أحبب إلي بطيف سعدى الآتي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أحْبِبْ إليّ بطَيْفِ سُعْدَى الآتي، | وَطُرُوقِهِ في أعْجَبِ الأوْقَاتِ |
أنّى اهْتَدَيْتَ لمُحْرِمِينَ تَصَوّبوا | لسُفُوحِ مكّةَ مِنْ رُبَى عَرَفاتِ |
ذَكّرْتَنَا عَهْدَ الشّآمِ، وَعَيْشَنَا | بَينَ القِنان السود، وَالهَضَبَاتِ |
إذْ أنْتَ شَكْلُ مخالف وَموافقٍ، | وَالدّهْرُ فيكَ مُمَانِعٌ وَمُؤاتِ |
لَوْلا مُكَاثَرَةُ الخُطُوبِ وَنَحْتُهَا | مِنْ جانبيّ، لَكُنْتَ مِنْ حاجاتي |
فيئي إليك فقد تخون أسرتي | حيف الردى وتحامل النكبات |
تِلْكَ المَنازِلُ ما تُمَتِّعُ وَاقِفاً | بزَها الشّخوصِ، وَلا وَغى الأصْوَاتِ |
أبَني عُبَيدٍ، شَدّ ما احترَقتْ لكُمْ | كَبِدي، وَفاضَتْ فيكُمُ عَبَرَاتي |
ألْقَى مكارِمَكُمْ شَجًى لي بَعدَكم، | وَأرَى سَوَابقَ مَجدِكُمْ حَسَراتي |
شَرَفٌ تَفَاقَدَ وَارِثُوهُ، فأصْبَحوا | أصْداءَ قَفْرٍ بالعَرَاءِ رفاتِ |
مِنْ بَعدِ ما بُنِيَتْ على جَبَلِ العُلا | أحْسابُهُمْ، وَجرَوْا إلى الغَايَاتِ |
كانُوا هُمُ ثَبَجَ الجَميعِ لِطَيِّءٍ | في أمْرِها، وَطَوَائِفَ الأشْتَاتِ |
لَنْ تُحْدِثَ الأيّامُ لي بَدَلاً بهِمْ، | أيْهاتِ مِنْ بَدَلٍ بهِمْ أيْهَاتِ |
ذاكي حريق اثقبت شهباته | في الجو مصعدة ومد فرات |
وَمُعَيّرِي بالدّهْرِ يَعلَمُ، في غَدٍ، | أنّ الحِصَادَ وَرَاءَ كُلّ نَبَاتِ |
أبُنَيّ! إنّي قَد نَضَوْتُ بَطالَتي، | فتَحَسّرَتْ، وَصَحوْتُ من سكَرَاتي |
نَظَرَتْ إليّ الأرْبَعونَ، فأصرَخَتْ | شَيبي، وَهَزّتْ للحُنُوّ قَنَاتي |
وَأرَى لِداتِ أبي تَتابَعَ كُثْرُهُمْ، | فمعضَوْا وَكَرّ الدّهْرُ نحوَ لِداتي |
وَمِنَ الأقارِبِ مَنْ يُسَرُّ بمِيتَتي | سَفَهاً، وَعِزُّ حَيَاتِهِمْ بِحَيَاتي |
إنْ أبقَ، أوْ أهْلِكْ، فقَد نِلتُ التي | مَلأتْ صُدورَ أقَارِبي، وَعُداتي |
وغَنّيْتُ نَدْمانَ الخَلائِفِ نَابِهاً | ذِكْري، وَنَاعِمَةً بهِمْ نَشَواتي |
وَشَفَعْتُ في الأمْرِ الجَليلِ إلَيهِمِ، | بَعْدَ الجَليلِ، فَأنجَحوا طَلِبَاتي |
وَصَنَعْتُ في العَربِ الصّنائعَ عندَهُمْ، | مِنْ رِفْدِ طُلاّبٍ، وَفَكِّ عُنَاةِ |
فالآنَ إذْ نَاصَيْتُ أعْنَانَ العُلا، | وَرَقِيتُ مِنْهَا أرْفَعَ الدّرَجَاتِ |
يَجرِي ليَدْخُلَ في غُبَارِ تَسَرّعي | مَنْ لَيْسَ يَعْشُرُ في الرِّهانِ أناتي |
وَيَذيمُني مَنْ لَوْ ضَغَمْتُ قَبيلَهُ، | يَوْمَ الفَخَارِ لَطَارَ في لَهَوَاتي |
جَدّي الذي رَفَعَ الأذانَ بِمَنْبِجٍ، | وَأقَامَ فيهَا قِبْلَةَ الصّلَوَاتِ |
وَأبي أبُو حَيّانَ قَائِدُ طَيِّءٍ | للرّومِ، تَحْتَ لِوَائِهِ المُنْصَاتِ |
وَوَليُّ فَتحِ الجِسرِ، إذْ أُغْرِي بهِ | عَمْرٌ، وَفَاعِلُ تِلكُمُ الفَعَلاتِ |
وَخُؤولَتي، فالحَوْفَزَانُ، وَحاتِمٌ، | وَالخالِدانِ الرّافِدانِ حُمَاتي |
ومن المعاشر أقدمون ومحدث | طرف النباهة ريض المسعاة |
إذْ لم يكُنْ شرَفُ المَناسِبِ يُشترَى | بالمَالِ في اللأوَاءِ وَاللَّزَبَاتِ |