له الويل من ليل تطاول آخره
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لَهُ الوَيْلُ مِنْ لَيْلٍ تِطَاول آخِرهْ، | وَوَشْكِ نَوَى حَيٍّ تُزَمُّ أبَاعِرُهْ |
إذا كانَ وِرْدُ الدّمعِ بالنّأيِ أعوَزَتْ، | بغَيرِ تَداني الحِلّتَينِ، مَصَادِرُهْ |
أدارَهُمُ الأُولى بِدارَةِ جُلْجُلٍ! | سَقَاكِ الحَيَا رَوْحَاتُهُ وَبَوَاكِرُهْ |
وَجَاءَكَ يَحكي يوسُفَ بنَ مُحَمّدٍ، | فَرَوّتْكِ رَيّاهُ، وَجادَكِ ماطِرُهْ |
عَلى أنّهُ، لَوْ شَاءَ رَبْعُكِ بَيّنَتْ | مَعالِمُهُ للصّبّ أينَ تُمَاضِرُهْ |
وإنّي لَثَانٍ مِنْ عِنَانَي، فَسائِلٌ | جآذِرَهُ، أينَ استَقَرّتْ جآذِرُهْ؟ |
تَقَضّى الصّبَا، إلاّ خَيَالاً يَعُودُني | بهِ ذو دَلالٍ، أحوَرُ الطَّرْفِ، فاترُهْ |
يَجُوبُ سَوَادَ اللّيل من عِندِ مُرْهَفٍ، | ضَعيفِ قَوَامِ الخَصرِ سُودٍ غَدائرُهْ |
فيُذكِرُني العهدَ القَديمَ وَلَيْلَةً، | لَدى سَمُرَاتِ الجِزْعِ إذ نامَ سامرُهْ |
وَعَهْداً أبَيْنَا فيهِ، إلاّ تَبايُناً، | فَلا أنَا نَاسِيهِ، وَلاَ هُوَ ذاكِرُهْ |
رأيتُ أبا يَعقُوبَ، والنّاسُ ذو حِجًى | يُؤمِّلُهُ، أوْ ذُو ضَلالٍ يُحاذِرُهْ |
هوَ المَلِكُ المَرجوُ للدّينِ والعُلا، | فَلِلّهِ تَقْوَاه، ولِلْمَجدِ سائرُهْ |
لهُ البأسُ يخشَى، والسّماحةُ تُرْتَجى، | فَلاَ الغَيثُ ثَانِيهِ، وَلاَ اللّيثُ عاشرُهْ |
وَقُورُ النّوَاحي، والنّدى يَستَخِفُّهُ | لنَا، وأمِيرُ الشّرْقِ، والجُودُ آمرُهْ |
إذا وَقَعَتْ بالقُرْبِ مِنْهُ مُلِمّةٌ، | ثَنَى طَرْفَهُ نَحْوَ الحُسَامِ يُشَاوِرُهْ |
إذا خَرِسَ الأبطالُ في حَمَسِ الوَغَى، | عَلَتْ فَوْقَ أصْوَاتِ الحَديدِ زَماجرُهْ |
إذا التَهَبَتْ في لحظِ عَيْنَيْهِ غَضْبَةٌ، | رأيْتَ المَنَايَا في النّفُوسِ تُؤامِرُهْ |
وَلاَ عِزّ للإشْرَاكِ مِنْ بَعدِ ما التَقَتْ | على السّفحِ من عَليا طَرُونَ عَساكرُهْ |
وَلَيْسَ بِهِ ألاّ يَكُونَ مَرَامُهَا | عَسيراً، ولَكِنْ أسلَمَ الغابَ خادِرُهْ |
وَمَا كَانَ بُقرَاطُ بنُ آشُوطَ عِندَهُ | بأوّلِ عَبْدٍ، أوبقَتْهُ جَرَائرُهْ |
وَقد شاغَبَ الإسْلاَمَ، خَمسينَ حِجّة، | فلا الخَوْفُ ناهيهِ، وَلا الحِلْمُ زَاجرُهْ |
وَلَمّا التَقَى الجَمعَانِ لمْ تَجتَمعْ لَهُ | يَداهُ، وَلَمْ يَثبُتْ عَلى البيضِ ناظرُهْ |
