ألا غادِ دمعَ العينِ إنْ كنتَ غاديا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألا غادِ دمعَ العينِ إنْ كنتَ غاديا | فلستُ ألوامُ اليومَ بعدك " باكيا " |
ولو كنتُ لا أخشَى دموعاً غزيرة ً | تنُمُّ على ما بي كتَمْتُك ما بِيا |
وغيرُ لساني ناطقٌ بسريرتي | فلم ينجنى أنّى ملكتُ لسانيا |
أعِنِّي على شَجْوي بشجوٍ مُضاعفٍ | ولا تُدِنني قلباً منَ الحزنِ خاليا |
ولا تسلنى عمّنْ رزئتُ وإنْ تردْ | مساعفتى فى " الرّزءِ لم تك " ساليا |
إذا صاحبي أَضحى وبي مثلُ ما بهِ | غداة َ تلاقينا أطلنا التّشاكيا |
يلوم المعافى وهو خلوٌ من الأذى | ولم يَعْنِهِ من أمرهِ ما عنانِيا |
ولو كان ما بى من هوى لمحجّبٍ | أقام على هجرى أطعتُ اللّواحيا |
وَهمٌّ عراني من أخٍ عَصَفَتْ به | صروفُ اللّيالى ليته ما عرانيا |
فقرّبَ منّى كلَّ ما كان شاحطاً | وبعّد منّى كلَّ ما كان دانيا |
وقلتُ لمنْ ألقى إلى َّ نعيّهُ | على الكرهِ منّى : لا أباً لك ناعيا |
هَتَفْتَ إلى قلبي بفقدِ محمَّدٍ | فغادرتَ أيّامى على َّ لياليا |
ولمّا تباكينا عليه وعُرِّيَتْ | طماعتنا منه شأوتُ البواكيا |
فقلْ لأناسٍ أمكنوا من أديمهمْ | بما رَكبوا منه هناك العواريا: |
خذوها كما شاء العقوقُ " عضيهة ً " | وجرّوا بها حتّى المماتِ المخازيا |
ولا ترحضوها بالمعاذير عنكمُ | فلنْ تُخفيَ الأقوالَ ما كانَ باديا |
" ألؤماً " مبيناً للعيون وأنتمُ | تعدّون " عرقاً " فى " الأكارم " خافيا ؟ |
فلو كنتُمُ منه كما قيلَ فيكمُ | لكفكفتمُ عنه سيوفاً نوابيا |
خطَوْتُمْ إليه بالحِمامِ ذِمامَكمْ | فأنّى ولم تخطوا إليه العواليا ؟ |
أفى الحقّ أنْ تعدوا عليه " ولم يكنْ " | على مثلكمْ - ما غدرَ النّاسُ - عاديا |
فما نفعُكمْ إنْ نِلتُمُ منه غِيلَة ً | وما ضَرَّه أنْ زَلَّ في التُّرْبِ هاويا |
فَتكْتُمْ به غَدْراً فألاّ وكفُّهُ | تقلّبُ مسنونَ الغرارينِ ماضيا ؟ |
على قارحٍ مثلِ العلاة ِ وتارة ً | تراهُ كسِرْحانِ البسيطة ِ عادِيا |
ملكتمْ عليه مِنَّة ً لو نهضتُمُ | إلى كسبها نلتمْ بذاك الأمانيا |
ولكنّكمْ ضيّعتموه شقاوة ً | فكنتُمْ كمُهرِيقِ الإداوة ِ صادِيا |
وهوَّن وَجْدي أنَّ قتلاً أراحَهُ | ولم يتحمّلْ للّئامِ الأياديا " |
فيا ليتَ أنّي يومَ ذاك شَهِدتُهُ | فدافعتُ عنه باليدينِ الأعاديا |
وروَّيتُ من ماءِ التّرائبِ والطُّلى | من الغادرين صعدتى وسنانيا |
بني مَزْيَدٍ لاتقتلوا بأخيكُمُ | منَ القومِ خَوّارَ الأنابيبِ خاويا |
وإنْ تثْأَروا فالثّأْرُ بالحيِّ كلِّهِ | وما ذاك من داءِ الرَّزيَّة ِ شافيا |
ألا قوّضوا تلك الخيامَ على الرّبا | وكبّوا جفاناً للقرى ومقاريا |
وجُزّوا رقابَ الخيلِ حولَ قبابهِ | فلستُ براضٍ أنْ تجزّوا النّواصيا |
وحثّوا عويلَ النّادباتِ وأبرزوا | إليهنّ عُوناً منكمُ وعَذارِيا |
ولا تسكنوا تلك المغانى َ بعده | " فقد أوحشتَ تلك المغانى مغانيا " |
ولولا الذي أبقَى لنا اللَّهُ بعدَهُ | بمَثْوَى عَليِّ لافتقدنا المعاليا |
" هوى " كوكبٌ والبدرُ فى الأفقِ طالعٌ | فما ضَرَّ مُرتاداً ولاضَلَّ ساريا |
إذا طعنوا لزّوا الكلى فى نحورها | وإن ضربوا قَدُّوا الطُلَى والتَّراقِيا |
بِداراً إلى السَّرحِ المُفْيءِ بقفرة ٍ | فقد هاج راعى السّرحِ أسداً ضواريا |
ولا تَتَعمَّدْ جانيَ القومِ منهمُ | فكلُّ امرىء ٍ فى الحى ِّ أصبح جانيا |
سقَى اللَّهُ قبراً حلَّ غربيَّ واسطٍ | ولا زال من نوءِ السّماكين حاليا |
ولا برحتْ غرُّ السّحائبِ تربه | تُنشِّرُ حَوْذاناً به وأقاحيا |
تعزَّ ابنَ حمدٍ فالمصائبُ جمّة ٌ | يصبنَ عدوّاً أوْ يصبنَ مصافيا |
وهلْ نحنُ في الأيّامِ إلاّ معاشرٌ | نُقضِّي دُيوناً أوْ نردُّ عواريا |
أجلْ فى الورى طرفاً فإنّك مبصرٌ | قُبوراً مُثولاً أوْ دياراً خواليا |
وداءُ الرّدى فى النّاسِ أعيا دواءهُ | فلا تشكُ داءً أوْ تصيبَ مداويا |
إذا شئتَ أنْ تَلْقَى مُنَى العيش كلِّه | فكنْ بالذى يقضى به لله راضيا |
وكيفَ أُعاطيك العَزاءَ؟ وإنَّما | مصابُك فيه يابنَ حَمْدٍ مُصابيا |
ولستُ أبالى من مضى من أصادقى | إذا كنتَ لي ـ وُقِّيتُ فَقْدَك ـ باقيا |