حتّامَ ذمِّي عندكمْ أزماني
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حتّامَ ذمِّي عندكمْ أزماني | وبحبِّكمْ طرقَ الزّمانُ جَناني؟ |
تالله ما أنصفتمُ فى حبّكمْ | فرداً وأنتمْ والغرامُ اثنانِ |
لو أنّ هذا الحبَّ يظهر شخصهُ | لدخلتُ في أحشائهِ بسِنانِ |
لكنَّه يرمي القلوبَ ويتَّقي | بسوادِها من أسهمِ الشُّجعانِ |
يا ليتَ شعرى كيف يثأر عاشقٌ | وعدوّه فى موطنِ الأخدانِ ؟ |
يا مَن يغيرُ على المحبِّ بقلبهِ | ألاّ انفردتَ له من الأعوان ؟ |
لو كانَ ذاك لما انفردتَ بطائلٍ | ولعدتَ تسحب بردة َ الحرمانِ |
وأنا الّذى راع اللّيالى بأسهُ | فشعارها من أسترِ الألوان |
يلقَى الرَّدَى بعزيمة ٍ هو عندَها | والعيشُ إلاّ في الذُّرا سِيّانِ |
سَلْ عنِّيَ الأبطالَ إذْ عمَّمْتُهمْ | بقواضبى بدلاً من التّيجانِ |
تُخبِرْكَ عن نَصْلِ الفَراشِ رؤوسُهمْ | ونحورُهمْ تُنبيك عن خُرصاني |
لا تأمنُ الأعداءُ منّى نجدة ً | ظفرى بهمْ يلقاهمُ بأمانى |
يا عاذلى فى بذلِ نفسى للوغى | أنتَ الكفيلُ بعيشِ كلِّ جبانِ |
إنَّ الرَّدى دَيْنٌ عليكَ قضاؤه | فاسمحْ به في أشرفِ الأوطانِ |
من فات أسبابَ الرّدى يوم الوغى | لحقتهُ فى أمنٍ يدُ الحدثانِ |
لو كانَ هذا الدَّهرُ يُنصفُ ساعياً | لوطئتُ منه مطالعَ الدّبرانِ |
لا تأملنْ زمناً يؤلّف ورده | بين الأسودِ الشّوسِ والسّرحانِ |
يعطى بنيهِ العيشَ لا عن صبوة ٍ | ويشلّهمْ عنه بلا شنآنِ |
فمتى رأيتَ مجرِّراً أذيالَهُ | ناديته يا صاحبَ الأكفانِ |
عندى له صبرٌ يردّدُ ريقه | في صدره وقذاهُ في الأجفانِ |
ولطَالما جرَّعتهُ كأسَ الأسى | وجَدَحْتُها بأسنَّة ِ المُرّانِ |
كن يا زماني كيف شئتَ فلن تَرى | شخصَ المذلّة ِ لائذاً بلُباني |
ما كلُّ مَن تَلقَى يبيعُك عقلَه | ولَبَيْعُهُ من أكبرِ الخُسْرانِ |
ألقيتُ عن قلبي السُّرورَ لفارغٍ | من همَّتي بغرورِه ملآنِ |
ما عاقني سِرْبُ السُّرورِ، وإنَّما | كبرُ النّفوسِ شبيبة ُ الأحزانِ |
ومُبرَّإٍ من كلِّ ماشمل الورَى | ألقيتُ من ثِقَتي إليه عِناني |
لمّا كساني حُلَّة ً من وُدِّهِ | أُنْسِيتُ سَلْبَ حَبائبي رَيْعاني |
ما زلتُ أفحصُ في الورَى عن مثلهِ | حتّى ظفرتُ بمن أقول كفانى |
طمحتْ إليه عينُ كلِّ رئاسة ٍ | لولاه ما نظرتْ إلى إنسانِ |
لو شاء ما فاتَتْه أبعدُ رُتْبَة ٍ | يسعى إليها الخلقُ بالأجفانِ |
لكنَّه نظرَ الممالكَ دونَهُ | فَزَها على السُّلطانِ مِن سلطانِ |
سبقَ الكرامَ السّالفين إلى العُلا | والسَّبْقُ للإحسانِ لا الأزمانِ |
يا مَنْ عَلا بي ظهرَ وَرْدٍ سابقٍ | لمّا رأى ذمّى إليه حصانى |
إيّاك أنْ تفشى سريرة َ وذّنا | فيصدّنى عن قربك الملوانِ |
ويمدّ صرفُ الدّهرِ نحوى طرفه | وهو الذي لولاكَ ليس يراني |
هذا الذي ذكراهُ آنسَ ناظري | وهواهُ أوحشني منَ الأشجانِ |
أُهدي إليه من كلامي أيِّمّا | لكنْ لها من مدحهِ بعلانِ |
تتجاذبُ الخُطّابُ دونَ جَنائها | ويردُّ عنها أجملُ الفتيانِ |
فتودُّ كلُّ جوارحى فى مدحه | أنْ كنَّ من شوقٍ إليه لساني |