هم ألى رائحون أو غادونا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هُمُ أُلَى رائِحُونَ، أو غَادُونَا | عن فرَاقٍ، تُُمسُونَ، أوْ مُصْبِحُونَا |
فَعَلى العِيسِ في البُرَى تَتَبارَى | عَبرَةٌ أمْ عَلى المَهَا في البُرِينا |
ما أرَى البَينَ مُخلِياً، مِنْ وَداعٍ، | أنْفُسَ العاشقينَ، حتّى تَبِينَا |
مِنْ وَرَاءِ السُّجُوف-ِ كُثبانُ رَمْلٍ، | تَتَثَنّى أفْنَانُهُنّ فُنُونَا |
وَبِوِدّ القُلُوبِ، يَوْمَ استَقَلّتْ | ظُعُنُ الحَيّ، لَوْ تكونُ عُيُونا |
مَنزِلٌ هَاجَ لِي الصّبَابَةَ، والشَّـ | ــيْبُ قَرِيني فيهِ، فَسَاءَ قَرِينَا |
يَوْمَ كانَ المُقَامُ في الدّارِ شَكّاً | يَبعَثُ الحُزْنَ، والرّحِيلُ يَقينَا |
إنّ تِلكَ الطّلُولَ مِنْ وَهَبينَا | أحزَنَتْ خَالِياً، وَزَادَتْ حَزِينَا |
فاترُكَاني، فَما أُطيعُ عَذُولاً، | واخذُلاني، فَما أُرِيدُ مُعِينا |
شَرَفاً، يا رَبيعَةُ بنُ نِزَارٍ، | خَصّ قَوْماً، وَعَمَّكُمْ أجمَعِينَا |
غَدَرَ النّاسُ أوّلاً وأخِيراً، | وَكَرْمْتُمُ، فَكُنْتُمْ الوَافِينَا |
ما نَقَضْتُمْ عَهداً، وَلاَ خُنْتُمْ غَيْـ | ـباً، وَحَاشَا لمَجدِكُمْ أن يَخُونَا |
نحنُ في خِلّةِ الصّفَاءِ، وأنتُمْ | كاليَدَينِ اصْطَفَتْ شِمَالٌ يَمِينا |
ضَمّنَا الحِلْفُ، فاتّصَلْنَا دِياراً | في المَقَامَاتِ، والتَفَفْنَا غُصُونَا |
لمْ تُقَلَّبْ قُلُوبُنَا يَومَ هَيْجَا | ءَ، وَلَيْستْ أيدي سَبَا أيْدِينَا |
وأبيكُمْ لَقَدْ نَهَضْتُمْ عَبَاديـ | ـدَ بِنُعْمَى مُحَمّدٍ، وَثُبِينَا |
وَلَئِنْ أحْسَنَ ابنُ يُوسُفَ لله | يَرَاكُمْ، في حُبِّهِ، مُحسِنِينَا |
قَد شَكَرْتُمْ نُعماهُ بالأمسِ حتّى | لعُدِدْتُمْ، بشُكْرِهِ، مُنعِمِينَا |
وإذا ما مَوَاهبُ العُرْفِ لمْ تُقْـ | ـضَ بِحُرّ الثّنَاءِ، كانتْ دُيُونَا |
وأحَقُّ الإحسانِ أنْ يُصرَفَ الحَمْـ | ـدُ إلَيهِ، مَالَمْ يكُنْ مَمْنُونَا |
وأمّا لَوْ يَشاءُ يَوْمُ ابنِ عَمْرٍو | لأبَادَ العَمْرَينِ، والزّيْدِينَا |
سَارَ يَستَرْشِدُ النّجُومَ إلَيِهِمْ، | في سَوَادِ الظّلماءِ، حتّى طُفينا |
مَارِقاً منْ جَوَانِحَ اللّيلِ يَبغي | عُصْبَةً، من حُماتهم، مَارِقِينَا |
أذْكَرَتْهُمْ سِيمَاهُ سيما عَليٍّ، | إذْ غَدا أصْلَعاً عَلَيْهِمْ بَطِينَا |
آثَرَ العَفْوَ عَالِماً أنّ لله | تَعَالَى عَفْواً عَنِ العَافِينَا |
زِدْهُمُ، يا أبَا سَعيدٍ، فَما السُّؤْ | دُدُ إلاّ زِيَادَةُ الشّاكِرِينَا |
تِلْكَ ساعَاتَهُمْ مَعَ ابنِ حَمِيدٍ | طَالَ مِقْدَارُها، فعُدّتْ سِنِينا |
