عليك السلام أيها القمر البدر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
عَلَيكَ السَلامٌ، أيّها القَمَرُ البَدْرُ، | وَلا زَالَ مَعْمُوراً بِأيّامِكَ العُمْرُ |
وَداعاً لشَهرٍ، إنّ مِنْ شاسعِ النّوَى | على الكَبِدِ الحَرّى، إذا التهبتْ، شَهْرُ |
هوَ اسمُ فِرَاقٍ طالَ أوْ قَصُرَ المَدى، | فللصّدْرِ مِنهُ ما يَحُرُّ لَهُ الصّدْرُ |
أنا الظّالِمُ المُختارُ فَقدَكَ عالِماً | بفَقْدِ اللُّهَى فيهِ، وَما ظَلَمَ الدّهرُ |
ملأتُ يَدي فاشتَقْتُ، وَالشّوْقُ عادةٌ | لكُلّ غَرِيبٍ ذَلّ، عن يدِهِ، الفَقْرُ |
وَأيُّ امرئ يَشتاقُ، مِن بُعدِ أرْضِهِ، | إلى أهلِهِ، حتّى يكونَ لَهُ وَفْرُ |
تَلافَيتَني في ظَمأةٍ، فَدَفَعتَني | إلى نَائِلٍ، فيهِ المَخاضَةُ وَالغَمْرُ |
وَيَدنُو قَرَارُ البَحْرِ طَوْراً، وَرُبّما | تَبَاعَدَ حتّى لا يُنَالُ لَهُ قَعْرُ |
وَلَوْلاكَ ما أسخَطْتُ غُمّى وَرَوْضَها | وَنَهرَ دُجَيْلٍ بالذي رَضِيَ الثّغْرُ |
وَلا كانَ غَزْوُ الرّومِ بَعضَ مآرِبي، | وَهَمّي، وَلا ممّا أُطالِبُهُ الأَجرُ |
لِتعْلَمَ أنّ الوِدّ يَجْمَعُنَا علَى | صَفاءِ التّصَافي، قَبلَ يَجمعُنَا عمرُو |
وَإنّي متى أعْدُدْ معاليكَ أعْتَدِدْ | بها شَرفاً، إذْ كلَ فَخرُكَ لي فَخرُ |
وَلمْ أرَ مثلي ظَلّ يَمدَحُ نَفسَهُ، | وَيأخُذُ أجراً، إنّ ذا عَجَبٌ بُهْرُ |
وَما اخترْتُ داراً غَيرَ دارِكَ من قِلًى، | وَأينَ ترَى قَصْدي وَمن خلفيَ البَحْرُ |
فإنْ بِنْتُ مِنكُمْ مُصْبِحاً حضرَ الهَوى، | وَإنْ غِبتُ عَنكُمْ سائراً شهدَ الشِّعرُ |
سأشكُرُ لا أنّي أُجازِيكَ نِعْمَةً | بأُخرَى، وَلكِنْ كيْ يُقالَ لهُ شكرُ |
وَأذكُرُ أيّامي لَدَيْكَ وَحُسْنَهَا، | وَآخِرُ ما يَبقَى مِنَ الذّاهبِ الذّكْرُ |