أخي إنه يوم أضعت به رشدي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أخي إنّه يَوْمٌ أضَعتُ بهِ رُشْدِي، | وَلم أرْضَ هَزْلي في انصرَافي، وَلا جدّي |
تَرَكْتُكَ لمّا استَوْقَفَ الدَّجنُ رَكبَه | علَينا وَطارَ البرْقُ خَوْفاً منَ الرّعدِ |
فلا ترَ بالخَضرَاءِ مثلَ الذي رَأى | صَديقُك بالدّكْناءِ من عَوْده المُبدِي |
لَجَرَّ عَليّنا الغَيْثُ هُدّابَ مُزْنَةٍ، | أوَاخِرُها فيهِ، وَأوّلُها عِنْدِي |
تَعَجّلَ عَنْ ميقَاتِهِ، فكأنّهُ | أبُو صَالحٍ قَدْ بِتُّ مِنْهُ على وَعْدِ |
فظِلْتُ أُقاسِي حارِثيّكَ بَعدمَا انْـ | ـصرَفتُ، فسَلني عَن مُعاشرَةِ الجُنْدِ |
لَدَى خُلُقٍ جَاسِي النّوَاحي، كأنّني | أُصَارِعُ منهُ هاديَ الأسَدِ الوَرْدِ |
إنّي لفِعْلِكَ، يا مُحَمّدُ، حامدُ، | وَإلَيْكَ بالأمَلِ المُصَدَّقِ، قاصِدُ |
يُوصِيكَ بي عَطفُ القرِيبِ، وَمَذهبٌ | في الرّشدِ، سهّلَهُ أمامكَ رَاشِدُ |
ولقد هززت فكنت أحمد منصل | غمدته لخمك في العلا أو غامد |
أدْعُوكَ بالرّحِمِ القَرِيبَةِ، إنّها | وَلْهَى، تَحِنُّ كمَا نَحِنُّ الفَاقِدُ |
وَبحُرْمَةِ الأدَبِ المُقَرِّبِ بَيْنَنَا، | وَالنّاسُ فيهِ أقَارِبٌ وَأبَاعِدُ |
وَقِيَامِنَا بالإعْتِقَادِ، وَنَصْرِنَا | للحَقّ، إنْ نَصَرَ الضّلالَ مُعَانِدُ |
إنّ الأمِيرَ، وَإنْ تَدَفّقَ جُودُهُ، | فجَنَابُ جودكَ كَيفَ شاءَ الرّائدُ |
أوْ كانَ في كَرَمِ السّماحةِ وَاحِداً، | فلأنْتَ في كَرَمِ العِنَايَةِ وَاحِدُ |
وَلَقَدْ غَدَوْتَ أخاً وَرُحتَ برَأفَةٍ، | وَحِيَاطَةٍ، حتّى كأنّكَ وَالِدُ |
وَبَدَأتَ في أمْرٍ، فَعُدْ، إنّ الفَتى | بَادٍ لِمَا جَلَبَ الثّنَاءَ، وَعَائِدُ |
لَمْ أنْأ عَمّا كُنْتُ فيهِ، وَلَمْ أغِبْ | عَنْ حَظّ مكرمةٍ، وَرَأيُكَ شَاهِدُ |