عَاقَرُوا المَوْتَ في جِفَافي ِ رِكَابَيْـ | ـهِ، وَقد نازَلُوا الأُلوفَ مِئِينَا |
يَرْجُفُ الحِلفُ في صُدُورِ قَنَاهُمْ، | وَتَحِنُّ الأرْحَامُ فيهِمْ حَنِينا |
أو َلَمْ تُنْبِهِمْ، بساحَةِ سِنجا | رَ، إلى آمِدٍ، إلى مَاردِينَا |
ألْسُنٌ تَنشُرُ الثَنَاءَ، وأكْبَا | دٌ تَثَنّى عَلَيْكَ عَطْفاً، وَلينَا |
بَلْ مَتَى العَقْدُ مِنْ لِوَائكَ والرَّقَّةُ | مَعْقُودَةٌ بِقِنَّسْرِينَا |
نِعمةٌ، إنْ يَجُدْ بهَا الله يَوْماً، | لا يَجِدْنا لشُكْرِها مُقْرَنِينا |
إنْ تَسَلْنَا تُخْبَرْ بخَيرِ أُنَاسٍ، | غَابَ عَنهُمْ مَحمودُ عَدلكَ حينَا |
قد ذَمَمْنا مِنْ دَهرِنا ما حَمِدنا، | وَسَخِطْنا مِنْ عَيشِنَا ما رَضِينا |
تَكرَهُ العاجزَ الضّعيفَ، إذا جَا | ءَ، وكنتَ القَوِيَّ فينا الأمِينا |
ثَبّتَ الله وَطْأةً لكَ، أمْسَتْ | جَبَلاً رَاسِياً على المُشرِكِينا |
رُبّما وَقْعَةٌ شَمَلْتَ بهَا الرّو | مَ فَبَاتُوا أذِلّةً، خَاضِعِينَا |
قَدْ أمِنّا أنْ يأمَنُوكَ عَلَى حَا | لٍ، وَلَوْ صَيّرُوا النّجُومَ حُصُونَا |
فَزّعُوا باسمِكَ الصّبيَّ، فعَادَتْ | حَرَكاتُ البُكاءِ منْهُ سُكُونَا |
وَتَوَافَتْ خَيْلاكَ من أرْضِ طَرْسُو | سَ، وَقاليقَلا، بأَرْدَنْدُونَا |
عابِساتٍ، يَحمِلنَ يَوْماً عَبوساً، | لأُنَاسٍ، عَنْ خَطْبِهِ، غافِلِينَا |
زُرْتَ بالدّارِعِينَ أَهْلَ البَقَلاّ | رِ، فأجلَوْا عَن صَاغِرِي صَاغِرِينا |
قَدْ طَوَاهُنّ طَيُّهُنّ الفَيَافي، | واكتَسَينَ الوَجيفَ حتّى عَرِينَا |
كَوُعُولِ الهِضَابِ رُحْنَ ومَا يَمْـ | ـلِكْنَ إلاّ صُمّ الرّماحِ قُرُونَا |
جُلْنَ في يَابِسِ التّرَابِ فَمَا رُمْـ | ـنَ طِعَاناً، حتّى وَطِئْنَ الطّينَا |
وَنَفِيرٍ إلى عقَرْقَسَ، أنْفَرْ | تَ، فكُنْتَ المُظَفَّرَ المَيْمُونَا |
إذْ مَلأتَ السّيُوفَ منهُمْ وَمِنّا، | وَغَمَسْتَ الرّمَاحَ فيهِمْ وَفِينَا |
ثمّ عَرّفْتَهُمْ جِبَاهَ رِجَالٍ | صَامِتِيّينَ في الوَغَى، مُصْمَتِينَا |
لمْ يَكُنْ قَلْبُكَ الرّقيقُ رَقيقاً، | لا وَلاَ وَجهُكَ المَصُونُ مَصُونَا |
ما أطاقُوا دَفْنَ الذي أظْهَرُوهُ، | كَبُرَ الحِقْدُ أنْ يَكُونَ دَفِينَا |
بَعض بَغضائكم، فلَيسَ مُفِيقاً، | أوْ يَرُدَّ الأدْيَانَ بالسّيفِ دينَا |
هَمُّهُ في غَدٍ بتَفْلِيقِ هَامٍ | في قُرَى العَازَرُونَ وَالمَازَرُونَا |
وَلَعَمْرِي مَا مَاءُ زَمْزَمَ أحْلَى | عِنْدَهُ مِنْ دَمٍ بِزَارِمّينَا |
يَجعَلُ البِيضَ، حينَ يأسُرُ، أغلا | لاً لأسرَاهُ، والمَنَايا سُجُونَا |
غَيرَ وَانٍ في طاعَةِ الله، حَتّى | يَطْمَئِنَّ الإسْلامُ في طِمّينَا |