعمَى، وَطالَ لك العمرُ |
إرَادَتُنا أنْ تُكمِلَ العَيشَ سالماً، | وَتَبقَى عَلى الأيّامِ ما بَقيَ الدّهْرُ |
عَلى الله إتْمَامُ المُنَى فيكَ كلِّهَا، | لَنَا، وَعَلَيْنَا الحَمدُ لله وَالشّكرُ |