وَلَمْ يَرْضَ من جَرْزَانَ حِرْزاً يُجِيرُهْ، | وَلاَ في جِبَالِ الرّومِ رَيْداً يُجاوِرُهْ |
فَجَاءَ مَجيءَ العَيْرِ قادَتْهُ حَيرَةٌ | إلى أهرَتِ الشّدقَينِ تَدمى أظافِرُهْ |
وَمَنْ كَانَ في استِسْلاَمِهِ لائِماً لَهُ، | فإنّي عَلى ما كانَ مِنْ ذَاكَ عاذِرُهْ |
وَكَيفَ يَفُوتُ اللّيثَ في قيدِ لحظَةٍ، | وَكَانَ عَلى شَهْرَيْنِ، وَهوَ مُحَاصِرُهْ |
تَضَمّنَهُ ثِقلُ الحَديدِ، فأُحكِمَتْ | خَلاخِلُهُ مِنْ صَوْغِهِ، وأسَاوِرُهْ |
فإنْ أدْرَكَتْهُ بالعِرَاقِ مَنِيّةٌ، | فَقاتِلُهُ، عِندَ الخَليفَةِ، آسِرُهْ |
بتَدْبِيرِكَ المَيمونِ أُغْلِقَ كَيْدُهُ | عَلَيْهِ، وَكَلّتْ سُمرُهُ وَبَوَاتِرُهْ |
وَطَيِّكَ سِرّاً، لَوْ تَكَلّفَ طَيَّهُ | دُجَى اللّيلِ عَنّا لَمْ تَسَعْهُ ضَمَائِرُهْ |
وَلَمْ يَبقَ بِطْرِيقٌ لَهُ مثلُ جُرْمِهِ | بأَرّانَ، إلاّ عَازِبُ اللّبّ طائِرُهْ |
كَسَرْتَهُمُ كَسَرَ الزّجَاجَةِ بَعدَهُ، | وَمَنْ يَجْبِرُ الوَهْيَ الذي أنتَ كاسرُهْ |
فإنْ يَكُ هذا أوّلَ النّقصِ فيهِمِ، | وكنتَ لَهُمْ جاراً، فَما هو آخِرُهْ |
وَمَا مُسْلِمُ الثّغْرِ، المُعَانِدِ رَبَّهُ، | بِنَاءٍ عن الكأسِ، التي اشتَفّ كافرُهْ |
وَقَدْ عَلِمَ العاصي، وإنْ أمعَنَتْ بهِ | محَلّتُهُ في الأرْضِ، أنّكَ زَائِرُهْ |
حُسَامٌ، وَعَزْمٌ كالحُسامِ، وَجَحْفَلٌ | شِدادٌ قُوَاهُ، مُحصدَاتٌ مَرَائِرُهْ |
قَليلُ فُضُولِ الزّادِ، إلاّ صَوَاهلاٌ | ظَهَارِيُّ طَعْنٍ، أوْ حَديداًٌ يُظاهِرُهْ |
إذا انْبَتّ في عَرْضِ الفَضَاءِ فمَذحِجٌ | مَيامِنُهُ، والحَيُّ قَيسٌ مَيَاسِرُهْ |
تهول الصدور الهائلات سليمة | واعصره في السابغات وعامرة |
أمَعشَرَ قَيسٍ، قَيسِ عَيلانَ، إنّكُمْ | حُماةُ الوَغَى، يوْمَ الوَغى، وَمَساعِرُهْ |
عَجِلْتُمْ إلى نَصْرِ الأميرِ، وَلَمْ يَزَلْ | يُوَالَى مُوَالِيهِ، ويُنْصَرُ ناصِرُهْ |
وإنْ يَكثُرِ الإحْسانُ مِنكُمْ، فإنّهُ | بأنْعُمِهِ جازٍ عَلَيْهِ، وَشَاكِرُهْ |
غَدا قِسْمَةً عَدْلاً، فَفيكُمْ نَوَالُهُ، | وَفي سَرْوِ نَبْهَانَ بنِ عَمْروٍ مآثِرُهْ |
وَلاَ عَجَبٌ إنْ تَشهَدوا الطّعنَ دونَهُ، | وَمَا عَشَرَتْكُمْ في نَداهُ عَشائِرُهْ |
وَلَوْ لمْ تَكُنْ إلاّ مَساعيكُمُ التي | يَقُومُ بها، بينَ السّماطَينِ، شاعرُهْ |