نحن الفداء فمأخوذ ومرتقب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نحنُ الفِداءُ، فمَأخُوذٌ وَمُرْتَقَبُ، | يَنُوبُ عَنكَ إذا هَمّتْ بك النُّوَبُ |
قد قابَلَتْكَ سُعودُ العَيشِ ضَاحِكَةً، | وَأوْصَلَتكَ، وَكانَتْ أمسِ تجتِنبُ |
وَنِعْمَةٌ مِنْ أمِينِ الله ضَافيَةٌ | عَلَيْكَ، في رُتْبَةٍ مِنْ دونِهَا الرُّتَبُ |
تَمَلَّهَا، يا أبَا أيّوبَ، إنّ لَهَا | عِزّ الحَياةِ، وفيها الرَّعْبُ والرَّهَبُ |
كَمْ من رَجاءٍ غَداةَ اقتَدتَ جِرْيتَها | قد شُدّ فيها إلَيكَ الدّلُو والكَرَبُ |
مَا للّيَالي أرَاهَا لَيْسَ يَجْمَعُهَا | حَالٌ، وَيَجمَعُها من جِذمِها نسَبُ |
ها إنّهَا عُصْبَةٌ جَاءَتْ مُخالِفَةً | بَعضٌ لبَعضٍ، فخِلنا أنّها عُصَبُ |
وَنَعذُلُ الدّهرَ، إنْ وَافَى بنائِبَةٍ، | وَلَيسَ للدّهرِ فيمَا نَابَنَا أرَبُ |
الحَمدُ لله حَمداً تَمّ وَاجِبُهُ، | وَنشّكْرُ الله شُكْراً مثلَ ما يجِبُ |
أرْضَى الزّمانُ نُفوساً طال ما سخِطتْ، | وَأعتَبَ الدّهرُ قَوْماً طالَ ما عَتِبُوا |
وَأكْسَفَ الله بالَ الكاشحينَ على | وَعْدٍ، وأبطَلَ ما قالوا، وَما كذَبُوا |
لتَهْنِكَ النّعْمَةُ المُخْضَرُّ جانِبُهَا | مِنْ بَعدما اصفر في أرْجائِها العُشُبُ |
و كانَ أُعطيَ منها حاسِدٌ حَنِقٌ | سُؤلاً، وَنُيّبَ فيها كاشحٌ كَلِبُ |
فمِنْ دُموعِ عُيونٍ قلما ما دَمَعتْ، | وَمن وَجيبِ قُلُوبٍ قلما ما تَجِبُ |
عافُوكَ، خَصّكَ مكْرُوهٌ فعَمَّهُمُ، | ثمّ انْجَلَى فتَجَلّتْ أوّجُهٌ شُحُبُ |
بحُسْنِ رَأيِ أميرِ المُؤمِنِينَ، وَما | لصَاعِدٍ، وَهْوَ مَوْصُولٌ بهِ، نسَبُ |
ما كانَ، إلاّ مُكافاةً وَتَكْرِمَةً، | هذا الرّضَا، وَامتحاناً ذلكَ الغَضَبُ |
وَرُبّمَا كان مَكْرُوهُ الأمُورِ إلى | مَحْبُوبِهَا سَبَبَاً، ما مِثَلهُ سَبَبُ |
هَذي مَخايِلُ بَرْقٍ خَلْفَهُ مَطَرٌ | جَوْدٌ، وَوَرْيُ زِنَادٍ خَلفَهُ لَهَبُ |
وأزْرَقُ الفَجْرِ يَأتي قَبلَ أبيَضِهِ، | وَأوّلُ الغَيثِ مطرٌّ، ثمّ يَنسَكِبُ |
إنّ الخَليفَةَ قَدْ جَدّتْ عَزِيمَتُهُ، | فيما يُرِيدُ، وَما في جِدّهِ لَعِبُ |
رآك، إنْ وَقَفوا في الأمرِ، تَسبُقُهمْ | هَدْياً، وَإنْ خَمَدوا في الرّأي تَلتَهبُ |
كأنّني بكَ قَدْ قُلّدْتَ أعْظَمَها | أمْراً، فَلا مُنكَرٌ بِدْعٌ، وَلا عَجبُ |
فَلا تَهُمَّ بتَقْصِيرٍ، وَلا طبَعٍ، | وَلوْ همَمتَ نَهاكَ الدّينُ وَالحَسَبُ |
قَلْبٌ، يُطِلُّ على أفكارِهِ، وَيَدٌ | تُمضِي الأمورَ، وَنَفسٌ لهوُها التّعبُ |
وَقاطعٌ للخُصُومِ اللُّدِّ، إنْ نَخِبَتْ | قُلُوبُهُمْ، فَسَرَايا عَزْمِهِ نُخَبُ |
لا يتحظى كما احتج البخيل، ولا | يحب من ماله إلا الذي يهب |
حُلْوُ الحديثِ إذا أعطَى مُسايِرَهُ | تلك الأعاجيب أصْغى المَوْكبُ اللَّجبُ |
لَوْلا مَوَاهبُ يُخْفيهَا وَيُعْلِنُهَا، | لَقُلْتُ ما حدثوا عن حاتِمٍ كَذِبُ |
يا طالبَ المَجدِ، لا يَلْوِي على أحَدٍ، | بالجِدّ مِنْ طَلَبٍ، كأنّهُ هَرَبُ |
إسْلَمْ سَلِمْتَ على الأيّامِ ما بَقيَتْ | قَرَائنُ الدّهرِ، وَالأيّامُ، وَالحِقَبُ |
وَلا أمُنُّ عَلَيْكَ الشّكْرَ مُتّصِلاً، | إذا بَعُدْتُ، وُمني حينَ أقترِبُ |
وَ ما صَحِبتُكَ من خوْفٍ ولا طَمَعٍ، | بلِ الشّمائلُ، والأخلاقُ تُصْطَحَبُ |